Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: كتاب الطهارة

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة

فصل في المياه

الماء: إمّا مطلق، أو مضاف كالمعتصر من الأجسام، كماء الرقّي والرمّان، والممتزج بغيره ممّا يخرجه عن صدق اسم الماء، كماء السكّر والملح.
والمطلق أقسام: الجاري، والنابع بغير جريان، والبئر، والمطر، والواقف، ويقال له: الراكد.

(مسألة 1): الماء المضاف طاهر في نفسه، وغير مطهّر لا من الحدث ولا من الخبث، ولو لاقى نجساً ينجس جميعه ولو كان ألف كرّ([28]). نعم إذا كان جارياً من العالي إلى السافل ـ ولو بنحو الانحدار مع الدفع بقوّة([29]) ـ ولاقى أسفله النجاسة، تختصّ بموضع الملاقاة وما دونه، ولا تسري إلى الفوق.

(مسألة 2): الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن الإطلاق، نعم لو مزج معه غيره وصعّد ربما يصير مضافاً، كماء الورد ونحوه، كما أنّ المضاف المصعّد قد يكون مضافاً. والمناط هو حال الاجتماع بعد التصعيد، فربما يكون المصعّد الأجزاء المائيّة وبعد الاجتماع يكون ماءً مطلقاً، وربما يكون مضافاً.

(مسألة 3): إذا شكّ في مائع أنّه مطلق أو مضاف، فإن علم حالته السابقة يبني عليها إلاّ في بعض الفروض، كالشبهة المفهوميّة والشكّ في بقاء الموضوع، وإن لم يعلم حالته السابقة فلا يرفع حدثاً ولا خبثاً، وإذا لاقى النجاسة فإن كان قليلاً ينجس قطعاً، وإن كان كثيراً فالظاهر أنّه يحكم بطهارته.

(مسألة 4): الماء المطلق ـ بجميع أقسامه ـ يتنجّس فيما إذا تغيّر بسبب ملاقاة النجاسة أحدُ أوصافه: اللون والطعم والرائحة، ولا يتنجّس فيما إذا تغيّر بالمجاورة، كما إذا كان قريباً من جيفة فصار جائفاً. نعم إذا وقعت الجيفة خارج الماء، ووقع جزء منها فيه، وتغيّر بسبب المجموع من الداخل والخارج، تنجّس.

(مسألة 5): المعتبر تأثّر الماء بأوصاف النجاسة، لا المتنجّس، فإذا احمرّ الماء بالبَقَّم المتنجّس، لا ينجس إذا كان كرّاً أو جارياً أو نحوهما.

(مسألة 6): المناط تغيّر أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة وإن كان من غير سنخ النجس، فلو اصفرّ الماء مثلاً بوقوع الدم فيه تنجّس.

(مسألة 7): لو وقع في الماء المعتصم متنجّس حامل لوصف النجس بوقوعه فيه، فغيّره بوصف النجس، لم يتنجّس على الأقوى([30])، كما إذا وقعت ميتة في ماء فغيّرت ريحه، ثمّ اُخرجت منه وصُبّ ذلك الماء في كرّ فغيّر ريحه. نعم لو حمل المتنجّس أجزاء النجس فتغيّر المعتصم بها تنجّس.

(مسألة 8): الماء الجاري ـ وهو النابع السائل ـ لا ينجُس بملاقاة النجس، كثيراً كان أو قليلاً. ويُلحق به النابع الواقف كبعض العيون، وكذلك البئر على الأقوى، فلا ينجس المياه المزبورة إلاّ بالتغيّر.

(مسألة 9): الراكد المتّصل بالجاري حكمه حكم الجاري، فالغدير المتّصل بالنهر بساقية ونحوها كالنهر، وكذا أطراف النهر وإن كان ماؤها واقفاً.

(مسألة 10): يطهر الجاري وما في حكمه لو تنجّس بالتغيّر، إذا زال تغيّره ولو من قِبَل نفسه وامتزج بالمعتصم([31]).

(مسألة 11): الراكد بلا مادّة ينجس بملاقاة النجاسة إذا كان دون الكرّ، سواء كان وارداً عليها أو موروداً، ويطهر بالامتزاج بماء معتصم، كالجاري والكرّ وماء المطر. والأقوى عدم الاكتفاء بالاتّصال بلا امتزاج.

(مسألة 12): إذا كان الماء قليلاً، وشكّ في أنّ له مادّة أم لا، فإن كان في السابق ذا مادّة وشكّ في انقطاعها، يبني على الحالة الاُولى، وإلاّ فلا، لكن مع ملاقاته للنجاسة يحكم بطهارته على الأقوى.

(مسألة 13): الراكد إذا بلغ كرّاً لا ينجس بالملاقاة إلاّ بالتغيّر، وإذا تغيّر بعضه فإن كان الباقي بمقدار كرّ، يبقى غير المتغيّر على طهارته، ويطهر المتغيّر إذا زال تغيّره بالامتزاج بالكرّ الباقي([32])، وإذا كان الباقي دون الكرّ ينجس الجميع.

(مسألة 14): للكرّ تقديران:
أحدهما: بحسب الوزن، وهو ألف ومائتا رطل عراقيّ، وهو بحسب حقّة كربلاء والنجف المشرّفتين ـ وهي عبارة عن تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالاً وثلث مثقال ـ خمس وثمانون حُقّة وربع ونصف ربع بقّالي ومثقالان ونصف مثقال صيرفي، وبحسب حُقّة إسلامبول ـ وهي مائتان وثمانون مثقالاً ـ مائتا حُقّة واثنتان وتسعون حُقّة ونصف حُقّة، وبحسب المنّ الشاهي ـ وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالاً ـ يصير أربعة وستّين منّاً إلاّ عشرين مثقالاً، وبحسب المنّ التبريزي، يصير مائة وثمانية وعشرين منّاً إلاّ عشرين مثقالاً، وبحسب منّ البمبئي ـ وهو أربعون سيراً، وكلّ سير سبعون مثقالاً ـ يصير تسعة وعشرين منّاً وربع منّ، وبحسب الكيلو المتعارف (419 / 377) على الأقرب.

وثانيهما: بحسب المساحة، وهو ما بلغ ثلاثة وأربعين شبراً إلاّ ثمن شبر على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة.

(مسألة 15): الماء المشكوك كريّته إن علم حالته السابقة يبني على تلك الحالة، وإلاّ فالأقوى عدم تنجّسه بالملاقاة وإن لم يجرِ عليه سائر أحكام الكرّ.

(مسألة 16): إذا كان الماء قليلاً فصار كرّاً، وقد علم ملاقاته للنجاسة، ولم يعلم سبق الملاقاة على الكرّيّة أو العكس، يحكم بطهارته، إلاّ إذا علم تاريخ الملاقاة دون الكرّيّة، وأمّا إذا كان كرّاً فصار قليلاً، وقد علم ملاقاته للنجاسة، ولم يعلم سبق الملاقاة على القلّة أو العكس، فالظاهر الحكم بطهارته مطلقاً حتّى فيما إذا علم تاريخ القلّة.

(مسألة 17): ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغيّر، والأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصلبة، وإن كان كفاية صدق المطر عليه([33]) لا يخلو من قوّة.

(مسألة 18): المراد بماء المطر ـ الذي لا يتنجّس إلاّ بالتغيّر ـ القطرات النازلة والمجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليه، وكذا المجتمع المتّصل بما يتقاطر عليه المطر، فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال عدم انقطاع المطر، كالماء المجتمع فوق السطح المتقاطر عليه المطر.

(مسألة 19): يطهّر المطر كلّ ما أصابه من المتنجّسات القابلة للتطهير، من الماء والأرض والفرش والأواني، والأقوى اعتبار([34]) الامتزاج في الأوّل، ولا يحتاج في الفرش ونحوه إلى العصر والتعدّد، بل لا يحتاج في الأواني أيضاً إلى التعدّد. نعم إذا كان متنجّساً بولوغ الكلب فالأقوى لزوم التعفير أوّلاً، ثمّ يوضع تحت المطر، فإذا نزل عليه يطهر من دون حاجة إلى التعدّد.

(مسألة 20): الفراش النجس إذا وصل إلى جميعه المطر ونفذ في جميعه([35])، يطهُر ظاهراً وباطناً، ولو أصاب بعضه يطهُر ما أصابه([36])، ولو أصاب ظاهره ولم ينفذ فيه يطهُر ظاهره فقط.

(مسألة 21): إذا كان السطح نجساً فنفذ فيه الماء، وتقاطر من السقف حال نزول المطر، يكون طاهراً وإن كان عين النجس موجوداً على السطح، وكان الماء المتقاطر مارّاً عليها. وكذلك المتقاطر بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء المحتبس في أعماق السقف، أو كونه غير مارّ على عين النجس، ولا على ما تنجّس بها بعد انقطاع المطر، وأمّا لو علم أنّه من المارّ على أحدهما بعد انقطاعه يكون نجساً.

(مسألة 22): الماء الراكد النجس، يطهُر بنزول المطر عليه وامتزاجه به، وبالاتّصال بماء معتصم كالكرّ والجاري والامتزاج به([37])، ولا يعتبر كيفيّة خاصّة في الاتّصال، بل المدار مطلقه ولو بساقية أو ثقب بينهما، كما لا يعتبر علوّ المعتصم أو تساويه مع الماء النجس. نعم لو كان النجس جارياً من الفوق على المعتصم، فالظاهر عدم الكفاية في طهارة الفوقاني في حال جريانه عليه.

(مسألة 23): الماء المستعمل في الوضوء، لا إشكال في كونه طاهراً ومطهّراً للحدث والخبث. كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهراً ومطهّراً للخبث، بل الأقوى كونه مطهّراً للحدث أيضاً.

(مسألة 24): الماء المستعمل في رفع الخبث المسمّى بالغُسالة نجس مطلقاً.

(مسألة 25): ماء الاستنجاء ـ سواء كان من البول أو الغائط ـ طاهر([38]) إذا لم يتغيّر أحد أوصافه الثلاثة، ولم يكن فيه أجزاء متميّزة من الغائط، ولم يتعدّ فاحشاً على وجه لا يصدق معه الاستنجاء، ولم تصل إليه نجاسة من خارج. ومنه ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة اُخرى ـ مثل الدم ـ حتّى ما يُعدّ جزءً منهما على الأحوط([39]).

(مسألة 26): لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على اليد وإن كان أحوط.

(مسألة 27): إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة ـ كإناء في عشرة ـ يجب الاجتناب عن الجميع، وإذا لاقى بعض أطرافه شيء، وكانت الحالة السابقة في ذلك البعض النجاسة، فالأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ الحكم بنجاسة الملاقي، ومع عدمها ففيه تفصيل.

(مسألة 28): لو اُريق أحد الإناءين المشتبهين يجب الاجتناب عن الآخر.

فصل في أحكام التخلّي

(مسألة 1): يجب في حال التخلّي ـ كسائر الأحوال ـ ستر العورة عن الناظر المحترم، رجلاً كان أو امرأة، حتّى المجنون والطفل المميّزين، كما يحرم النظر إلى عورة الغير ولو كان المنظور مجنوناً أو طفلاً مميّزاً. نعم لا يجب سترها عن غير المميّز، كما يجوز النظر إلى عورة الطفل غير المميّز. وكذا الحال في الزوجين والمالك ومملوكته ناظراً ومنظوراً. وأمّا المالكة ومملوكها فلايجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر، بل إلى سائر بدنه أيضاً على الأظهر. والعورة في المرأة هنا القبل والدبر، وفي الرجل هما مع البيضتين، وليس منها الفخذان ولا الإليتان، بل ولا العانة ولا العجان. نعم في الشعر النابت أطراف العورة الأحوط الاجتناب ناظراً ومنظوراً. ويستحبّ ستر السرّة والرُكبة وما بينهما.

(مسألة 2): يكفي الستر بكلّ ما يستر ولو بيده أو يد زوجته مثلاً.

(مسألة 3): لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل ولا في المرآة والماء الصافي.

(مسألة 4): لو اضطرّ إلى النظر إلى عورة الغير ـ كما في مقام العلاج ـ فالأحوط([40]) أن ينظر إليها في المرآة المقابلة لها إن اندفع الاضطرار بذلك، وإلاّ فلا بأس.

(مسألة5): يحرم في حال التخلّي استدبار القبلة واستقبالها بمقاديم بدنه، وهي الصدر والبطن وإن أمال العورة عنها، والميزان هو الاستدبار والاستقبال العرفيّان، والظاهر عدم دخل الركبتين فيهما. والأحوط ترك الاستقبال بعورته فقط وإن لم تكن مقاديم بدنه إليها. والأحوط حرمتهما حال الاستبراء، بل الأقوى لو خرج معه القطرات. ولا ينبغي ترك الاحتياط في حال الاستنجاء وإن كان الأقوى عدم حرمتهما فيه([41])، ولو اضطُرّ إلى أحدهما تخيّر، والأحوط اختيار الاستدبار. ولو دار أمره بين أحدهما وترك الستر عن الناظر المحترم اختار الستر. ولو اشتبهت القبلة بين الجهات، ولم يمكن له الفحص، ويتعسّر عليه التأخير إلى أن تتّضح القبلة، يتخيّر بينها([42])، ولا يبعد لزوم العمل بالظنّ لو حصل له.

فصل في الاستنجاء

(مسألة 1): يجب غسل مخرج البول بالماء مرّتين على الأحوط، وإن كان الأقوى كفاية المرّة في الرجل([43]) مع الخروج عن مخرجه الطبيعي([44])، والأفضل ثلاث، ولا يجزي غير الماء([45])، ويتخيّر في مخرج الغائط بين الغسل بالماء والمسح بشيء قالع للنجاسة، كالحجر والمدر والخرق وغيرها، والغسل أفضل، والجمع بينهما أكمل.
ولا يعتبر في الغسل التعدّد، بل الحدّ النقاء، بل الظاهر في المسح أيضاً كذلك، وإن كان الأحوط الثلاث وإن حصل النقاء بالأقلّ، وإن لم يحصل بالثلاث فإلى النقاء. ويعتبر فيما يمسح به الطهارة، فلا يجزي النجس ولا المتنجّس قبل تطهيره، ويعتبر أن لا يكون فيه رطوبة سارية، فلا يجزي الطين والخرقة المبلولة. نعم لا تضرّ النداوة التي لا تسري.

(مسألة 2): يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر ـ أعني الأجزاء الصغار التي لا تُرى ـ وفي المسح يكفي إزالة العين، ولا يضرّ بقاء الأثر.

(مسألة 3): إنّما يكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعدّ المخرج على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء، وأن لا يكون في المحلّ نجاسة من الخارج، حتّى إذا خرج مع الغائط نجاسة اُخرى كالدم يتعيّن الماء([46]).

(مسألة 4): يحرم الاستنجاء بالمحترمات، وكذا بالعظم والروث على الأحوط([47])، ولو فعل فحصول الطهارة محلّ إشكال، خصوصاً في العظم والروث. بل حصول الطهارة مطلقاً ـ حتّى في الحجر ونحوه ـ محلّ إشكال. نعم لا إشكال في العفو في غير ما ذكر.

(مسألة 5): لا يجب الدلك باليد في مخرج البول. نعم لو احتمل خروج المذي معه فالأحوط الدلك.

فصل في الاستبراء

وكيفيّته على الأحوط الأولى: أن يمسح بقوّة ما بين المقعد وأصل الذكر ثلاثاً، ثمّ يضع سبّابته مثلاً تحت الذكَر وإبهامه فوقه، ويمسح بقوّة إلى رأسه ثلاثاً، ثمّ يعصر رأسه ثلاثاً، فإذا رأى بعده رطوبة مشتبهة ـ لا يدري أنّها بول أو غيره ـ يحكم بطهارتها وعدم ناقضيّتها للوضوء لو توضّأ قبل خروجها، بخلاف ما إذا لم يستبرئ، فإنّه يحكم بنجاستها وناقضيّتها. وهذا هو فائدة الاستبراء.
ويلحق به في الفائدة المزبورة على الأقوى طول المدّة وكثرة الحركة، بحيث يقطع([48]) بعدم بقاء شيء في المجرى، وأنّ البلل المشتبه نزل من الأعلى، فيحكم بطهارته وعدم ناقضيّته.

(مسألة 1): لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فيكفي إن باشره غيره كزوجته أو مملوكته.

(مسألة 2): إذا شكّ في الاستبراء، يبني على عدمه ولو مضت مدّة وكان من عادته. نعم لو استبرأ وشكّ ـ بعد ذلك ـ أنّه كان على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحّة.

(مسألة 3): إذا شكّ من لم يستبرئ في خروج الرطوبة وعدمه بنى على عدمه، كما إذا رأى في ثوبه رطوبة مشتبهة ـ لا يدري أنّها خرجت منه، أو وقعت عليه من الخارج ـ فيحكم بطهارتها وعدم انتقاض الوضوء بها.

(مسألة 4): إذا علم أنّ الخارج منه مذي، ولكن شكّ في أنّه خرج معه بول أم لا، لا يحكم عليه بالنجاسة ولا الناقضيّة، إلاّ أن يصدق عليه الرطوبة المشتبهة، كأن يشكّ في أنّ هذا الموجود، هل هو بتمامه مذيٌ، أو مركّب منه ومن البول ؟

(مسألة 5): إذا بال وتوضّأ، ثمّ خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول والمنيّ، فإن استبرأ بعد البول يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء والغسل، وإن لم يستبرئ فالأقوى جواز الاكتفاء بالوضوء، وإن خرجت الرطوبة المشتبهة قبل أن يتوضّأ يكتفي بالوضوء خاصّة، ولا يجب عليه الغسل، سواء استبرأ بعد البول أم لا.

فصل في الوضوء


والكلام في واجباته، وشرائطه، وموجباته، وغاياته، وأحكام الخلل:

القول في الواجبات

(مسألة 1): الواجب في الوضوء: غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والقدمين. والمراد بالوجه: ما بين قصاص الشعر وطرف الذقَن طولاً، وما دارت عليه الإبهام والوسطى من متناسب الأعضاء عرضاً، وغيره يرجع إليه، فما خرج عن ذلك لا يجب غسله. نعم يجب غسل شيء ممّا خرج عن الحدّ المذكور، مقدّمةً لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحدّ.

(مسألة 2): يجب على الأحوط أن يكون الغسل من أعلى الوجه، ولا يجوز على الأحوط الغسل منكوساً، نعم لو ردّ الماء منكوساً، ولكن نوى الغسل من الأعلى برجوعه، جاز.

(مسألة 3): لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، أمّا ما دخل منها في حدّ الوجه فيجب غسله. والواجب غسل الظاهر منه، من غير فرق بين الكثيف والخفيف، مع صدق إحاطة الشعر بالبشرة، وإن كان التخليل في الثاني أحوط. وأمّا اليدان فالواجب غسلهما من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويجب غسل شيء من العضد للمقدّمة كالوجه، ولا يجوز ترك شيء من الوجه أو اليدين بلا غسل ولو مقدار مكان شعرة.

(مسألة 4): لا يجب غسل شيء من البواطن، كالعين والأنف، وما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق. كما لا يجب غسل باطن الثقبة التي في الأنف موضع الحلقة، سواء كانت الحلقة فيها أم لا.

(مسألة 5): لا يجب إزالة الوسخ تحت الأظفار، إلاّ ما كان معدوداً من الظاهر، كما أنّه لو قصّ أظفاره، فصار ما تحتها ظاهراً، وجب غسله بعد إزالة الوسخ عنه.

(مسألة 6): إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه، وجب غسل ما ظهر بعد القطع، ويجب غسل ذلك اللحم أيضاً وإن كان اتّصاله بجِلدة رقيقة.

(مسألة 7): الشقوق التي تحدث على ظهر الكفّ، إن كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها، وإلاّ فلا.

(مسألة 8): ما يعلو البشرة ـ مثل الجُدريّ ـ عند الاحتراق مادام باقياً، يكفي غسل ظاهره وإن انخرق، ولا يجب إيصال الماء تحت الجلدة، بل لو قطع بعض الجلدة وبقي البعض الآخر، يكفي غسل ظاهر ذلك البعض، ولا يجب قطعها بتمامها. ولو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه، لكن الجلدة متّصلة قد تلصق وقد لا تلصق، يجب غسل ما تحتها، وإن كانت لاصقة يجب رفعها أو قطعها.

(مسألة 9): يصحّ الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، لكن في اليد اليسرى([49]) لابدّ من أن يقصد الغسل حال الإخراج، حتّى لا يلزم المسح بماء جديد، بل وكذا في اليمنى، إلاّ أن يبقي شيئاً من اليسرى ليغسله باليمنى، حتّى يكون ما يبقى عليها من ماء الوضوء.

(مسألة 10): يجب رفع ما يمنع وصول الماء، أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى ما تحته. ولو شكّ في وجود الحاجب لم يلتفت إذا لم يكن له منشأ عقلائيّ. ولو شكّ في شيء أنّه حاجب وجب إزالته، أو إيصال الماء إلى ما تحته.

(مسألة 11): ما ينجمد على الجرح عند البرء ويصير كالجلدة، لا يجب رفعه، ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً. وأمّا الدواء الذي انجمد عليه، فما دام لم يمكن رفعه يكون بمنزلة الجبيرة، يكفي غسل ظاهره([50])، وإن أمكن رفعه بسهولة وجب.

(مسألة 12): لا يجب إزالة الوسخ على البشرة إن لم يكن جرماً مرئيّاً ـ وإن كان عند المسح بالكيس يجتمع ويكون كثيراً ـ مادام يصدق عليه غسل البشرة. وكذا مثل البياض الذي يتبيّن على اليد ـ من الجصّ ونحوه ـ مع صدق غسل البشرة، ولو شكّ في كونه حاجباً وجب إزالته. وأمّا مسح الرأس: فالواجب مسح شيء من مقدّمه، والأحوط عدم الاجتزاء بما دون عرض إصبع، وأحوط منه مسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة، بل الأولى كون المسح بالثلاثة. والمرأة كالرجل في ذلك.

(مسألة 13): لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدّم. نعم إذا كان الشعر الذي منبته مقدّم الرأس طويلاً ـ بحيث يتجاوز بمدّه عن حدّه ـ لا يجوز المسح على ذلك المقدار المتجاوز، سواء كان مسترسلاً أو مجتمعاً ([51]) في المقدّم.

(مسألة 14): يجب أن يكون المسح بباطن الكفّ الأيمن على الأحوط، وإن كان الأقوى([52]) جوازه بظاهره، ولا يتعيّن الأيمن على الأقوى، والجواز بالذراع لا يخلو من وجه([53])، والأولى المسح بأصابع الأيمن. ويجب أن يكون المسح بما بقي في يده([54]) من نداوة الوضوء، فلا يجوز استئناف ماء جديد.

(مسألة 15): يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء الماء إلى الماسح.
وأمّا مسح القدمين: فالواجب مسح ظاهرهما من أطراف الأصابع إلى المفصل ـ على الأحوط ـ طولاً، وإن كان الأقوى كفايته إلى الكعب ـ وهو قُبّة ظهر القدم ـ ولا تقدير للعرض، فيُجزي ما يتحقّق به اسم المسح، والأفضل ـ بل الأحوط ـ أن يكون بتمام الكفّ. وما تقدّم في مسح الرأس: من جفاف الممسوح، وكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء، يجري في القدمين أيضاً ([55]).

(مسألة 16): الأحوط المسح بباطن الكفّ، وإن تعذّر مسح بظاهرها، وإن تعذّر مسح بذراعه، وإن كان الأقوى([56]) جوازه بظاهرها ـ بل بالذراع ـ اختياراً.

(مسألة 17): إذا جفّت رطوبة الكفّ أخذ من سائر مواضع الوضوء ـ من حاجبه أو لحيته أو غيرهما ـ ومسح بها، وإن لم يمكن الأخذ منها أعاد الوضوء، ولو لم تنفع الإعادة من جهة حرارة الهواء أو البدن ـ بحيث كلّما توضّأ جفّ ماء وضوئه ـ مسح بالماء الجديد، والأحوط الجمع بين المسح باليد اليابسة، ثمّ بالماء الجديد، ثمّ التيمّم.

(مسألة 18): لابدّ في المسح من إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس لم يجز. نعم لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح.

(مسألة 19): لا يجب في مسح القدمين وضع أصابع الكفّ مثلاً على أصابعهما وجرّها إلى الحدّ، بل يجزي أن يضع تمام كفّه على تمام ظهر القدم، ثمّ يجرّها قليلاً بمقدار يصدق عليه المسح.

(مسألة 20): يجوزالمسح على القناع والخُفّ والجورب وغيرها عند الضرورة من تقيّة أو برد أو سبع أو عدوّ ونحو ذلك، ممّا يخاف بسببه من رفع الحائل. ويعتبر في المسح على الحائل كلّ ما اعتبر في مسح البشرة، من كونه بالكفّ، وبنداوة الوضوء، وغير ذلك.

القول في شرائط الوضوء


(مسألة 1): شرائط الوضوء اُمور:

منها: طهارة الماء، وإطلاقه، وإباحته، وطهارة المحلّ المغسول والممسوح، ورفع الحاجب عنه. والأحوط اشتراط إباحة المكان ـ أي الفضاء الذي يقع فيه الغسل والمسح ـ وكذا إباحة المصبّ إن عُدّ الصبّ تصرّفاً في المغصوب عرفاً، أو جزءً أخيراً للعلّة التامّة، وإلاّ فالأقوى عدم البطلان، بل عدم البطلان مطلقاً فيه وفي غصبيّة المكان لا يخلو من قُوّة، وكذا إباحة الآنية مع الانحصار([57])، بل ومع عدمه أيضاً إذا كان الوضوء بالغمس فيها، لا بالاغتراف منها.وعدم المانع من استعمال الماء، من خوف مرض، أو عطش على نفسه أو نفس محترمة، ونحو ذلك ممّا يجب معه التيمّم، فلو توضّأ والحال هذه بطل([58]).

(مسألة 2): المشتبه بالنجس بالشبهة المحصورة، كالنجس في عدم جواز التوضّؤ به، فإذا انحصر الماء في المشتبهين، يتيمّم للصلاة حتّى مع إمكان أن يتوضّأ بأحدهما ويصلّي، ثمّ يغسل محالّ الوضوء بالآخر، ثمّ يتوضّأ به ويعيد صلاته ثانياً.

(مسألة 3): لو لم يكن عنده إلاّ ماء مشكوك إضافته وإطلاقه([59])، فلو كان حالته السابقة الإطلاق يتوضّأ به، ولو كانت الإضافة يتيمّم، ولو لم يعلم الحالة السابقة يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء والتيمّم.

(مسألة 4): لو اشتبه مضاف في محصور، ولم يكن عنده ماء آخر، يجب عليه الاحتياط بتكرار الوضوء على نحو يعلم التوضّؤ بماء مطلق، والضابط أن يزاد عدد الوضوءات على عدد المضاف المعلوم بواحد.

(مسألة 5): المشتبه بالغصب كالغصب لا يجوز الوضوء به، فإذا انحصر الماء به تعيّن التيمّم.

(مسألة 6): طهارة الماء وإطلاقه شرط واقعيّ يستوي فيهما العالم والجاهل، بخلاف الإباحة، فلو توضّأ بماء مغصوب مع الجهل بغصبيّته أو نسيانها صحّ وضوؤه، حتّى أنّه لو التفت إلى الغصبيّة في أثنائه صحّ ما مضى من أجزائه، ويتمّ الباقي بماء مباح. وإذا التفت إليها بعد غسل اليد اليسرى، هل يجوز المسح بما في يده من الرطوبة، ويصحّ وضوؤه أم لا ؟ وجهان، بل قولان.
ولا يبعد التفصيل بين كون ما في اليد أجزاءً مائيّة تُعدّ ماءً عرفاً، وكونه محض الرطوبة التي كأنّها من الكيفيّات عرفاً، فيصحّ في الثاني دون الأوّل. وكذا الحال فيما إذا كان على محالّ وضوئه رطوبة من ماء مغصوب، وأراد أن يتوضّأ بماء مباح قبل جفاف الرطوبة.

(مسألة 7): يجوز الوضوء والشرب وسائر التصرّفات اليسيرة ـ ممّا جرت السيرة عليه ـ من الأنهار الكبيرة([60]) من القنوات وغيرها وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين. نعم مع النهي منهم أو من بعضهم يُشكل الجواز. وإذا غصبها غاصب يبقى الجواز لغيره دونه.

(مسألة 8): لو كان ماء مباح في إناء مغصوب، لا يجوز الوضوء([61]) منه بالغمس فيه مطلقاً، وأمّا بالاغتراف منه فلا يصحّ مع الانحصار به، ويتعيّن التيمّم. نعم لو صبّه في الإناء المباح صحّ، ولو تمكّن من ماء آخر مباح، صحّ بالاغتراف منه، وإن فعل حراماً من جهة التصرّف في الإناء.

(مسألة 9): يصحّ الوضوء تحت الخيمة المغصوبة، بل في البيت المغصوب إذا كانت أرضه مباحة.

(مسألة 10): لا يجوز الوضوء من حياض المساجد والمدارس ونحوهما، في صورة الجهل بكيفيّة الوقف، واحتمال شرط الواقف عدم استعمال غير المصلّين والساكنين منها ولو لم يزاحمهم. نعم إذا جرت السيرة والعادة على وضوء غيرهم منها من غير منع منهم صحّ.

(مسألة 11): الوضوء من آنية الذهب والفضّة، كالوضوء من الآنية المغصوبة على الأحوط، فيأتي فيها التفصيل المتقدّم([62])، ولو توضّأ منها جهلاً أونسياناً، بل مع الشكّ في كونها منهما، صحّ ولو بنحو الرمس أو الاغتراف مع الانحصار.

(مسألة 12): إذا شكّ في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء، لا يجب الفحص، إلاّ إذا كان منشأ عقلائيّ لاحتماله، وحينئذ يجب حتّى يطمئنّ بعدمه. وكذا يجب فيما إذا كان مسبوقاً بوجوده. ولو شكّ بعد الفراغ في أنّه كان موجوداً أم لا، بنى على عدمه وصحّة وضوئه. وكذا إذا كان موجوداً وكان ملتفتاً حال الوضوء ـ أو احتمل الالتفات ـ وشكّ بعده في أنّه أزاله، أو أوصل الماء تحته أم لا، بنى على صحّته. وكذا إذا علم بوجود الحاجب وشكّ في أنّه كان موجوداً حال الوضوء، أو طرأ بعده.
نعم لو علم بوجود شيء في حال الوضوء ممّا يمكن أن لا يصل الماء تحته ـ وقد يصل وقد لا يصل ـ كالخاتم، وقد علم أنّه لم يكن ملتفتاً إليه حين الغسل، أو علم أنّه لم يحرّكه، ومع ذلك شكّ في أنّه وصل الماء تحته من باب الا تفاق أم لا، يُشكل الحكم بالصحّة([63])، بل الظاهر وجوب الإعادة.

(مسألة 13): لو كان بعض محالّ الوضوء نجساً فتوضّأ، وشكّ بعده في أنّه طهّره قبل الوضوء أم لا، يحكم بصحّته، لكن يبني على بقاء نجاسة المحلّ، فيجب غسله للأعمال الآتية. نعم لو علم بعدم التفاته حال الوضوء يجب الإعادة على الظاهر([64]).

ومنها: المباشرة اختياراً، ومع الاضطرار جاز بل وجب الاستنابة، فيوضّئه الغير وينوي هو الوضوء، وإن كان الأحوط نيّة الغير أيضاً. وفي المسح لابدّ من أن يكون بيد المنوب عنه وإمرار النائب، وإن لم يمكن، أخذ الرطوبة التي في يده([65]) ومسح بها، والأحوط ـ مع ذلك ـ ضمّ التيمّم لو أمكن.

ومنها: الترتيب في الأعضاء، فيقدّم الوجه على اليد اليمنى، وهي على اليسرى، وهي على مسح الرأس، وهو على مسح الرجلين. والأحوط تقديم اليمنى على اليسرى، بل الوجوب لا يخلو من وجه([66]).

ومنها: الموالاة بين الأعضاء، بمعنى: أن لا يؤخّر غسل العضو المتأخّر، بحيث يحصل بسببه جفاف جميع ما تقدّم.

(مسألة 14): إنّما يضرّ جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير وطول الزمان، وأمّا إذا تابع عرفاً في الأفعال، ومع ذلك حصل الجفاف بسبب حرارة الهواء أو غيرها، لم يبطل وضوؤه.

(مسألة 15): لو لم يتابع في الأفعال، ومع ذلك بقيت الرطوبة من جهة البرودة ورطوبة الهواء، بحيث لو كان الهواء معتدلاً لحصل الجفاف، صحّ([67]). فالعبرة في صحّة الوضوء بأحد الأمرين: إمّا بقاء البلل حسّاً، أو المتابعة عرفاً.

(مسألة 16): إذا ترك الموالاة نسياناً بطل وضوؤه، وكذا لو اعتقد عدم الجفاف، ثمّ تبيّن الخلاف.

(مسألة 17): لو لم يبق من الرطوبة إلاّ في اللحية المسترسلة ففي كفايتها إشكال([68]). وكذا إن بقيت في غيرها ممّا هو خارج عن الحدّ، كالشعر فوق الجبهة، بل هو أشكل.

ومنها: النيّة: وهي القصد إلى الفعل، ولابدّ من أن يكون بعنوان الامتثال أو القربة. ويعتبر فيها الإخلاص، فلو ضمّ إليها ما ينافيه بطل، خصوصاً الرياء، فإنّه إذا دخل في العمل على أيّ نحو أفسده.
وأمّا غيره من الضمائم: فإن كانت راجحة لا يضرّ ضمّها، إلاّ إذا كانت هي المقصودة بالأصل، ويكون قصد امتثال الأمر الوضوئي تبعاً، أو تركّب الداعي منهما بحيث يكون كلٌّ منهما جزءً للداعي، وكذا لو استقلّ الداعيان على الأحوط([69]). وإن كانت مباحة ـ كالتبرّد ـ يبطل بها، إلاّ إذا دخلت على وجه التبعيّة، وكان امتثال أمره هو المقصود الأصلي.

(مسألة 18): لا يعتبر في النيّة التلفّظ، ولا الإخطار في القلب تفصيلاً، بل يكفي فيها الإرادة الإجماليّة المرتكزة في النفس، بحيث لو سئل عن شغله يقول: أتوضّأ، وهذه هي التي يسمّونها بالداعي. نعم لو شرع في العمل، ثمّ ذهل عنه وغفل بالمرّة، بحيث لو سئل عن شغله بقي متحيّراً ولا يدري ما يصنع، يكون عملاً بلا نيّة.

(مسألة 19): كما تجب النيّة في أوّل العمل، كذلك يجب استدامتها إلى آخره، فلو تردّد أو نوى العدم وأتمّ الوضوء على هذه الحال بطل، ولو عدل إلى النيّة الاُولى قبل فوات الموالاة، وضمّ إلى ما أتى به مع النيّة بقيّة الأفعال، صحّ.

(مسألة 20): يكفي في النيّة قصد القربة، ولا تجب نيّة الوجوب أو الندب، لا وصفاً ولا غاية، فلا يلزم أن يقصد: أ نّي أتوضّأ الوضوء الواجب عليَّ، بل لو نوى الوجوب في موضع الندب أو العكس اشتباهاً، بعدما كان قاصداً للقربة والامتثال على أيّ حال، كفى وصحّ.

(مسألة 21): لا يعتبر في صحّة الوضوء نيّة رفع الحدث، ولا نيّة استباحة الصلاة وغيرها من الغايات، بل لو نوى التجديد فتبيّن كونه مُحدثاً صحّ الوضوء، ويجوز معه الصلاة وغيرها. ويكفي وضوء واحد عن الأسباب المختلفة وإن لم يلحظها بالنيّة، بل لوقصد رفع حدث بعينه صحّ وارتفع الجميع. نعم لوكان قصده ذلك على وجه التقييد، بحيث كان من نيّته عدم ارتفاع غيره، ففي الصحّة إشكال.

فصل في موجبات الوضوء وغاياته

(مسألة 1): الأحداث الناقضة للوضوء والموجبة له اُمور: الأوّل والثاني: خروج البول وما في حكمه كالبلل المشتبه قبل الاستبراء، وخروج الغائط من الموضع الطبيعي، أو من غيره مع انسداد الطبيعي أو بدونه، كثيراً كان أو قليلاً ولو بمصاحبة دود أو نواة مثلاً.

الثالث: خروج الريح عن الدُبُر إذا كان من المعدة أو الأمعاء، سواء كان له صوت ورائحة أم لا. ولا عبرة بما يخرج من قُبُل المرأة ولابما لا يكون من المعدة أو الأمعاء، كما إذا دخل من الخارج ثمّ خرج.

الرابع: النوم الغالب على حاسّتي السمع والبصر.


الخامس: كلّ ما أزال العقل، مثل الجنون والإغماء والسُّكر ونحوها.

السادس: الاستحاضة القليلة والمتوسطة([70])، بل الكثيرة ـ على الأحوط ـ وإن أوجبتا الغسل أيضاً.

(مسألة 2): إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط، لم ينتقض الوضوء، وكذا لو شكّ في خروج شيء معه. وكذلك الحال فيما إذا خرج دود أو نواة غير متلطّخ بالغائط.

(مسألة 3): المسلوس والمبطون إن كانت لهما فترة تسع الطهارة والصلاة ولو بالاقتصار على أقلّ واجباتها، انتظراها وأوقعا الصلاة في تلك الفترة، وإن لم تكن لهما تلك الفترة فإمّا أن يكون خروج الحدث في أثناء الصلاة مرّة أو مرّتين أو ثلاث مثلاً بحيث لا حرج عليهما في التوضّؤ والبناء، وإمّا أن يكون متّصلاً، بحيث لو توضّئا بعد كلّ حدث وبنيا لزم عليهما الحرج.

ففي الصورة الاُولى: يتوضّأ المبطون ويشتغل بالصلاة ويضع الماء قريباً منه، فإذا خرج منه شيء توضّأ بلا مهلة([71]) وبنى على صلاته، والأحوط أن يصلّي صلاة اُخرى بوضوء واحد. والأحوط للمسلوس عمل المبطون، وإن كان جواز الاكتفاء له بوضوء واحد لكلّ صلاة([72]) ـ من غير التجديد في الأثناء ـ لا يخلو من قوّة.

وأمّا في الصورة الثانية: فالأحوط أن يتوضّأ لكلّ صلاة، ولا يجوز أن يصلّيا صلاتين بوضوء واحد فريضة كانتا أو نافلة أو مختلفتين، وإن لا يبعد عدم لزوم التجديد للمسلوس إن لم يتقاطر منه بين الصلاتين، فيأتي بوضوء واحد صلوات كثيرة ما لم يتقاطر في فواصلها، وإن تقاطر في أثنائها. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. والأقوى إلحاق مسلوس الريح بالمبطون، بل لا يبعد دخوله فيه موضوعاً.


(مسألة 4): يجب على المسلوس التحفّظ من تعدّي بوله بكيس فيه قطن ونحوه، والظاهر عدم وجوب تغييره أو تطهيره لكلّ صلاة. نعم الأحوط تطهير الحشفة إن أمكن من غير حرج، ويجب التحفّظ بما أمكن على المبطون أيضاً، كما أنّ الأحوط له أيضاً تطهير المخرج إن أمكن من غير حرج.

(مسألة 5): لا يجب على المسلوس والمبطون قضاء ما مضى من الصلوات بعد بُرئهما. نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا برئ في الوقت، واتّسع الزمان للصلاة مع الطهارة.

فصل غايات الوضوء:
ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله من جهة كونه شرطاً لصحّته كالصلاة، أو شرطاً لجوازه وعدم حرمته كمسّ كتابة القرآن، أو شرطاً لكماله كقراءته، أو لرفع كراهته كالأكل حال الجنابة، فإنّه مكروه، وترتفع كراهته بالوضوء.

أمّا الأوّل: فهو شرط للصلاة فريضة كانت أو نافلة، أداءً كانت أو قضاءً، عن النفس أو الغير، ولأجزائها المنسيّة، ولسجدتي السهو على الأحوط وإن كان الأقوى عدم الاشتراط. وكذا شرط للطواف الذي هو جزء للحجّ أو العمرة الواجبين، والأحوط اشتراطه في المندوبين أيضاً ([73]).

وأمّا الثاني: فهو شرط لجواز مسّ كتابة القرآن، فيحرم مسّها على المحدث، ولا فرق بين آياته وكلماته، بل والحروف والمدّ والتشديد وأعاريبها. ويلحق بها أسماء الله وصفاته الخاصّة([74]). وفي إلحاق أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) والملائكة تأمّل وإشكال، والأحوط([75]) التجنّب خصوصاً في الاُوليين.

(مسألة 1): لا فرق في حرمة المسّ بين أجزاء البدن ظاهراً وباطناً. نعم لا يبعد جواز المسّ بالشعر، كما لا فرق بين أنواع الخطوط حتّى المهجور منها كالكوفي، وكذا بين أنحاء الكتابة من الكتب بالقلم أو الطبع أو غير ذلك.

وأمّا الثالث: فهو أقسام كثيرة لا يناسب ذكرها في هذه الوجيزة. وفي كون الوضوء مستحبّاً بنفسه تأمّل.

(مسألة 2): يستحبّ للمتوضّئ أن يجدّد وضوءه، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً فصاعداً، ولو تبيّن مصادفته للحدث يرتفع به على الأقوى، فلا يحتاج إلى وضوء آخر.

القول في أحكام الخلل

(مسألة 1): لو تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة أو ظنّ بها تطهّر، ولو كان شكّه في أثناء العمل، فلو دخل في الصلاة وشكّ في أثنائها في الطهارة يقطعها ويتطهّر، والأحوط الإتمام ثمّ الاستئناف بطهارة جديدة. ولو كان شكّه بعد الفراغ من العمل بنى على صحّته وتطهّر للعمل اللاحق. ولو تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث لم يلتفت. ولو تيقّنهما وشكّ في المتأخّر منهما، تطهّر حتّى مع علمه بتاريخ الطهارة على الأقوى([76]). هذا إذا لم يعلم الحالة السابقة على اليقين بهما. وإلاّ فالأقوى هو البناء على ضدّها، فلو تيقّن الحدث قبل عروض الحالتين بنى على الطهارة، ولو تيقّن الطهارة بنى على الحدث. هذا في مجهولي التاريخ. وكذا الحال فيما إذا علم تاريخ ما هو ضدّ الحالة السابقة. وأمّا إذا علم تاريخ ما هو مثله فيبني على المحدثيّة ويتطهّر. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في جميع الصور المذكورة. ولو تيقّن ترك غسل عضو أو مسحه أتى به وبما بعده لو لم يحصل مفسد من فوات موالاة ونحوه، وإلاّ استأنف. ولو شكّ في فعل شيء من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، أتى بما شكّ فيه مراعياً للترتيب والموالاة وغيرهما ممّا يعتبر فيه. والظنّ هنا كالشكّ، وكثير الشكّ لا عبرة بشكّه. كما أنّه لا عبرة بالشكّ بعد الفراغ، سواء كان شكّه في فعل من أفعال الوضوء، أو في شرط من شروطه.

(مسألة 2): إذا كان متوضّئاً وتوضّأ للتجديد، وصلّى ثمّ تيقّن بطلان أحد الوضوءين، لا أثر لهذا العلم الإجمالي، لابالنسبة إلى الصلاة التي أوقعها، ولابالنسبة إلى الصلوات الآتية. وأمّا إذا صلّى بعد كلّ من الوضوءين، ثمّ تيقّن بطلان أحدهما، فالصلاة الثانية صحيحة قطعاً، كما أنّه تصحّ الصلوات الآتية ما لم ينتقض الوضوء، ولا يبعد الحكم بصحّة الصلاة الاُولى، وإن كان الأحوط إعادتها.

(مسألة 3): إذا توضّأ وضوءين وصلّى صلاة واحدة أو متعدّدة بعدهما، ثمّ تيقّن وقوع الحدث بعد أحدهما، يجب عليه الوضوء للصلوات الآتية، ويحكم بصحّة الصلوات التي أتى بها. وأمّا لو صلّى بعد كلّ وضوء، ثمّ علم بوقوع الحدث بعد أحد الوضوءين أو الوضوءات قبل الصلاة، يجب عليه إعادة الصلوات. نعم إذا كانت الصلاتان متّفقتين في العدد كالظهرين، فالظاهر كفاية صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة وإن كانت إعادتهما أحوط.

فصل في وضوء الجبيرة

(مسألة 1): من كان على بعض أعضائه جبيرة، فإن أمكن نزعُها نزعها وغسل أو مسح ما تحتها. نعم لا يتعيّن النزع لو كانت على محلّ الغسل، بل ما يجب هو إيصال الماء تحتها، على نحو يحصل مسمّى الغسل بشرائطه ولو مع وجود الجبيرة. نعم يجب النزع عن محلّ المسح. وإن لم يمكن النزع، فإن كان في موضع المسح مسح عليها، وإن كان في موضع الغسل، وأمكن إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمّى الغسل بشرائطه، وجب، وإلاّ مسح عليها([77]).

(مسألة2): يجب استيعاب المسح في أعضاء الغسل. نعم لا يلزم مسح ما يتعذّر أو يتعسّر مسحه ممّا بين الخيوط. وأمّا في أعضاء المسح، يكون حال المسح على الجبيرة كمسح محلّها قدراً وكيفيّة، فيعتبر أن يكون باليد ونداوتها، بخلاف ما كان في موضع الغسل.

(مسألة 3): الظاهر جريان أحكام الجبيرة مع استيعابها لعضو واحد، خصوصاً محلّ المسح، ولو كانت مستوعبة لمعظم الأعضاء، لا يترك الاحتياط بالجمع بين عمل الجبيرة والتيمّم إن أمكن ذلك بلا حائل، وإن لا تبعد كفاية التيمّم. نعم إذا استوعب الحائل أعضاء التيمّم أيضاً ولا يمكن التيمّم على البشرة، تعيّن الوضوء على الجبيرة.

(مسألة 4): إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة، فالمقدار المتعارف ـ الذي يلزمه شدّ غالب الجبائر ـ يُلحق بها في الحكم، فيمسح عليه، وإن كان أزيد من ذلك المقدار، فإن أمكن رفعُها رفَعَها وغسل المقدار الصحيح، ثمّ وضعها ومسح عليها، وإن لم يمكن ذلك مسح عليها، ولا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم أيضاً ([78]).

(مسألة 5): إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة، وضع خرقة فوقها على نحو تُعدّ جزءً منها، ومسح عليها.

(مسألة 6): الأقوى أنّ الجرح المكشوف الذي لا يمكن غسله، يجوز الاكتفاء بغسل ما حوله، والأحوط مع ذلك وضع خرقة عليه والمسح عليها.

(مسألة 7): إذا أضرّ الماء بالعضو ـ من دون أن يكون جرح أو قرح أو كسر ـ يتعيّن التيمّم. نعم لو أضرّ ببعض العضو، وأمكن غسل ما حوله، لا يبعد جواز الاكتفاء بغسله وعدم الانتقال إلى التيمّم، والأحوط مع ذلك ضمّ التيمّم، ولا يترك هذا الاحتياط. وأحوط منه وضع خرقة والمسح عليها ثمّ التيمّم. وكذا يتعيّن التيمّم([79]) إذا كان الكسر أو الجرح في غير مواضع الوضوء، ولكن استعمال الماء في مواضعه يضرّ بالكسر أو الجرح.

(مسألة 8): في الرمد الذي يضرّ به الوضوء يتعيّن التيمّم([80])، ومع إمكان غسل ما حول العين بلا إضرار لا يبعد جواز الاكتفاء به على إشكال، فلا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم إليه، ولو احتاط مع ذلك بوضع خرقة والمسح عليها ثمّ التيمّم كان حسناً.

(مسألة 9): لو كان مانع على البشرة ولا يمكن إزالته ـ كالقير ونحوه ـ يُكتفى بالمسح عليه، والأحوط كونه على وجه يحصل أقلّ مسمّى الغسل، وأحوط من ذلك ضمّ التيمّم.

(مسألة 10): من كان على بعض أعضائه جبيرة وحصل موجب الغسل، مسح على الجبيرة وغسل المواضع الخالية عنها مع الشرائط المتقدّمة في وضوء ذي الجبيرة، والأحوط([81]) كون غسله ترتيبيّاً لا ارتماسيّاً.

(مسألة 11): وضوء ذي الجبيرة وغسله رافعان للحدث لا مبيحان فقط، وكذا تيمّمه إذا كان تكليفه التيمّم.

(مسألة 12): من كان تكليفه التيمّم، وكان على أعضائه جبيرة لا يمكن رفعها، مسح عليها. وكذا فيما إذا كان حائل آخر لا يمكن إزالته.

(مسألة 13): إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب عليه إعادة الصلوات التي صلاّها، بل الظاهر جواز إتيان الصلوات الآتية بهذا الوضوء ونحوه.

(مسألة 14): يجوز أن يصلّي صاحب الجبيرة أوّل الوقت مع اليأس من زوال العذر إلى آخره، ومع عدمه الأحوط التأخير.

فصل في الأغسال
والواجب منها ستّة: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومسّ الميّت، وغسل الأموات، والأقوى عدم الوجوب الشرعي في غير الأخير.

فصل في غسل الجنابة

والكلام في سبب الجنابة، وأحكام الجنب، وواجبات الغسل:

القول في السبب

(مسألة 1): سبب الجنابة أمران:

أحدهما: خروج المنيّ وما في حكمه من البلل المشتبه قبل الاستبراء([82]) بالبول، كما يأتي إن شاء الله تعالى. والمعتبر خروجه إلى الخارج، فلو تحرّك من محلّه ولم يخرج لم يوجب الجنابة، كما أنّ المعتبر كونه منه، فلو خرج من المرأة منيّ الرجل، لا يوجب جنابتها إلاّ مع العلم باختلاطه بمنيّها.
والمنيّ إن علم فلا إشكال، وإلاّ رجع الصحيح في معرفته إلى اجتماع الدَّفق والشهوة وفتور الجسد. والظاهر كفاية حصول الشهوة للمريض والمرأة([83])، ولا ينبغي ترك الاحتياط ـ سيّما في المرأة ـ بضمّ الوضوء إلى الغسل لو لم يكن مسبوقاً بالطهارة. بل الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل والوضوء إذا كان مسبوقاً بالحدث الأصغر، والغسل وحده إن كان مسبوقاً بالطهارة.
ثانيهما: الجماع وإن لم يُنزل، ويتحقّق بغيبوبة الحشفة في القُبُل أو الدُّبُر([84])، وحصول مسمّى الدخول من مقطوعها ـ على وجه لا يخلو من قوّة([85]) ـ فيحصل حينئذ وصف الجنابة لكلّ منهما، من غير فرق بين الصغير والمجنون وغيرهما، ووجب الغسل عليهما بعد حصول شرائط التكليف، ويصحّ الغسل من الصبيّ المميّز، فلو اغتسل يرتفع عنه حدث الجنابة.

(مسألة 2): لو رأى في ثوبه منيّاً وعلم أنّه منه ولم يغتسل بعده، يجب عليه قضاء الصلوات التي صلاّها بعده، وأمّا التي يحتمل وقوعها قبله فلا يجب قضاؤها، ولو علم أنّه منه، ولم يعلم أنّه من جنابة سابقة اغتسل منها، أو جنابة اُخرى لم يغتسل منها، فالظاهر عدم وجوب الغسل عليه وإن كان أحوط.

(مسألة 3): إذا تحرّك المنيّ عن محلّه ـ في اليقظة أو النوم بالاحتلام ـ لا يجب الغسل ما لم يخرج، فإن كان بعد دخول الوقت ولم يكن عنده ماء للغسل، فلايبعد عدم وجوب حبسه، وإن لا يخلو من تأمّل مع عدم التضرّر به، فإذا خرج يتيمّم للصلاة. نعم إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضاً، لا يبعد وجوب حبسه إذا كان على طهارة، إلاّ إذا تضرّر به. وكذا الحال في إجناب نفسه اختياراً ـ بعد دخول الوقت ـ بإتيان أهله بالجماع طلباً للّذّة، فيجوز لو لم يكن عنده ماء الغسل دون ما يتيمّم به، بخلاف ما إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به ـ أيضاً ـ كما مرّ، وفي إتيانها لغير ما ذكر جوازه محلّ تأمّل وإن لا يبعد.

القول في أحكام الجُنُب

منها: أنّه يتوقّف على الغسل من الجنابة اُمور، بمعنى أنّه شرط في صحّتها:
الأوّل: الصلاة بأقسامها عدا صلاة الجنازة، وكذا لأجزائها المنسيّة. والأقوى عدم الاشتراط في سجدتي السهو، وإن كان أحوط.
الثاني: الطواف الواجب، بل لا يبعد الاشتراط في المندوب أيضاً.
الثالث: صوم شهر رمضان وقضاؤه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جُنُباً متعمّداً أو ناسياً للجنابة. وأمّا سائر أقسام الصيام فلا تبطل بالإصباح جنباً في غير الواجب منها، ولا يترك الاحتياط في ترك تعمّده في الواجب منها([86]). نعم الجنابة العمديّة في أثناء النهار، تُبطل جميع أقسام الصيام حتّى المندوب منها، وغير العمديّة كالاحتلام لا يضرّ بشيء منها حتّى صوم شهر رمضان.

ومنها: أنّه يحرم على الجُنُب اُمور:

الأوّل: مسّ كتابة القرآن على التفصيل المتقدّم في الوضوء، ومسّ اسم الله تعالى([87]) وسائر أسمائه وصفاته المختصّة به. وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)على الأحوط.
الثاني: دخول المسجد الحرام ومسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)وإن كان بنحو الاجتياز.
الثالث: المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدخول فيها إن لم يكن مارّاً ـ بأن يدخل من باب ويخرج من آخر ـ أو دخل فيها لأجل أخذ شيء منها، فإنّه لا بأس به. ويلحق بها المشاهد المشرّفة على الأحوط، وأحوط من ذلك([88]) إلحاقها بالمسجدين، كما أنّ الأحوط فيها إلحاق الرّواق بالرَّوضة المشرّفة.

الرابع: وضع شيء في المساجد وإن كان من الخارج أو في حال العبور.

الخامس: قراءة السور العزائم الأربع ـ وهي: إقرأ، والنجم، والم تنزيل، وحم السجدة ـ ولو بعض منها حتّى البسملة بقصد إحداها.

(مسألة 1): إذا احتلم في أحد المسجدين، أو دخل فيهما جُنُباً ـ عمداً أو سهواً أو جهلاً ـ وجب عليه التيمّم للخروج، إلاّ أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمّم أو مساوياً له، فحينئذ يخرج بدون التيمّم على الأقوى.

(مسألة 2): لو كان جُنُباً وكان ما يغتسل به في المسجد، يجب عليه أن يتيمّم ويدخل المسجد لأخذ الماء([89]). ولا ينتقض التيمّم بهذا الوجدان إلاّ بعد الخروج مع الماء أو بعد الاغتسال. وهل يباح بهذا التيمّم غير دخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة ؟ فيه تأمّل وإشكال([90]).

ومنها: يكره على الجنب اُمور: كالأكل والشرب، ويرتفع كراهتهما بالوضوء الكامل، وتخفّف كراهتهما([91]) بغسل اليد والوجه والمضمضة ثمّ غسل اليدين فقط. وكقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، وتشتدّ الكراهة إن زاد على سبعين آية. وكمسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد والورق والهامش وما بين السطور. وكالنوم، وترتفع كراهته بالوضوء، وإن لم يجد الماء تيمّم بدلاً عن الغسل أو عن الوضوء، وعن الغسل أفضل. وكالخضاب، وكذا إجناب المختضب نفسه قبل أن يأخذ اللون. وكالجماع لو كان جُنُباً بالاحتلام([92]). وكحمل المصحف وتعليقه.

القول في واجبات الغسل

(مسألة 1): واجبات الغسل اُمور:
الأوّل: النيّة، ويعتبر فيها الإخلاص. ولابدّ من استدامتها ولو ارتكازاً.

(مسألة 2): لو دخل الحمّام بنيّة الغسل، فإن بقي في نفسه الداعي الأوّل، وكان غمسه واغتساله بذلك الداعي، بحيث لو سئل عنه حين غمسه: ما تفعل ؟ يقول: أغتسل، فغسله صحيح، وقد وقع غسله مع النيّة. وأمّا إذا كان غافلاً بالمرّة بحيث لو قيل له: ما تفعل ؟ بقي متحيّراً، بطل غسله، بل لم يقع منه أصلاً.

(مسألة 3): لو ذهب إلى الحمّام ليغتسل، وبعدما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا، بنى على العدم. وأمّا لو علم أنّه اغتسل، ولكن شكّ في أنّه على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحّة.
الثاني: غسل ظاهر البشرة، فلا يجزي غيره، فيجب عليه حينئذ رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء إليه إلاّ بتخليله. ولا يجب غسل باطن العين والأنف والاُذن وغيرها، حتّى الثقبة التي في الاُذن والأنف للقرط أو الحلقة، إلاّ إذا كانت واسعة بحيث تُعدّ من الظاهر. والأحوط غسل ما شُكّ في أنّه من الظاهر أو الباطن.

(مسألة 4): يجب غسل ما تحت الشعر من البشرة، وكذا الشعر الدقيق الذي يُعدّ من توابع الجسد. والأحوط وجوب غسل الشعر مطلقاً.
الثالث: الترتيب في الترتيبي، الذي هو أفضل من الارتماسي([93])، الذي هو عبارة عن تغطية البدن في الماء مقارناً للنيّة، ويكفي فيها استمرار القصد ولو ارتكازاً.
والترتيب: عبارة عن غسل تمام الرأس([94]) ـ ومنه العنق ـ مُدخِلاً لبعض الجسد معه مقدّمة، ثمّ تمام النصف الأيمن مُدخِلاً لبعض الأيسر وبعض العنق معه مقدّمة. والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيمن من العنق في النصف الأيمن، وإدخال بعض الرأس معه مقدّمة. ثمّ تمام النصف الأيسر مُدخِلاً لبعض الأيمن والعنق معه مقدّمة. والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيسر من العنق في الجانب الأيسر، وإدخال بعض الرأس مقدّمة. وتدخل العورة والسُّرّة في التنصيف المذكور، فيغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن، ونصفهما الأيسر مع الأيسر، إلاّ أنّ الأولى غسلهما مع الجانبين. واللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبّة واحدة أو أكثر بفرك أو دلك أو غير ذلك.

(مسألة 5): لا ترتيب في العضو، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى وإن كان الأولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى. كما أنّه لا كيفيّة مخصوصة للغسل هنا، بل يكفي مسمّاه، فيجزي رمس الرأس في الماء، ثمّ الجانب الأيمن ثمّ الأيسر([95]). ويجزيه أيضاً رمس البعض والصبّ على آخر. ولو ارتمس ثلاث ارتماسات ناوياً بكلّ واحد غسل عضو صحّ. بل يتحقّق مسمّاه بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء عليه، فلا يحتاج إلى إخراجه منه ثمّ غمسه فيه.

(مسألة 6): الظاهر حصول الارتماسي بالغمس في الماء تدريجاً، واللازم ـ على الأحوط ـ أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد، فلو خرج بعض بدنه من الماء قبل أن ينغمس البعض الآخر، لا يتحقّق الارتماس. نعم لا يضرّ دخول رجله في الطين يسيراً عند انغماسه للغسل، ففي الأنهار والجداول التي تدخل الرجل في الطين يسيراً يجوز الارتماسي، وإن كان الأحوط اختيار الترتيبي. والأحوط أن يكون الغمس بالدّفعة العرفيّة.

(مسألة 7): لو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه، وجبت إعادة الغسل في الارتماسي. وأمّا في الترتيبي فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر، يكفي غسل ذلك الجزء ولو طالت المدّة حتّى جفّ تمام الأعضاء، ولا يحتاج إلى إعادة الغسل، ولا إعادة غسل سائر أجزاء الأيسر، وإن كان من الأيمن يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الأيسر([96])، وإن كان من الرأس يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الطرفين.

(مسألة 8): لا يجب الموالاة في الترتيبي، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار، والأيمن في وسطه، والأيسر في آخره، صحّ.

(مسألة 9): يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيباً، لا ارتماساً.
الرابع من الواجبات: إطلاق الماء وطهارته وإباحته، بل الأحوط إباحة المكان والمصبّ والآنية، وإن كان عدم الاشتراط فيها لا يخلو من وجه. ويعتبر أيضاً المباشرة اختياراً، وعدم المانع من استعمال الماء لمرض ونحوه على ما مرّ في الوضوء. وكذا طهارة المحلّ الذي يراد إجراء ماء الغسل عليه، فلو كان نجساً طهّره أوّلاً، ثمّ أجرى الماء عليه للغسل.

(مسألة 10): إذا كان قاصداً عدم إعطاء الاُجرة للحمّامي، أو كان بناؤه على إعطائها من الحرام، أو على النسيئة من غير تحقّق رضا الحمّامي، بطل غسله وإن استرضاه بعده.

(مسألة 11): يشكل الوضوء والغسل بالماء المسبَّل، إلاّ مع العلم بعموم الإباحة من مالكه.

(مسألة 12): الظاهر أنّ ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس، وكذا اُجرة تسخينه إذا احتاج إليه، على زوجها.

(مسألة 13): يتعيّن على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيباً، فلو اغتسل ارتماساً بطل غسله وصومه على الأحوط([97]) فيهما.

(مسألة 14): لو شكّ في شيء من أجزاء الغسل وقد فرغ من الغسل، بنى على الصحّة، وكذا لو شكّ فيه وقد دخل في جزء آخر على الأقوى، وإن كان الأحوط في هذا الفرض التدارك.

(مسألة 15): ينبغي للمجنب ـ إذا أنزل ـ الاستبراء بالبول قبل الغسل، وليس هو شرطاً في صحّة غسله، ولكن فائدته أنّه لو فعله واغتسل، ثمّ خرج منه بلل مشتبه، لا يجب عليه إعادة الغسل، بخلاف ما لو اغتسل بدونه، فإنّ البلل المشتبه حينئذ محكوم بكونه منيّاً، سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول عليه أم لا. نعم لو اجتهد في الاستبراء، بحيث قطع بنقاء المحلّ وعدم بقاء المنيّ في المجرى، واحتمل أن يكون حادثاً، لا تجب الإعادة على الأقوى، وكذا لو كان طول المدّة منشأ لقطعه. لكن الأحوط الإعادة في الصورتين.

(مسألة 16): المجنب بسبب الإنزال لو اغتسل، ثمّ خرج منه بلل مشتبه بين المنيّ والبول، فإن لم يستبرئ بالبول يحكم بكونه منيّاً، فيجب عليه الغسل خاصّة، وإن بال ولم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولاً، فيجب عليه الوضوء خاصّة. ولا فرق في هاتين الصورتين بين احتمال غيرهما من المذي وغيره وعدمه. وإن استبرأ بالبول وبالخرطات بعده، فإن احتمل غير البول والمنيّ أيضاً ليس عليه غسل ولا وضوء، وإن لم يحتمل غيرهما، فإن أوقع الأمرين قبل الغسل، وخرج البلل المشتبه بعده، يجب الاحتياط([98]) بالجمع بين الغسل والوضوء، وإن أوقعهما بعده ثمّ خرج البلل المزبور يكفي الوضوء خاصّة.

(مسألة 17): لو خرجت بعد الإنزال والغسل رطوبة مشتبهة بين المنيّ وغيره، وشكّ في أنّه استبرأ بالبول أم لا، بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل، ومع احتمال كونه بولاً الأحوط ضمّ الوضوء أيضاً.

(مسألة 18): يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به.

(مسألة 19): لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل لم يبطل على الأقوى، لكن يجب الوضوء بعده لكلّ ما اشترط به، والأحوط استئناف الغسل قاصداً به ما يجب عليه من التمام أو الإتمام والوضوء بعده.

(مسألة 20): لو ارتمس في الماء بقصد الاغتسال، وشكّ في أنّه كان ناوياً للغسل الارتماسي حتّى يكون فارغاً، أو الترتيبي وكان ارتماسه بقصد غسل الرأس والرقبة وبقي الطرفان، يحتاط بغسل الطرفين، ولا يجب الاستئناف، بل لا يكفي الارتماسي على الأحوط.

(مسألة 21): لو صلّى المجنب، ثمّ شكّ في أنّه اغتسل من الجنابة أم لا، بنى على صحّة صلاته، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية. ولو كان الشكّ في أثناء الصلاة بطلت، والأحوط إتمامها ثمّ إعادتها مع الغسل.

(مسألة 22): إذا اجتمع عليه أغسال متعدّدة ـ واجبة أو مستحبّة أو مختلفة ـ فإن نوى الجميع بغسل واحد صحّ وكفى عن الجميع مطلقاً ([99])، فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء للمشروط به، وإلاّ وجب الوضوء قبل الغسل أو بعده. ومع عدم نيّة الجميع ففي الكفاية إشكال([100])، فلا يترك الاحتياط. نعم لا يبعد كفاية نيّة الجنابة عن سائر الأغسال، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بنيّة الجميع.

فصل في غسل الحيض

دم الحيض أحمر يضرب إلى السواد، أو أحمر طريّ له دفع وحرقة وحرارة، ودم الاستحاضة مقابله في الأوصاف. وهذه صفات غالبيّة لهما يرجع إليها في مقام التميّز والاشتباه في بعض المقامات، وربما كان كلٌّ منهما بصفات الآخر. وكلّ دم تراه الصبيّة قبل إكمال تسع سنين، ليس بحيض وإن كان بصفاته، وفي كونه استحاضة مع عدم العلم بغيرها تردّد وإن لا يبعد. وكذا ما تراه المرأة بعد اليأس ليس بحيض، وفي كونه استحاضة مع احتمالها تردّد وإن لا يبعد. وتيأس المرأة بإكمال ستّين سنة إن كانت قرشيّة، وخمسين إن كانت غيرها. وفي إلحاق المشكوك كونها قرشيّة بغيرها إشكال. والمشكوك بلوغها يحكم بعدمه، وكذلك المشكوك يأسها.

(مسألة 1): لو خرج ممّن شكّ في بلوغها دم بصفات الحيض، فإن حصل الوثوق بحيضيّته لا يبعد الحكم بها وبالبلوغ، وإلاّ فمحلّ تأمّل وإشكال([101]).

(مسألة 2): الحيض يجتمع مع الإرضاع. وفي اجتماعه مع الحمل قولان، أقواهما ذلك وإن ندر وقوعه، فيحكم بحيضيّة ما تراه الحامل ـ مع اجتماع الشرائط والصفات ـ ولو بعد استبانة الحمل. لكن لا ينبغي([102]) ترك الاحتياط لو رأت بعد العادة بعشرين يوماً بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

(مسألة 3): لا إشكال في حدوث صفة الحيض، وترتّب أحكامه عند خروج دمه إلى الخارج ولو بإصبع ونحوه، وإن كان بمقدار رأس إبرة. كما لا إشكال في أنّه يكفي في بقائها واستدامتها تلوّثُ الباطن به ولو قليلاً، بحيث يتلطّخ به القطنة لو أدخلتها. وأمّا إذا انصبّ من محلّه في فضاء الفرج ـ بحيث يمكن إخراجه بالإصبع ونحوه ولم يخرج بعد ـ فهل يحدث به صفة الحيض ويترتّب عليه أحكامه أم لا ؟ فيه تأمّل وإشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة، ولا يبعد جواز إخراج الدم حينئذ ولو بالعلاج وإجراء أحكام الحائض.

(مسألة 4): لو شكّ في أصل الخروج حكم بعدمه، كما أنّه لو شكّ في أنّ الخارج دم أو غيره من الفضلات، حكم بالطهارة من الحدث والخبث، ولو علم أنّه دم، وتردّد بين كونه خارجاً من الموضع أو من غيره، حكم بالطهارة من الحدث خاصّة. ولا يجب عليها الفحص في الصور الثلاث. ولو علمت خروج الدم واشتبه حاله، فله صور يعرف حكمها في ضمن المسائل الآتية.

(مسألة 5): لو اشتبه دم الحيض بدم البكارة ـ كما إذا افتُضّت البِكر، فسال دم كثير لا ينقطع، فشكّ في أنّه من الحيض أو البكارة أو منهما ـ يختبر بإدخال قطنة والصبر قليلاً ثمّ إخراجها، والأحوط الأولى إدخالها وتركها مليّاً ثمّ إخراجها رقيقاً ([103])، فإن كانت مطوّقة بالدم فهو من البكارة ولو كان بصفات الحيض، وإن كانت منغمسة به فهو من الحيض. والاختبار المذكور واجب، وأمّا كونه شرطاً لصحّة عملها فغير معلوم، فالأقوى صحّته لو حصلت منها نيّة القربة مع تبيّن عدم كونه حيضاً. ولو تعذّر عليها الاختبار، ترجع إلى الحالة السابقة ـ من طهر أو حيض ـ فتبني عليها، ومع الجهل بها تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة.

(مسألة 6): الظاهر أنّ التطويق والانغماس المذكورين علامتان للبكارة والحيض مطلقاً، حتّى عند الشكّ في البكارة والافتضاض، ووجوب الاختبار حينئذ أيضاً لا يخلو من وجه.

(مسألة 7): لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة ـ التي في جوفها ـ لا يبعد وجوب الاختبار، فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فحيض، وإلاّ فمن القرحة. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ولو مع العلم بالحالة السابقة. نعم مع تعذّر الاختبار تعمل بالحالة السابقة، ومع الجهل بها تجمع بين أعمال الطاهرة وتروك الحائض.

(مسألة 8): أقلّ الحيض ثلاثة أيام، وأكثره كأقلّ الطهر عشرة، فكلّ دم تراه المرأة ناقصاً عن الثلاثة أو زائداً على العشرة ليس بحيض، وكذا ما تراه بعد انقطاع الدم ـ الذي حكم بحيضيّته من جهة العادة أو غيرها ـ من دون فصل العشرة، ولم يمكن حيضيّة الدمين مع النقاء المتخلّل في البين ; لكون المجموع زائداً على العشرة، ليس بحيض، بل هو استحاضة، كما إذا رأت ذات العادة سبعة أيام مثلاً في العادة، ثمّ انقطع سبعة أيّام، ثمّ رأت ثلاثة أيّام، فالثاني ليس بحيض، بل هو استحاضة.

(مسألة 9): الأقوى اعتبار التوالي في الأيّام الثلاثة، فلا يكفي كونها في ضمن العشرة، كأن رأت يوماً أو يومين وانقطع، ثمّ رأت قبل انقضاء العشرة ما به يتمّ الثلاثة. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل على الوظيفتين. ويكفي في التوالي استمرار الدم فيها عرفاً، فلا يضرّ الفترات اليسيرة المتعارفة بين النساء، كما أنّ الظاهر كفاية التلفيق في الأيّام، كما لو رأت الدم من الظهر إلى الظهر من اليوم الرابع.

(مسألة 10): المراد باليوم النهار، وهو ما بين طلوع الفجر([104]) إلى الغروب، فالليالي خارجة، فإذا رأت من الفجر إلى الغروب وانقطع، ثمّ رأت يومين آخرين كذلك في ضمن العشرة، كفى عند من لم يعتبر التوالي. نعم بناءً على اعتباره ـ كما هو الأقوى ـ يدخل الليلتان المتوسطتان خاصّة لو كان مبدأ الدم أوّل النهار، والليالي الثلاث لو كان مبدؤه أوّل الليل، أو عند التلفيق كالمثال المتقدّم.

(مسألة 11): الحائض: إمّا ذات العادة، أو غيرها. والثانية: إمّا مبتدأة: وهي التي لم تر حيضاً قطّ، وإمّا مضطربة: وهي التي تكرّر منها الحيض ولم يستقرّ لها عادة، وإمّا ناسية: وهي التي نسيت عادتها. وتصير المرأة ذات عادة بتكرّر الحيض مرّتين متواليتين متّفقتين في الزمان أو العدد أو فيهما، فتصير بذلك ذات عادة وقتيّة أو عدديّة أو وقتيّة وعدديّة، ولما كان تحقّق العادة الوقتيّة فقط ـ بل العدديّة فقط ـ بالمرّتين لا يخلو من شوب إشكال، فلا ينبغي ترك الاحتياط.

(مسألة 12): لا إشكال في أنّه لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرّة، كما أنّه لا إشكال في زوالها بطُروّ عادة اُخرى، حاصلة من تكرّر الدم مرّتين متماثلتين على خلافها. وفي زوالها بتكرّره على خلافها ـ لا على نسق واحد، بل مختلفاً ـ قولان، أقواهما ذلك فيما لو وقع التخلّف مراراً، بحيث يصدق في العرف أنّها ليس لها أيّام معلومة، وأمّا لو رأت مرّتين غير متماثلتين ففي بقاء العادة تأمّل.

(مسألة 13): ذات العادة الوقتيّة ـ سواء كانت عدديّة أيضاً أم لا ـ تتحيّض بمجرّد رؤية الدم في العادة، فتترك العبادة سواء كان بصفة الحيض أم لا، وكذا لو رأت قبل العادة أو بعدها بيوم أو يومين أو أزيد، مادام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة وتأخّرهما، فإن انكشف عليها بعد ذلك عدم كونه حيضاً ـ لكونه أقلّ من أقلّه ـ تقضي ما تركته من العبادة. وأمّا غير ذات العادة المذكورة فتتحيّض أيضاً بمجرّد الرؤية إن كان بصفات الحيض، ومع عدمه تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة، فإن استمرّ إلى ثلاثة أيّام تجعلها حيضاً، ولو زاد عليها إلى العشرة تجعل الزائد أيضاً حيضاً، فتكتفي بوظيفة الحائض، ولا تحتاج إلى مراعاة أعمال المستحاضة، وإن كان ترك الاحتياط لا ينبغي.

(مسألة 14): ذات العادة الوقتيّة لو رأت في العادة وقبلها، أو رأت فيها وبعدها، أو رأت فيها وفي الطرفين، فإن لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضاً، وإن تجاوز عنها فالحيض خصوص أيّام العادة، والزائد استحاضة.

(مسألة 15): إذا رأت المرأة ثلاثة أيام متواليات، وانقطع بأقلّ من عشرة، ثمّ رأت ثلاثة أيام أو أزيد، فإن كان مجموع الدمين والنقاء المتخلّل في البين لا يزيد على العشرة، كان الطرفان حيضاً، ويلحق بهما النقاء المتخلّل، سواء كان الدمان أو أحدهما بصفة الحيض أم لا، وسواء كانت ذات العادة وصادف الدمان أو أحدهما العادة أم لا. وإن تجاوز المجموع عن العشرة، وكان كلّ واحد من الدمين والنقاء أقلّ منها، فإن كانت ذات عادة، وكان أحد الدمين في العادة، جعلته خاصّة حيضاً دون الآخر، وكذلك إذا وقع بعض أحدهما في العادة دون الآخر، تجعل ذلك حيضاً دون الآخر، وكذلك لو كانت ذات عادة عدديّة، وكان أحد الدمين موافقاً لها، تجعله حيضاً دون الآخر، ويتقدّم على التميّز على الأقوى. وإن لم تكن ذات عادة، أو لم يقع أحدهما أو بعض أحدهما في العادة، تجعل ما كان بصفة الحيض حيضاً دون الآخر.
ولو كانت ذات عادة وقتيّة وعدديّة، ووقع بعض أحد الدمين في الوقت غير موافق للعدد، وكان الآخر بمقدار العدد في غير الوقت، تحتاط في كليهما([105]) بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة، ولو تساويا في الصفة ولم يقع واحد منهما ـ كلاّ أو بعضاً ـ في العادة ولا موافقاً لها في العدد، فالأحوط ـ لو لم يكن الأقوى([106]) ـ أن تجعل أوّلهما حيضاً وتحتاط إلى تمام العشرة، فلو رأت ثلاثة أيام دماً وثلاثة أيام طُهراً وستّة أيام دماً، جعلت الثلاثة الاُولى حيضاً وتحتاط في البقيّة إلى تمام العشرة، بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة في النقاء المتخلّل، وبالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في أيّام الدم إلى تمام العشرة.

(مسألة 16): ذات العادة إذا رأت أزيد من العادة ولم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض.

(مسألة 17): إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرّة، فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقلّ الطهر في البين، فإن كان أحدهما في العادة تجعله حيضاً، وكذلك الآخر إن كان بصفة الحيض، وأمّا إن كان بصفة الاستحاضة فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة. وإن كانا معاً في غير وقت العادة تجعلهما حيضاً ([107])، سواء كانا واجدين لصفة الحيض أو فاقدين لها أو مختلفين، وإن كان الاحتياط في الدم الثاني في الصورة الثانية، وفي الفاقد منهما في الثالثة، لا ينبغي تركه.

(مسألة 18): المبتدأة والمضطربة ومن كانت عادتها عشرة، إذا انقطع عنهنّ الدم في الظاهر قبل العشرة مع احتمال بقائه في الباطن، يجب عليهنّ الاستبراء، بإدخال قطنة ونحوها والصبر هنيئة ثمّ إخراجها، فإن خرجت نقيّة اغتسلن وصلّين، وإن خرجت متلطّخة ولو بالصُّفرة صبرن حتّى النقاء أو مضيّ عشرة أيام، فإن لم يتجاوز عن العشرة كان الكلّ حيضاً، وإن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.
وذات العادة التي عادتها أقلّ من عشرة، إن انقطع عنها الدم ظاهراً استبرأت فان نقيت اغتسلت وصلّت، وإلاّ صبرت إلى إكمال العادة، فإن بقي الدم حتّى كملت العادة وانقطع عليها بالمرّة اغتسلت وصلّت، وكذلك لو انقطع الدم ظاهراً على العادة فاستبرأت فرأت نفسها نقيّة. ولو لم ينقطع على العادة وتجاوز عنها، استظهرت بترك العبادة إلى العشرة استحباباً ([108]) ـ على الأقوى ـ ولو كان بصفة الحيض، والأحوط وجوبه في يوم واحد، ولا ينبغي ترك الاحتياط في الزائد بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة، فحينئذ إذا لم يتجاوز الدم عن العشرة كان الكلّ حيضاً، وسيأتي حكم المتجاوز.

(مسألة 19): لو تجاوز الدم عن العشرة ـ قليلاً كان أو كثيراً ـ فقد اختلط حيضها بطهرها، فإن كان لها عادة معلومة من حيث الزمان والعدد، تجعلها حيضاً وإن لم يكن بصفاته، والبقيّة استحاضة وإن كان بصفاته. ولو لم تكن لها عادة معلومة لا عدداً ولا وقتاً، بأن كانت مبتدأة، أو مضطربة وقتاً وعدداً، أو ناسية كذلك، فإن اختلف لون الدم ـ فبعضه أسود أو أحمر وبعضه أصفر ـ ترجع إلى التميّز، فتجعل ما بصفة الحيض حيضاً وغيره استحاضة، بشرط أن لا يكون ما بصفة الحيض أقلّ من ثلاثة ولا أزيد من عشرة، وأن لا يعارضه دم آخر واجد لصفة الحيض، مفصول بينه وبينه بالفاقد الذي يكون أقلّ من عشرة، كما إذا رأت خمسة أيّام دماً أسود ثمّ خمسة أيّام أصفر ثمّ خمسة أسود، ولو كان ما بصفة الحيض أقلّ من ثلاثة أو أكثر من عشرة، فإلغاؤها مطلقاً وصيرورتها فاقدة التميّز محلّ إشكال، ولا يبعد لزوم الأخذ بالصفات في الدم الأوّل مثلاً في المثال، وتتميمه أو تنقيصه بما هو وظيفتها، من الأخذ بالروايات أو عادة نسائها.
وإن كان الدم على لون واحد تكون فاقدة التميّز، فإن لم تكن لها أقارب ذوات عادات متّفقات فالأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ أن تجعل سبعة من كلّ شهر حيضاً والبقيّة استحاضة. وإن كانت لها أقارب من اُمّ واُخت وخالة وعمّة وغيرهنّ ـ مع اتّفاقهنّ في العادة والعلم بحالهنّ ـ ترجع المبتدأة إليهنّ فتأخذ بها، وأمّا من لم تستقرّ لها عادة وكانت لها أقارب كما ذكرت، فلا تترك الاحتياط فيما إذا كانت عادتهنّ أقلّ من سبعة أو أكثر، بأن تجمع في مقدار التفاوت بين وظيفتي الحائض والمستحاضة.

(مسألة 20): الأحوط([109])، لو لم يكن الأقوى أن تجعل فاقدة التميّز التحيّض في أوّل رؤية الدم، فمع فقد الأقارب ـ بما ذكر في المسألة السابقة ـ تحيّضت سبعة، ومع وجودهنّ لا يبعد وجوب جعله بمقدارهنّ عدداً. وعلى أيّ حال لو استمرّ الدم إلى أزيد من شهر واحد، يجب عليها الموافقة بين الشهور، فإن كان ابتداء الدم في الشهر الأوّل من أوّله، جعلتها في الشهور التالية أيضاً في أوّلها، وإن كان في وسطه جعلتها في وسطها وهكذا.

(مسألة 21): ذات العادة الوقتية فقط لو تجاوز دمها العشرة، ترجع في الوقت إلى عادتها. وأمّا في العدد فإن كان لها تميّز يمكن رعايته في الوقت رجعت إليه، وإلاّ رجعت إلى أقاربها مع الوجدان بالشرط المتقدّم، وإلاّ تحيّضت سبعة أيام وجعلتها في وقت العادة، وذات العادة العدديّة فقط ترجع في العدد إلى عادتها.
وأمّا بحسب الوقت فإن كان لها تميّز يوافق العدد رجعت إليه، وكذا إن كان مخالفاً له، لكن تزيد مع نقصانه عن العدد بمقداره وتنقص مع زيادته عليه، ومع عدم التميّز أصلاً تجعل العدد في أوّل الدم، كما تقدّم.

القول في أحكام الحائض


وهي اُمور:
منها: عدم جواز الصلاة والصيام والطواف والاعتكاف لها.

ومنها: حرمة ما يحرم على مطلق المحدث عليها، وهي مسّ اسم الله تعالى([110])، وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)([111]) على الأحوط، ومسّ كتابة القرآن على التفصيل المتقدّم في الوضوء.

ومنها: حرمة ما يحرم على الجنب عليها، وهي قراءة السور العزائم أو بعضها، ودخول المسجدين، واللبث في غيرهما، ووضع شيء في المساجد على ما مرّ في الجنابة، فإنّ الحائض كالجنب في جميع الأحكام.

ومنها: حرمة الوطء بها في القُبُل على الرجل وعليها، ويجوز الاستمتاع بغيره من التقبيل والتفخيذ ونحوهما، حتّى الوطء في دُبُرها ـ على الأقوى ـ وإن كره كراهة شديدة، والأحوط اجتنابه([112]). وكذا يكره الاستمتاع بها بما بين السُّرّة والرُّكبة. وإنّما تحرم المذكورات مع العلم بحيضها وجداناً، أو بالأمارات الشرعيّة، كالعادة والتميّز ونحوهما، بل مع التحيّض بسبعة أيّام أو الرجوع إلى عادة نسائها أيضاً. ولو جهل بحيضها وعلم به في حال المقاربة يجب المبادرة بالإخراج، وكذا لو لم تكن حائضاً فحاضت في حالها. وإذا أخبرت بالحيض أو ارتفاعه يسمع قولها، فيحرم الوطء عند إخبارها به، ويجوز عند إخبارها بارتفاعه.

(مسألة 1): لا فرق في حرمة الوطء بين الزوجة الدائمة والمنقطعة والحرّة والأمة.

(مسألة 2): إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهية، بل وقبل غسل فرجها، وإن كان الأحوط اجتنابه قبله.

ومنها: ترتّب الكفّارة على وطئها على الأحوط([113]). وهي في وطء الزوجة: دينار في أوّل الحيض، ونصفه في وسطه، وربعه في آخره. ولا كفّارة على المرأة وإن كانت مطاوعة. وإنّما يوجب الكفّارة مع العلم بالحرمة وكونها حائضاً، بل ومع الجهل عن تقصير في بعض الموارد على الأحوط.

(مسألة 3): المراد بأوّل الحيض ثلثه الأوّل، وبوسطه ثلثه الثاني، وبآخره ثلثه الأخير، فإن كان أيّام حيضها ستّة فكلّ ثلث يومان، أو سبعة فيومان وثلث وهكذا.

(مسألة 4): لو وطئها معتقداً حيضها فبان عدمه، أو معتقداً عدم الحيض فبان وجوده، لا كفّارة عليه.

(مسألة 5): لو اتّفق حيضها حال المقاربة ولم يبادر في الإخراج، ففي ثبوت الكفّارة إشكال، والأحوط ذلك.

(مسألة 6): يجوز إعطاء قيمة الدينار، والمعتبر قيمة وقت الأداء.

(مسألة 7): تُعطى الكفّارة المذكورة لمسكين واحد، كما تُعطى لثلاثة مساكين.

(مسألة 8): تتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء لو وقع في أوقات مختلفة، كما إذا وطئها في أوّله وفي وسطه وفي آخره، فيكفّر بدينار وثلاثة أرباع الدينار، وكذا لو تكرّر في وقت واحد مع تخلّل التكفير، وأمّا مع عدمه ففيه قولان، أحوطهما ذلك.

ومنها: بطلان طلاقها إن كانت مدخولاً بها([114])، ولم تكن حاملاً، وكان زوجها حاضراً، أو بحكمـه بأن يتمكّن من استعلام حالها بسهولـة مع غيبتـه، فلو لم تكن مدخولاً بها، أو كانت حامـلاً، أو كان زوجها غائبـاً أو بحكمـه، بأن لم يكن متمكّناً من استعلام حالها مع حضوره صحّ طلاقها. ولخصوصيّات المسألة محلّ آخر.

(مسألة 9): لو كان الزوج غائباً ووكّل حاضراً متمكّناً من استعلام حالها لا يجوز له طلاقها في حال الحيض.

ومنها: وجوب الغسل عند انقطاع الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر. وغسله كغسل الجنابة([115]) في الكيفيّة والأحكام، إلاّ أنّه لا يجزي عن الوضوء([116])، فيجب الوضوء معه ـ قبله أو بعده ـ لكلّ مشروط به كالصلاة، بخلاف غسل الجنابة كما مرّ. ولو تعذّر الوضوء فقط تغتسل وتتيمّم بدلاً عنه، ولو تعذّر الغسل فقط تتوضّأ وتتيمّم بدلاً عنه، ولو تعذّرا معاً تتيمّم تيمّمين: أحدهما بدلاً عن الغسل، والآخر بدلاً عن الوضوء.

(مسألة 10): لو لم يكن عندها الماء إلاّ بقدر أحدهما تقدّم الغسل على الأحوط.

(مسألة 11): لو تيمّمت بدلاً عن الغسل، ثمّ أحدثت بالأصغر، لم يبطل تيمّمها إلى أن تتمكّن من الغسل. والأحوط تجديده.

ومنها: وجوب قضاء ما تركته في حال الحيض من الصيام الواجب، سواء كان صوم شهر رمضان، أو غيره على الأقوى. وكذا الصلاة الواجبة غير اليوميّة، كالآيات([117])، وركعتي الطواف والمنذورة على الأحوط([118]). بخلاف الصلاة اليوميّة، فإنّه لا يجب عليها قضاء ما تركته في حال حيضها. نعم لو حاضت بعد دخول الوقت، وقد مضى منه مقدار أقلّ الواجب([119]) من صلاتها، بحسب حالها: من البطء والسرعة، والصحّة والمرض، والحضر والسفر، ومقدار تحصيل الشرائط غير الحاصلة، بحسب تكليفها الفعلي ـ من الوضوء والغسل أو التيمّم ـ ولم تصلِّ، وجب عليها قضاء تلك الصلاة. بخلاف من لم تدرك من أوّل الوقت هذا المقدار، فإنّه لا يجب عليها القضاء. والأحوط القضاء لو أدركت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة، وإن لم تدرك مقدار تحصيل سائر الشرائط، وإن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 12): لو طهرت من الحيض قبل خروج الوقت، فإن أدركت منه مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط وجب عليها الأداء، ومع تركها القضاء. بل الأحوط القضاء مع عدم سعة الوقت إلاّ للطهارة من الشرائط وأداء ركعة، وإن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 13): لو ظنّت ضيق الوقت عن أداء ركعة مع تحصيل الشرائط، فتركت فبان السعة، وجب القضاء.

(مسألة 14): لو طهرت في آخر النهار، وأدركت من الوقت مقدار أربع ركعات في الحضر أو ركعتين في السفر، صلّت العصر، وسقط عنها الظهر أداءً وقضاءً. ولو أدركت مقدار خمس ركعات في الحضر أو ثلاث ركعات في السفر، تجب عليها الصلاتان، وإن تركتهما يجب قضاؤهما. وأمّا العشاءان فإن بقي من آخر الليل أقلّ من مقدار خمس ركعات في الحضر أو أربع في السفر، يجب عليها خصوص العشاء، وسقط عنها المغرب أداءً وقضاءً.

(مسألة 15): لو اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فأتت بهما، ثمّ تبيّن عدمها، وأنّ وظيفتها خصوص الثانية، صحّت ولا شيء عليها، وكذا لو أتت بالثانية فتبيّن الضيق. ولو تركتهما وجب عليها قضاء الثانية، وإن قدّمت الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة، صحّت ووجب إتيان الاُولى بعدها، وإن كان التبيّن بعد خروج الوقت وجب قضاؤها.

(مسألة 16): يستحبّ للحائض أن تبدّل القطنة([120])، وتتوضّأ وقت كلّ صلاة، وتجلس بمقدار صلاتها مستقبلة ذاكرة لله تعالى. ويُكره لها الخضاب بالحناء وغيره، وقراءة القرآن ولو أقلّ من سبع آيات، وحمل المصحف ولو بغلافه، ولمس هامشه وما بين سطوره.

فصل في الاستحاضة

والكلام في دمها وأحكامها:
دم الاستحاضة ـ في الأغلب ـ أصفر بارد رقيق يخرج بغير قوّة ولذع وحرقة، وقد يكون بصفة الحيض كما مرّ. وليس لقليله ولا لكثيره حدّ. وكلّ دم تراه المرأة قبل بلوغها أو بعد يأسها أو أقلّ من ثلاثة، ولم يكن دم قرح ولا جرح ولا نفاس، فهو استحاضة، على إشكال في الكلّيّة([121]).
وكذا لو لم يعلم كونه من القرح أو الجرح إن لم تكن المرأة مقروحة أو مجروحة على الأحوط. وكذا لو تجاوز الدم عن عشرة أيّام، لكن حينئذ قد امتزج حيضها بالاستحاضة، فلابدّ في تعيينهما من أن ترجع إلى التفصيل الذي سبق في الحيض.

وأمّا أحكامها: فهي ثلاثة أقسام: قليلة ومتوسطة وكثيرة:
فالاُولى: أن تتلوّث القطنة بالدم من دون أن يثقبها([122]) ويظهر من الجانب الآخر. وحكمها: وجوب الوضوء لكلّ صلاة، وغسل ظاهر فرجها لو تلوّث به، والأحوط تبديل القطنة أو تطهيرها([123]).
والثانية: أن يثقب الدم القطنة ويظهر من الجانب الآخر، ولا يسيل منها إلى الخرقة التي فوقها. وحكمها: ـ مضافاً إلى ما ذُكر([124]) ـ أنّه يجب عليها غسل واحد لصلاة الغداة، بل لكلّ صلاة حدثت قبلها أو في أثنائها على الأقوى، فإن حدثت بعد صلاة الغداة يجب للظهرين، ولو حدثت بعدهما يجب للعشاءين.
والثالثة: أن يسيل من القطنة إلى الخرقة. وحكمها: ـ مضافاً إلى ما ذُكر، وإلى تبديل الخرقة أو تطهيرها ـ غسل آخر للظهرين تجمع بينهما، وغسل للعشاءين تجمع بينهما. هذا إذا حدثت قبل صلاة الفجر، ولو حدثت بعدها يجب في ذلك اليوم غسلان: غسل للظهرين، وغسل للعشاءين، ولو حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين. والظاهر أنّ الجمع بين الصلاتين بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما، وأنّه رخصة لا عزيمة، فلو لم تجمع بينهما يجب الغسل لكلّ منهما. فظهر ممّا مرّ: أنّ الاستحاضة الصغرى حدث أصغر كالبول، فإن استمرّت أو حدثت قبل كلّ صلاة من الصلوات الخمس، تكون كالحدث المستمرّ مثل السلس. والكبرى والوسطى حدث أصغر وأكبر.

(مسألة 1): يجب على المستحاضة على الأحوط([125]) اختبار حالها في وقت كلّ صلاة بإدخال قطنة ونحوها، والصبر قليلاً ; لتعلم أنّها من أيّ قسم من الأقسام ; لتعمل بمقتضى وظيفتها. ولا يكفي الاختبار قبل الوقت إلاّ إذا علمت بعدم تغيّر حالها إلى ما بعد الوقت. فلو لم تتمكّن من الاختبار، فإن كان لها حالة سابقة معلومة ـ من القلّة أو التوسّط أو الكثرة ـ تأخذ بها وتعمل بمقتضى وظيفتها، وإلاّ فتأخذ بالقدر المتيقّن، فإن تردّدت بين القليلة وغيرها تعمل عمل القليلة، وإن تردّدت بين المتوسّطة والكثيرة تعمل عمل المتوسّطة. والأحوط مراعاة أسوأ الحالات.

(مسألة 2): إنّما يجب تجديد الوضوء لكلّ صلاة والأعمال المذكورة لو استمرّ الدم، فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر يجب لها فقط، ولا يجب للعصر ولا للعشاءين، وإن انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط وهكذا، بل لو انقطع وتوضّأت للظهر، وبقي وضوؤها إلى المغرب والعشاء، صلّتهما بذلك الوضوء، ولم تحتج إلى تجديده.

(مسألة 3): يجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة لو لم ينقطع الدم بعدهما، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها. نعم لو توضّأت واغتسلت في أوّل الوقت مثلاً وانقطع الدم حين الشروع في الوضوء والغسل ـ ولو انقطاع فترة ـ وعلمت بعدم عوده إلى آخر الوقت، جاز لها تأخير الصلاة.

(مسألة 4): يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفّظ من خروج الدم ـ مع عدم خوف الضرر([126]) ـ بحشو قطنة أو غيرها وشدّها بخرقة، فلو خرج الدم لتقصير منها في التحفّظ والشدّ أعادت الصلاة، بل الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ إعادة الغسل والوضوء أيضاً ([127]). نعم لو كان خروجه لغلبته ـ لا لتقصير منها في التحفّظ ـ فلا بأس.

(مسألة 5): لو انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى، كما إذا صارت القليلة متوسّطة أو كثيرة، أو المتوسّطة كثيرة، فبالنسبة إلى الصلاة التي صلّتها مع وظيفة الأدنى لا أثر لهذا الانتقال، فلا يجب إعادتها. وأمّا بالنسبة إلى الصلوات المتأخّرة فتعمل عمل الأعلى. وكذا بالنسبة إلى الصلاة التي انتقلت من الأدنى إلى الأعلى في أثنائها، فعليها الاستئناف والعمل على الأعلى، فلو تبدّلت القليلة بالمتوسّطة أو بالكثيرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها، وتكون بالنسبة إلى الظهرين والعشاءين، كما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلّة، فتغتسل غسلاً واحداً للظهرين في الصورة الاُولى، وغسلين لهما وللعشاءين في الثانية، بخلاف ما لو تبدّلت إليهما قبل صلاة الصبح أو في أثنائها، فإنّها تغتسل لها، بل لو توضّأت قبل التبدّل تستأنف الوضوء، حتّى لو تبدّلت المتوسّطة بالكثيرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل، وتعمل في ذلك اليوم عمل الكثيرة، كما إذا لم تكن مسبوقة بالتوسّط. وإن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى تعمل لصلاة واحدة عمل الأعلى، ثمّ تعمل عمل الأدنى، فلو تبدّلت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح ـ واستمرّت عليها ـ اغتسلت للصبح، واكتفت بالوضوء للبواقي، ولو تبدّلت الكثيرة إلى المتوسّطة بعد صلاة الصبح، اغتسلت للظهر واكتفت بالوضوء للعصر والعشاءين.

(مسألة 6): يصحّ الصوم من المستحاضة القليلة، ولا يشترط في صحّته الوضوء. وأمّا غيرها فيشترط في صحّة صومها الأغسال النهارية على الأقوى، ولا يترك الاحتياط في الكثيرة بالنسبة إلى الليليّة للّيلة الماضية.

(مسألة 7): لو انقطع دمها، فإن كان قبل فعل الطهارة أتت بها وصلّت، وإن كان بعد فعلها وقبل فعل الصلاة، أعادتها وصلّت إن كان الانقطاع لبُرء. وكذا لو كان لفترة واسعة للطهارة والصلاة في الوقت. وأمّا لو لم تكن واسعة لهما اكتفت بتلك الطهارة وصلّت، وكذلك لو كانت شاكّة في سعتها. والأحوط لمن علمت بالسعة ولكن شكّت في أنّه للبُرء أو الفترة إعادةُ الطهارة. ولو انقطع في أثناء الصلاة أعادت الطهارة والصلاة إن كان لبُرء أو لفترة واسعة، وإن لم تكن واسعة أتمّت صلاتها. ولو انقطع بعد فعل الصلاة فلا إعادة عليها على الأقوى وإن كان لبُرء.

(مسألة 8): قد تبيّن ـ ممّا مرّ ـ حكم المستحاضة وما لها من الأقسام ووظائفها بالنسبة إلى الصلاة والصيام. وأمّا بالنسبة إلى سائر الأحكام: فلا إشكال في أنّه يجب عليها الوضوء فقط للطواف الواجب لو كانت ذات الصغرى، وهو مع الغسل([128]) لو كانت ذات الوسطى أو الكبرى.
والأحوط عدم كفاية الوضوء الصلاتي في الاُولى مع استدامتها، ولا هو مع الغسل في غيرها، خصوصاً لو أوقعت ذات الوسطى الطواف في غير وقت الغداة، أو ذات الكبرى في غير الأوقات الثلاثة، فيتوقّف صحّة طوافها على الوضوء والغسل له مستقلاّ على الأحوط. وأمّا الطواف المستحبّ، فحيث إنّه لا يشترط فيه الطهارة من الحدث، لا يحتاج إلى الوضوء ولا إلى الغسل من حيث هو، وإن احتاج إلى الغسل في غير ذات الصغرى، من جهة دخول المسجد لو قلنا به. وأمّا مسّ كتابة القرآن فلا إشكال في أنّه لا يحلّ لها إلاّ بالوضوء فقط في ذات الصغرى، وبه مع الغسل في غيرها. والأحوط عدم الاكتفاء بمجرّد الإتيان بوظائف الصلاة، فتأتي بالوضوء أو الغسل له مستقلاّ. نعم الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة التي أتت بوظيفتها.
وهل تكون ذات الكبرى والوسطى بحكم الحائض مطلقاً، فيحرم عليهما ما يحرم عليها بدون الغسل، أم لا ؟ الأحوط أن لا يغشاها([129]) زوجها ما لم تغتسل، ولا يجب ضمّ الوضوء وإن كان أحوط، ويكفي الغسل الصلاتي لو واقع في وقتها بعد الصلاة، وأمّا لو واقع في وقت آخر فيحتاج إلى غسل له مستقلاّ على الأحوط، كما قلنا في الطواف. وأمّا مكثها في المساجد ودخولها المسجدين فالأقوى جوازه([130]) لها بدون الاغتسال وإن كان الأحوط الاجتناب بدونه للصلاة أو له مستقلاّ كالوطء. وأمّا صحّة طلاقها فلا إشكال في عدم كونها مشروطة بالاغتسال.

فصل في النفاس
وهو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيّام من حينها، ولو كان سقطاً ولم تلج فيه الروح، بل ولو كان مضغة أو علقة إذا علم كونها مبدأ نشوء الولد، ومع الشكّ لم يحكم بكونه نفاساً. وليس لأقلّه حدّ، فيمكن أن يكون لحظة بين العشرة، ولو لم ترَ دماً أصلاً أو رأته بعد العشرة من حين الولادة فلا نفاس لها. وأكثره عشرة أيّام، وابتداء الحساب بعد انفصال الولد([131])، لا من حين الشروع في الولادة. وإن ولدت في أوّل النهار فالليلة الأخيرة خارجة، وأمّا الليلة الاُولى فهي جزء النفاس إن ولدت فيها، وإن لم تحسب من العشرة، وإن ولدت في وسط النهار يُلفّق من اليوم الحادي عشر، ولو ولدت اثنين كان ابتداء نفاسها من الأوّل، ومبدأ العشرة من وضع الثاني.

(مسألة 1): لو انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكلّ ما رأته نفاس، سواء رأت تمام العشرة أم بعضها، وسواء كانت ذات عادة في حيضها أم لا. والنقاء المتخلّل بين الدمين أو الدماء بحكم النفاس على الأقوى، فلو رأت يوماً بعد الولادة وانقطع ثمّ رأت العاشر يكون الكلّ نفاساً، وكذا لو رأت يوماً فيوماً لا إلى العشرة. ولو لم تر الدم إلاّ اليوم العاشر يكون هو النفاس، والنقاء السابق طهر كلّه. ولو رأت الثالث ثمّ العاشر يكون نفاسها ثمانية.

(مسألة 2): لو رأت الدم في تمام العشرة، واستمرّ إلى أن تجاوزها، فإن كانت ذات عادة عدديّة في الحيض، ترجع في نفاسها إلى مقدار أيّام حيضها، سواء كانت عشرة أو أقلّ، وعملت بعدها عمل المستحاضة. وإن لم تكن ذات عادة تجعل نفاسها عشرة، وتعمل بعدها عمل المستحاضة، وإن كان الاحتياط إلى الثمانية عشر ـ بالجمع بين وظيفتي النُّفساء والمستحاضة ـ لا ينبغي تركه.

(مسألة 3): يعتبر فصل أقلّ الطهر ـ وهو العشرة ـ بين النفاس والحيض المتأخّر، فلو رأت الدم من حين الولادة إلى اليوم السابع، ثمّ رأت بعد العشرة ثلاثة أيام أو أكثر، لم يكن حيضاً، بل كان استحاضة، وإن كان الأحوطُ إلى الثمانية عشر، الجمعَ بين وظيفتي النُّفساء والمستحاضة إذا لم تكن ذات عادة، كما مرّ. وأمّا بينه وبين الحيض المتقدّم فلا يعتبر فصل أقلّ الطُّهر على الأقوى، فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أيّام أو أكثر ـ متّصلاً به أو منفصلاً عنه بأقلّ من عشرة ـ يكون حيضاً، خصوصاً إذا كان في العادة.

(مسألة 4): لو استمرّ الدم إلى شهر أو أقلّ أو أزيد، فبعد مُضيّ العادة في ذات العادة والعشرة في غيرها، محكوم بالاستحاضة. نعم بعد مضيّ عشرة أيّام من دم النفاس يمكن أن يكون حيضاً، فإن كانت معتادة وصادف العادة يحكم بكونه حيضاً، وإلاّ فترجع إلى الصفات والتميّز، وإلاّ فإلى الأقارب، وإلاّ فتجعل سبعة حيضاً وما عداها استحاضة على التفصيل المتقدّم في الحيض، فراجع.

(مسألة 5): لو انقطع دم النِّفاس في الظاهر، يجب عليها الاستظهار على نحو ما مرّ في الحيض، فإذا انقطع الدم واقعاً يجب عليها الغسل للمشروط به كالحائض.

(مسألة 6): أحكام النفساء كأحكام الحائض، في عدم جواز وطئها، وعدم صحّة طلاقها، وحرمة الصلاة والصوم عليها، وكذا مسّ كتابة القرآن، وقراءة العزائم، ودخول المسجدين، والمكث في غيرهما، ووجوب قضاء الصوم عليها دون الصلاة، وغير ذلك على التفصيل الذي سبق في الحيض.

فصل في غسل مسّ الميّت
وسبب وجوبه: مسّ ميّت الإنسان بعد برد تمام جسده وقبل تمام غسله، لابعده ولو كان غسلاً اضطراريّاً، كما إذا كانت الأغسال الثلاثة بالماء القراح لفقد الخليطين، بل ولو كان المغسّل كافراً لفقد المسلم المماثل، وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء به. ويلحق بالغسل التيمّم عند تعذّره، وإن كان الأحوط عدمه. ولا فرق في الميّت بين المسلم والكافر والكبير والصغير، حتّى السِّقط إذا تمّ له أربعة أشهر، كما لا فرق بين ما تحلّه الحياة وغيره، ماسّاً وممسوساً بعد صدق اسم المسّ، فيجب الغسل بمسّ ظفره بالظفر. نعم لا يوجبه مسّ الشعر ماساً وممسوساً ([132]).

(مسألة 1): القطعة المُبانة من الحيّ بحكم الميّت، في وجوب الغسل بمسّها إذا اشتملت على العظم، دون المجرّدة عنه. والأحوط إلحاق العظم المجرّد باللحم المشتمل عليه، وإن كان الأقوى عدمه. وأمّا القطعة المبانة من الميّت، فكلّ ما كان يوجب مسّه الغسل في حال الاتّصال، يكون كذلك حال الانفصال([133]).

(مسألة 2): الشهيد كالمغسّل، فلا يوجب مسّه الغسل، وكذا من وجب قتله قصاصاً أوحدّاً، فأُمر بتقديم غسله ليقتل.

(مسألة 3): لو مسّ ميّتاً وشكّ أنّه قبل برده أو بعده لا يجب الغسل، وكذا لو شكّ في أنّه كان شهيداً أو غيره، بخلاف ما إذا شكّ في أنّه كان قبل الغسل أو بعده، فيجب الغسل.

(مسألة 4): إذا يبس عضو من أعضاء الحيّ، وخرج منه الروح بالمرّة، لا يوجب مسّه الغسل مادام متّصلاً. وأمّا بعد الانفصال فيجب الغسل بمسّه إذا اشتمل على العظم، وإلاّ ففيه إشكال. وكذا لو قطع عضو منه واتّصل ببدنه ولو بجلدة، لا يجب الغسل بمسّه في حال الاتّصال، ويجب بعد الانفصال إذا اشتمل على العظم.

(مسألة 5): مسّ الميّت ينقض الوضوء على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة([134])، فيجب الوضوء مع غسله لكلّ مشروط به([135]).

(مسألة 6): يجب غسل المسّ لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة، وشرط فيما يشترط فيه الطهارة، كالصلاة والطواف الواجب ومسّ كتابة القرآن على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة.

(مسألة 7): يجوز للماسّ قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد، والمكث فيها، وقراءة العزائم، ويجوز وطؤه لو كان امرأة، فحال المسّ حال الحدث الأصغر إلاّ في إيجاب الغسل للصلاة ونحوها.

(مسألة 8): تكرار المسّ لا يوجب تكرار الغسل ـ كسائر الأحداث ـ ولو كان الممسوس متعدّداً.

فصل في أحكام الأموات
يجب على من ظهر عنده أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة خَلقيّاً أو خالقيّاً، وردّ الأمانات التي عنده، أو الإيصاء بها مع الاطمئنان بإنجازها، وكذا يجب الإيصاء بالواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة، كالصلاة والصوم والحجّ ـ غالباً ـ ونحوها إذا كان له مال، وفيما يجب على الوليّ ـ كالصلاة والصوم ـ يتخيّر بين إعلامه والإيصاء به.

(مسألة 1): لا يجب عليه نصب القيّم على أطفاله الصغار، إلاّ إذا كان عدمه تضييعاً لهم ولحقوقهم، فإذا نصب فليكن المنصوب أميناً، وكذا من عيّنه لأداء الحقوق الواجبة.

(مسألة 2): يجب كفاية ـ على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة ـ في حال الاحتضار والنزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يُلقى على ظهره، ويجعل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلاً كان أو امرأة، صغيراً كان أو كبيراً. والأحوط مراعاة([136]) الاستقبال بالكيفيّة المذكورة ما لم ينقل عن محلّ الاحتضار. وأمّا مراعاته في جميع الحالات إلى ما بعد الفراغ من الغسل فالأقوى عدم لزومه، والأحوط مراعاته أيضاً. وأمّا ما بعد الغسل إلى حال الدفن، فالأولى ـ بل الأحوط ـ وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.

(مسألة 3): يستحبّ تلقينه الشهادتين، والإقرار بالأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام)، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلاّه إذا اشتدّ نزعه بشرط أن لا يوجب أذاه، وقراءة سورتي «يس» و «الصافات» عنده لتعجيل راحته. وكذا يستحبّ تغميض عينيه، وتطبيق فمه، وشدّ فكّيه، ومدّ يديه إلى جنبيه، ومدّ رجليه، وتغطيته بثوب، والإسراج عنده في الليل، وإعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، والتعجيل في تجهيزه إلاّ مع اشتباه حاله، فينتظر إلى حصول اليقين بموته. ويُكره مسّه في حال النزع، ووضع شيء ثقيل على بطنه، وإبقاؤه وحده، وكذا يُكره حضور الجنب والحائض عنده حال الاحتضار.

القول في غسل الميّت
يجب كفاية تغسيل كلّ مسلم، ولو كان مخالفاً على الأحوط فيه([137])، كما أنّ الأحوط تغسيله بالكيفيّة التي عندنا والتي عندهم([138])، ولا يجوز تغسيل الكافر ومن حكم بكفره من المسلمين، كالنواصب والخوارج وغيرهما على التفصيل الآتي في النجاسات، وأطفال المسلمين حتّى ولد الزنا منهم بحكمهم، فيجب تغسيلهم. بل يجب تغسيل السِّقط إذا تمّ له أربعة أشهر، ويُكفَّن ويُدفن على المتعارف، ولو كان له أقلّ من أربعة أشهر لا يجب غسله([139])، بل يُلفّ في خرقة ويُدفن.

(مسألة 1): يسقط الغسل عن الشهيد ـ وهو المقتول في الجهاد مع الإمام(عليه السلام)أو نائبه الخاصّ ـ بشرط خروج روحه في المعركة([140]) حين اشتعال الحرب أو في غيرها قبل إدراكه المسلمون حيّاً. وأمّا لو عثروا عليه بعد الحرب في المعركة وبه رَمَق، فيجب غسله وتكفينه ـ على الأحوط ـ لو خرج روحه فيها، ولو خرج خارجها فالظاهر وجوب غسله وتكفينه. ويلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام، فلا يغسّل ولا يحنّط ولا يُكفّن، بل يُدفن بثيابه، إلاّ إذا كان عارياً فيكفّن. وكذا يسقط عمّن وجب قتله برجم أو قصاص، فإنّ الإمام(عليه السلام) أو نائبه الخاصّ أو العامّ يأمره بأن يغتسل غسل الميّت، ثمّ يُكفّن كتكفينه ويُحنّط، ثمّ يقتل ويُصلّى عليه، ويُدفن بلا تغسيل، والظاهر أنّ نيّة الغسل من المأمور، وإن كان الأحوط نيّة الآمر أيضاً.

(مسألة 2): القطعة المنفصلة من الميّت قبل الاغتسال ـ إن لم تشتمل على العظم ـ لا يجب غسلها، بل تُلفّ في خرقة وتُدفن على الأحوط([141])، وإن كان فيها عظم ولم تشتمل على الصدر، تغسل وتدفن بعد اللفّ في خرقة. ويُلحق بها إن كانت عظماً مجرّداً في الدفن، والأحوط الإلحاق في الغسل أيضاً، وإن كان عدمه لا يخلو من قوّة. وإن كانت صدراً، أو اشتملت على الصدر، أو كانت بعض الصدر الذي محلّ القلب في حال الحياة ـ وإن لم يشتمل عليه فعلاً ـ تغسّل وتُكفّن ويُصلّى عليها وتُدفن، ويجوز الاقتصار في الكفن على الثوب واللفّافة، إلاّ إذا كانت مشتملة على بعض محلّ المئزر أيضاً، ولو كان معها بعض المساجد يحنّط ذلك البعض. وفي إلحاق المنفصلة من الحيّ بالميّت في جميع ما تقدّم إشكال، لا يترك الاحتياط بالإلحاق فيها، وعدم الإلحاق في المسّ بعد الغسل في العظم([142]) أو المشتمل عليه.

(مسألة 3): تغسيل الميّت كتكفينه والصلاة عليه فرض ـ على الكفاية ـ على جميع المكلّفين، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، وإن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أنّ الوليّ لو أراد القيام به ـ أو عيّن شخصاً لذلك ـ لا يجوز مزاحمته، بل قيام الغير به مشروط بإذنه ـ على الأقوى ـ فلا يجوز بدونه. نعم تسقط شرطيته مع امتناعه عنه وعن القيام به على الأقوى، وإن كان الأحوط الاستئذان من المرتبة المتأخّرة، ولو كان الوليّ قاصراً أو غائباً لا يبعد وجوب الاستئذان من الحاكم الشرعي([143]). والإذن أعمّ من الصريح والفحوى وشاهد الحال القطعي.

(مسألة 4): المراد بالوليّ ـ الذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستئذان منه ـ كلّ من يرثه بنسب أو سبب، ويترتّب ولايتهم على ترتيب طبقات الإرث، فالطبقة الاُولى مقدّمون على الثانية، وهي على الثالثة، فإذا فقدت الأرحام فالأحوط([144]) الاستئذان من المولى المعتق، ثمّ ضامن الجريرة، ثمّ الحاكم الشرعي. وأمّا في نفس الطبقات فتقدُّم الرجال على النساء لا يخلو من وجه([145])، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الاستئذان عنهنّ أيضاً. والبالغون مقدّمون على غيرهم، ومن تقرّب إلى الميّت بالأبوين أولى ممّن تقرّب إليه بأحدهما، ومن انتسب إليه بالأب أولى ممّن انتسب إليه بالاُمّ. وفي الطبقة الاُولى الأب مقدّم على الاُمّ([146]) والأولاد، وهم على أولادهم. وفي الطبقة الثانية الجدّ مقدّم على الإخوة على وجه([147]) ـ وإن لا يخلو من تأمّل ـ وهم على أولادهم. وفي الثالثة العمّ مقدّم على الخال وهما على أولادهما.

(مسألة 5): الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها إلى أن يضعها في قبرها([148]) دائمة كانت أو منقطعة، على إشكال في الأخيرة([149]).

(مسألة 6): لو أوصى الميّت في تجهيزه إلى غير الوليّ فالأحوط الاستئذان منه ومن الولي([150]).

(مسألة 7): يشترط المماثلة بين المغسِّل والميّت في الذكورة والاُنوثة، فلايغسّل الرجل المرأة ولا العكس، ولو كان من وراء الستر ومن دون لمس ونظر، إلاّ الطفل الذي لا يزيد عمره من ثلاث سنين، فيجوز لكلّ من الرجل والمرأة تغسيل مخالفه ولو مع التجرّد، وإلاّ الزوج والزوجة، فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل والتجرّد، حتّى أنّه يجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهية. ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة، والدائمة والمنقطعة والمطلّقة الرجعيّة قبل انقضاء عدّة الطلاق، على إشكال في الأخيرتين([151]).

(مسألة 8): لا إشكال في جواز تغسيل الرجل محارمه وبالعكس ـ مع فقد المماثل ـ حتّى عارياً مع ستر العورة، وأمّا مع وجوده ففيه تأمّل وإشكال، فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 9): يجوز للمولى تغسيل أمته إذا لم تكن مزوّجة ولا معتدّة ولا مبعّضة، بل ولا مكاتبة على الأحوط. وأمّا تغسيل الأمة مولاها ففيه إشكال.

(مسألة 10): الميّت المشتبه بين الذكر والاُنثى ـ ولو من جهة كونه خُنثى ـ يغسّله من وراء الثوب كلّ من الرجل والاُنثى.

(مسألة 11): يعتبر في المغسِّل الإسلام، بل والإيمان في حال الاختيار، فلو انحصر المغسِّل المماثل في الكتابي أو الكتابيّة، أمر المسلمُ الكتابيّةَ والمسلمةُ الكتابيَّ أن يغتسل أوّلاً ثمّ يغسِّل الميت، وإن أمكن أن لا يمسّ الماء وبدن الميّت، أو يغسّل في الكرّ أو الجاري، تعيّن على الأحوط([152]). ولو انحصر المماثل في المخالف فكذلك، إلاّ أنّه لا يحتاج إلى الاغتسال قبل التغسيل، ولا إلى عدم مسّ الماء وبدن الميّت، ولا إلى الغسل في الكرّ والجاري. ولو انحصر المماثل في الكتابي والمخالف يقدّم الثاني.

(مسألة 12): لو لم يوجد المماثل حتّى الكتابي سقط الغسل على الأقوى، ولا يبعد أن يكون الأحوط ترك غسله ودفنه بثيابه. كما أنّ الأحوط أن ينشّف بدنه قبل التكفين، لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجّس الكفن به.

(مسألة 13): الأحوط اعتبار البلوغ في المغسّل، فلا يجزي تغسيل الصبي المميّز على الأحوط، حتّى بناءً على صحّة عباداته، كما هو الأقوى.

القول في كيفيّة غسل الميّت
يجب أوّلاً إزالة النجاسة عن بدنه، والأقوى كفاية غسل كلّ عضو قبل تغسيله، وإن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل. ويجب تغسيله ثلاثة أغسال: أوّلها بماء السدر، ثمّ بماء الكافور، ثمّ بالماء الخالص، ولو خالف الترتيب عاد إلى ما يحصل به بإعادة ما حقّه التأخير. وكيفيّة كلّ غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة([153])، فيبدأ بغسل الرأس والرقبة ثمّ الطرف الأيمن ثمّ الأيسر. ولا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كلّ غسل بارتماسة واحدة. نعم يجوز في غسل كلّ عضو من الأعضاء الثلاثة ـ من كلّ غسل من الأغسال الثلاثة ـ رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.

(مسألة 1): يعتبر في كلّ من السدر والكافور أن يكون بمقدار يصدق أنّه مخلوط بهما، مع بقاء الماء على إطلاقه.

(مسألة 2): لو تعذّر أحد الخليطين أو كلاهما، غُسّل بالماء الخالص بدلاً عمّا تعذّر على الأحوط، بل وجوبه لا يخلو من قوّة قاصداً به البدليّة مراعياً للترتيب بالنيّة.

(مسألة 3): لو فقد الماء للغسل ييمّم ثلاث تيمّمات بدلاً عن الأغسال على الترتيب، والأحوط تيمّم آخر([154]) بقصد بدليّته عن المجموع، وإن كان الأقوى عدم لزومه. وييمّم أيضاً لو كان مجروحاً أو محروقاً أو مجدوراً، بحيث يخاف من تناثر جلده لو غسّل، ولا يترك الاحتياط بالتيمّم بيد الحيّ وبيد الميّت مع الإمكان، وإن لا يبعد([155]) جواز الاكتفاء بيد الميّت إن أمكن. ويكفي ضربة واحدة للوجه واليدين، وإن كان الأحوط التعدّد.

(مسألة 4): لو لم يكن عنده من الماء إلاّ بمقدار غسل واحد، غسّله غُسلاً واحداً وييمّمه تيمّمين، فإن كان عنده الخليطان أو السدر خاصّة صرف الماء في الغسل الأوّل، وييمّمه للأخيرين. وكذا إن لم يكونا عنده على الأقوى([156]). ويحتمل بعيداً وجوب صرفه للثالث والتيمّم للأوّلين. وطريق الاحتياط في مراعاة الاحتمالين، بأن ييمّم تيمّمين بدلاً عن الغسلين الأوّلين على الترتيب احتياطاً، ثمّ يغسّل بالماء بقصد ما في الذمّة مردّداً بين كونه الغسل الأوّل أو الثالث، ثمّ تيمّمين بقصد الاحتياط: أحدهما بدلاً عن الغسل الثاني، والآخر بدلاً عن الثالث.
ولو كان عنده الكافور فقط صرفه في الغسل الأوّل وييمّمه تيمّمين للثاني والثالث، ويحتمل بعيداً صرفه في الثاني والتيمّم للأوّل والثالث. والأحوط أن ييمّم أوّلاً بدلاً عن الغسل الأوّل، ثمّ يغسّل بماء الكافور قاصداً به ما في الواقع، من بدليّته عن الغسل بماء السدر أو كونه الغسل الثاني، ثمّ ييمّم تيمّمين: أحدهما بدلاً عن الغسل بماء الكافور، والثاني بدلاً عن الغسل بالماء الخالص، ولو كان ما عنده من الماء يكفي لغسلين، فإن كان عنده الخليطان صرفه في الأوّلين ويمّمه للثالث، وكذا لو كان عنده أحد الخليطين أو لم يكن شيء منهما.

(مسألة 5): لو كان الميّت مُحرِماً يغسّله ثلاثة أغسال كالمُحِلّ، لكن لا يخلط الماء بالكافور في الغسل الثاني، إلاّ أن يكون موته بعد التقصير في العمرة، وبعد السعي في الحجّ. وكذلك لا يحنّط بالكافور إلاّ بعدهما.

(مسألة 6): لو يمّمه عند تعذّر الغسل، أو غسّله بالماء الخالص لأجل تعذّر الخليط، ثمّ ارتفع العذر، فإن كان قبل الدفن يجب الغسل في الأوّل([157])، والأحوط إعادته مع الخليط في الثاني، وإن كان بعده مضى.

(مسألة 7): لو كان على الميّت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما، أجزأ عنها غسل الميّت.

(مسألة 8): لو دفن بلا غسل ولو نسياناً، وجب نبشه لتغسيله إن لم يكن فيه محذور، من هتك حرمة الميّت لأجل فساد جثّته، أو الحرج على الأحياء بواسطة رائحته أو تجهيزه، وكذا إذا ترك بعض أغساله أو تبيّن بطلانه، وكذا إذا دفن بلا تكفين. وأمّا لو دفن مع الكفن الغصبي فإن لم يكن في النبش محذور يجب، وأمّا مع المحذور المتقدّم ففيه إشكال. والأحوط للمغصوب منه أخذ قيمة الكفن. نعم لو كان الغاصب هو الميّت فالأقوى جواز نبشه حتّى مع الهتك. ولو تبيّن أنّه لم يصلَّ عليه أو تبيّن بطلانها لا يجوز نبشه، بل يُصلّى على قبره.

(مسألة 9): لا يجوز أخذ الاُجرة([158]) على تغسيل الميت، إلاّ إذا جعلت الاُجرة في قبال بعض الاُمور غير الواجبة، مثل تليين أصابعه ومفاصله، وغسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي، وغسل فرجيه بالسدر أو الاُشنان قبل التغسيل، وتنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف، وغير ذلك.

(مسألة 10): لو تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه ـ بخروج نجاسته أو نجاسة خارجية ـ لا يجب إعادة غُسله حتّى فيما خرج منه بول أو غائط على الأقوى، وإن كان الأحوط إعادته لو خرجا في أثنائه. نعم يجب إزالة الخبث عن جسده، والأحوط ذلك ولو كان بعد وضعه في القبر، إلاّ مع التعذّر ولو لاستلزامه هتك حرمته بسبب الإخراج.

(مسألة 11): اللوح أو السرير ـ الذي يُغسّل عليه الميّت ـ لا يجب غسله بعد كلّ غسل من الأغسال الثلاثة. نعم الأحوط غسله لميّت متأخّر، وإن كان الأقوى أنّه يطهُر بالتبعيّة، وكذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فإنّها أيضاً تطهُر بالتبع.

(مسألة 12): الأحوط أن يوضع الميّت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة المحتضر، وإن كان الأقوى أنّه من السنن.

(مسألة 13): لا يجب الوضوء للميّت على الأصحّ. نعم يقوى استحبابه([159])، بل هو الأحوط، وينبغي([160]) تقديمه على الغسل.

القول في آداب الغسل
وهي اُمور: وضعه على ساجة أو سرير([161])، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه وإن استلزم فتقه، لكن حينئذ يراعى رضا الوَرَثة على الأحوط، وأن يكون تحت الظلال من سقف أو خيمة ونحوهما، وستر عورته([162]) وإن لم يُنظر إليها، أو كان المغسِّل ممّن يجوز له النظر إليها، وتليين أصابعه ومفاصله برفق، وغسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي، وغسل فرجيه بالسدر أو الاُشنان أمام الغسل([163])، ومسح بطنه برفق في الغسلين الأوّلين، إلاّ أن يكون الميّت امرأة حاملاً، وتثليث غسل اليدين والفرجين، وتثليث غسل كلّ عضو من كلّ غسل، فيصير مجموع الغسلات سبعاً وعشرين، وتنشيف بدنه بعد الفراغ بثوب نظيف وغير ذلك.

(مسألة 1): لو سقط من بدن الميّت شيء، من جلد أو شعر أو ظفر أو سنّ، يُجعل معه في كفنه ويُدفَن.

القول في تكفين الميت
هو واجب كفائيّ كالتغسيل. والواجب منه ثلاث أثواب: مئزر يستر بين السُرّة والرُكبة([164])، وقميص يصل إلى نصف الساق ـ لا أقلّ ـ على الأحوط، وإزار يغطّي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائداً على طول الجسد، وعرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر، ويلفّ عليه بحيث يستر جميع الجسد. وعند تعذّر الجميع أتى بما تيسّر مقدّماً للأشمل على غيره لدى الدوران، ولو لم يمكن إلاّ ستر العورة وجب.

(مسألة 1): لا يجوز التكفين بالمغصوب ولو في حال الاضطرار، ولابالحرير الخالص ولو للطفل والمرأة، ولابجلد الميتة، ولابالنجس حتّى ما عفي عنه في الصلاة، ولابما لا يؤكل لحمه جلداً كان أو شعراً أو وبراً، بل ولابجلد المأكول أيضاً على الأحوط، دون صوفه وشعره ووبره، فإنّه لا بأس به.

(مسألة 2): يختصّ عدم جواز التكفين بما ذكر ـ فيما عدا المغصوب([165]) ـ بحال الاختيار، فيجوز الجميع مع الاضطرار، بل لو عمل جلد المأكول على نحو يصدق عليه الثوب، يجوز في حال الاختيار أيضاً، ومع عدم الصدق لا يجوز اختياراً، ومع الدوران يقدّم النجس، ثمّ الحرير على الأحوط، ثمّ المأكول، ثمّ غيره.

(مسألة 3): لو تنجّس الكفن قبل الوضع في القبر، وجبت إزالة النجاسة عنه بغسل أو قرض غير قادح في الكفن، وكذا بعد الوضع فيه، والأولى القرض في هذه الصورة، ولو تعذّر غسله ولو من جهة توقّفه على إخراجه تعيّن القرض، كما أنّه يتعيّن الغسل لو تعذّر القرض، ولو من جهة استلزامه زوال ساتريّة الكفن. نعم لو توقّف الغسل على إخراجه من القبر وهتكه فلا يجب، بل لا يجوز، ولو تعذّرا وجب التبديل مع الإمكان لو لم يلزم الهتك، وإلاّ لا يجوز.

(مسألة 4): يخرج الكفن ـ عدا ما استُثني ـ من أصل التركة مقدّماً على الديون والوصايا والميراث، والظاهر خروج ما هو المتعارف اللائق بشأنه منه، وكذا سائر مؤن التجهيز، ولا ينبغي ترك الاحتياط في الزائد على الواجب، مع التحفّظ على عدم إهانته. وكذا يخرج من الأصل الماء والسدر والكافور وقيمة الأرض واُجرة الحمّال والحفّار وغيرها من مؤن التجهيز، حتّى ما تأخذه الحكومة للدفن في الأرض المباحة، ولو كانت التركة متعلَّقة لحق الغير بسبب الفَلَس أو الرهانة، فالظاهر تقديم الكفن عليه. نعم في تقديمه على حقّ الجناية إشكال. ولو لم تكن له تركة بمقدار الكفن دُفن عرياناً، ولا يجب على المسلمين بذله، بل يستحبّ.

(مسألة 5): كفن الزوجة وسائر مؤن تجهيزها على زوجها ولو مع يسارها، كبيرة كانت أو صغيرة، مجنونة أو عاقلة، حرّة أو أمة، مدخولة أو غيرها، مطيعة أو ناشزة. وفي المنقطعة إشكال([166])، سيّما إذا كانت مدّة نكاحها قصيرة جدّاً. ولا يترك الاحتياط في المطلّقة الرجعية، بل الظاهر كونها عليه.

(مسألة 6): لو تبرّع متبرّع بكفنها ولم يكن وهناً عليها سقط عن الزوج.

(مسألة 7): لو مات الزوج بعد زوجته أو قبلها أو مقارناً لها، ولم يكن له مال إلاّ بمقدار كفن واحد، قُدّم عليها.

(مسألة 8): لو كان الزوج معسراً فكفن الزوجة من تركتها، فلو أيسر بعد دفنها ليس للورثة مطالبة قيمته.

(مسألة 9): لا يُلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب. نعم كفن المملوك على سيّده، إلاّ الأمة المزوّجة، فعلى زوجها.

القول في مستحبّات الكفن وآداب التكفين
يستحبّ الزيادة على القطَع الثلاث ـ في كلّ من الرجل والمرأة ـ بخرقة للفخذين ; طولها ثلاثة أذرع ونصف، وعرضها شبر إلى شبر ونصف، تُشدّ من الحِقوين ثمّ تُلفّ على الفَخِذين لفّاً شديداً ـ على وجه لا يظهر منهما شيء ـ إلى أن تصل إلى الرُّكبتين، ثمّ يُخرج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن، ثمّ يُغمز في الموضع الذي انتهى إليه اللفّ. وجعل شيء من القُطن بين الأليتين على وجه يستر العورتين، بعد وضع شيء من الذريرة عليه، ويُحشى دُبُره بشيء منه إذا خشي خروج شيء منه، بل وقُبُل المرأة أيضاً، سيّما إذا كان يخشى خروج دم النفاس ونحوه منه، كلّ ذلك قبل اللّفّ بالخرقة المذكورة. ولفّافة اُخرى فوق اللفّافة الواجبة، والأفضل كونها بُرداً يمانيّاً، بل يقوى استحباب لفّافة ثالثة سيّما في المرأة، وفي الرجل خاصّة بعمامة يُلفّ بها رأسه بالتدوير، ويجعل طرفاها تحت الحَنَك، ويُلقى فضل الشقّ الأيمن على الأيسر وبالعكس، ثمّ يُمدّان إلى صدره، وفي المرأة خاصّة بمقنعة بدل العمامة، ولفّافة يُشدّ بها ثدياها إلى ظهرها. ويستحبّ إجادة الكفن، وكونه من طهور المال لا تشوبه شبهة، وأن يكون من القُطن، وأن يكون أبيض عدا الحَبَرَة، فإنّ الأولى أن تكون بُرداً أحمر، وأن يكون من ثياب أحرم فيها، أو كان يصلّي فيها، وأن يُخاط على الاُولى بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، وأن يُلقى على كلّ ثوب منه شيء من الكافور والذريرة، وأن يكتب على حاشية جميع قِطَع الكفن وعلى الجريدتين: «إنّ فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّ عليّاً والحسن والحسين ـ ويعدّ الأئمّة(عليهم السلام)إلى آخرهم ـ أئمّته وسادته وقادته، وأنّ البعث والثواب والعقاب حقّ» وأن يكتب عليه الجوشن الكبير. نعم الأولى ـ بل الأحوط ـ أن يكون ذلك كلّه في مقام يؤمن عليه من النجاسة والقذارة، والأحوط التجنّب عن الكتابة في المواضع التي تنافي احترامها عرفاً. والأولى للمباشر للتكفين ـ لو كان هو المغسّل ـ الغسل من المسّ والوضوء قبل التكفين، وإذا كان غيره الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر.

القول في الحنوط
وهو واجب على الأصحّ، صغيراً كان الميّت أو كبيراً، ذَكَراً كان أو اُنثى، ولا يجوز تحنيط المحرم كما تقدّم. ويشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمّم، والأقوى جوازه قبل التكفين وبعده وفي الأثناء، وإن كان الأوّل أولى.

وكيفيّته: أن يمسح الكافور على مساجده السبعة، ويستحبّ إضافة طرف الأنف إليها، بل هو الأحوط. ولا يبعد استحباب مسح إبطيه ولبّته ومفاصله به، والأولى الإتيان به رجاءً، ولا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتّى عند الضرورة.

(مسألة 1): لا يجب مقدار معيّن من الكافور في الحَنُوط، بل الواجب المسمّى ممّا يصدق معه المسح به. والأفضل الأكمل أن يكون سبعة مثاقيل صيرفيّة، ودونه في الفضل أربعة مثاقيل شرعيّة، ودونه أربعة دراهم، ودونه مثقال شرعيّ، ودونه درهم، ولو تعذّر الجميع حتّى المسمّى منه دُفن بغير حَنُوط.

(مسألة 2): يستحبّ خلط كافور الحَنُوط بشيء من التربة الشريفة، لكن لا يمسح به المواضع المنافية لاحترامها كالإبهامين.

القول في الجريدتين
من السُّنَن الأكيدة وضع عودين رَطبين مع الميّت ; صغيراً أو كبيراً، ذَكَراً أو اُنثى، ويوضع مع الصغير رجاءً. والأفضل كونهما من جريد النخل، وإن لم يتيسّر فمن السِّدر، وإلاّ فمن الخِلاف، وإلاّ فمن الرُّمّان، وإلاّ فمن كلّ شجر رطب. والأولى كونهما بمقدار عظم الذراع، وإن أجزأ الأقلّ إلى شبر، والأكثر إلى ذِراع، كما أنّ الأولى في كيفيّة وضعهما: جعل أحدهما في جانبه الأيمن من عند التَّرقُوة إلى ما بلغ ملصقاً بجلده، والآخر في جانبه الأيسر، من عند التَّرقُوة إلى ما بلغ فوق القميص تحت اللفّافة.

القول في تشييع الجنازة
وفضله كثير، وثوابه خطير، حتّى ورد في الخبر: «من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتّى يرجع مائة ألف ألف حسنة، ويُمحى عنه مائة ألف ألف سيّئة، ويُرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلّى عليها يشيّعه مائة ألف ألف ملك كلّهم يستغفرون له، فإن شهد دفنها وكّل الله به مائة ألف ألف ملك; يستغفرون له حتّى يُبعث من قبره، ومن صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل وسبعون ألف ألف ملك، وغُفر له ما تقدّم من ذنبه، وإن أقام عليه حتّى يدفنه وحثى عليه من التراب، انقلب من الجنازة وله بكلّ قدم ـ من حيث تبعها حتّى يرجع إلى منزله ـ قيراطٌ من الأجر، والقيراط مثل جبل اُحُد يُلقى في ميزانه من الأجر».

وأمّا آدابه فهي كثيرة:
منها: أن يقول حامل الجنازة حين حملها: «بسم الله، وبالله، وصَلّى اللهُ على مُحَمّد وآلِ محمّد، اللّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ».

ومنها: أن يحملوها على أكتافهم، لا على الدابّة ونحوها إلاّ لعذر كبعد المسافة ; لئلاّ يحرموا من فضل حملها على الأكتاف. وأمّا كراهة حملها على الدابّة فغير معلومة.

ومنها: أن يكون المشيّع خاشعاً متفكّراً، متصوّراً أنّه هو المحمول وقد سأل الرجوع إلى الدنيا فاُجيب.

ومنها: المشي، والركوب مكروه إلاّ لعذر. نعم لا يكره في الرجوع.

ومنها: المشي خلف الجنازة أو جانبيها، والأوّل أفضل.

ومنها: التربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة. والأفضل أن يبتدئ بمقدّم السرير من طرف يمين الميّت، فيضعه على عاتقه الأيمن، ثمّ يحمل مؤخّره الأيمن على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّره الأيسر على عاتقه الأيسر، ثمّ ينتقل إلى المقدّم الأيسر ويضعه على عاتقه الأيسر.

ومنها: أن يكون صاحب المصيبة حافياً واضعاً رداءه، أو مغيّراً زيّه على وجه آخر مناسب للمعزّى حتّى يعرف.
ويكره الضحك واللعب واللهو، ووضع الرداء لغير صاحب المصيبة، والإسراع في المشي على وجه ينافي الرِّفق بالميّت، سيّما إذا كان بالعَدو، بل ينبغي الوسط في المشي، وإتباعها بالنار، إلاّ المصباح ـ بل مطلق الضياء ـ في الليل، والقيام عند مرورها إذا كان جالساً، إلاّ إذا كان الميّت كافراً فيقوم، والأولى ترك النساء تشييع الجنازة حتّى للنساء، ولا يبعد الكراهة للشابّة.

القول في الصلاة على الميّت
يجب الصلاة على كلّ مسلم وإن كان مخالفاً للحقّ على الأصحّ. ولا يجوز على الكافر بأقسامه، حتّى المرتدّ ومن حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام، كالنواصب والخوارج. ومن وُجد ميّتاً في بلاد المسلمين يُلحق بهم، وكذا لقيط دار الإسلام، وأمّا لقيط دار الكفر ـ إن وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه ـ ففيه إشكال. وأطفال المسلمين ـ حتّى ولد الزنا منهم ـ بحكمهم في وجوب الصلاة عليهم إذا بلغوا ستّ سنين، وفي الاستحباب على من لم يبلغ ذلك الحدّ إذا ولد حيّاً تأمّل. وأمّا من وُلد ميّتاً فلا تستحبّ وإن ولجه الروح قبل ولادته. وقد تقدّم سابقاً: أنّ حكم بعض البدن ـ إن كان صدراً، أو مشتملاً عليه، أو كان بعض الصدر الذي محلّ القلب وإن لم يشتمل عليه فعلاً ـ حكم تمام البدن في وجوب الصلاة عليه.

(مسألة 1): محلّ الصلاة بعد الغسل والتكفين، فلا تُجزي قبلهما، ولا تسقط بتعذّرهما، كما أنّه لا تسقط بتعذّر الدفن أيضاً، فلو وجد في الفلاة ميّت ولم يمكن غسله وتكفينه ولا دفنه يُصلّى عليه ويُخلّى. والحاصل: أنّ كلّ ما تعذّر من الواجبات يسقط، وكلّ ما يمكن يثبت.
(مسألة 2): يعتبر في المصلّي على الميّت أن يكون مؤمناً، فلا يجزي صلاة المخالف، فضلاً عن الكافر. ولا يعتبر فيه البلوغ على الأقوى، فيصحّ صلاة الصبيّ المميّز، لكن في إجزائها عن المكلّفين البالغين تأمّل([167]). ولا يُعتبر فيه الذكورة، فتصحّ صلاة المرأة ولو على الرجال، ولا يشترط في صحّتها عدم الرجال، ولكن ينبغي تقديمهم مع وجودهم([168])، بل هو أحوط.

(مسألة 3): الصلاة على الميّت وإن كان فرضاً على الكفاية، إلاّ أنّه كسائر أنواع تجهيزه أولى الناس بها أولاهم بميراثه، فلو أراد المباشرة بنفسه أو عيّن شخصاً لها لا يجوز مزاحمته، بل الأقوى اشتراط إذنه في صحّة عمل غيره. ولو أوصى الميّت بأن يصلّي عليه شخص معيّن، فالأحوط على الوليّ الإذن، وعلى الوصيّ الاستئذان منه([169]).

(مسألة 4): يستحبّ فيها الجماعة، والأحوط اعتبار اجتماع شرائط الإمامة ـ من العدالة ونحوها ـ هنا أيضاً، بل الأحوط اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل ونحوه، وإن لا يبعد عدم اشتراط شيء من شرائط الإمامة والجماعة، إلاّ فيما يشترط في صدقها عرفاً، كعدم البعد المُفرط والحائل الغليظ. ولا يتحمّل الإمام هنا عن المأمومين شيئاً.

(مسألة 5): يجوز أن يصلّي على ميّت واحد في زمان واحد أشخاصٌ متعدّدون فرادى، بل وبالجماعات المتعدّدة. ويجوز لكلّ واحد منهم قصد الوجوب ما لم يفرغ منها أحد، فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القُربة، وكذلك الحال في المصلّين المتعدّدين في جماعة واحدة.

(مسألة 6): يجوز للمأموم نيّة الانفراد في الأثناء، لكن بشرط أن لا يكون بعيداً عن الجنازة بما يضرّ، ولا خارجاً عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد.

القول في كيفيّة صلاة الميت
وهي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الاُولى، والصلاة على النبيّ وآله بعد الثانية، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد الثالثة، والدعاء للميّت بعد الرابعة، ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف. ولا يجوز أقلّ من خمس تكبيرات إلاّ للتقيّة. وليس فيها أذان، ولا إقامة، ولا قراءة، ولا ركوع، ولا سجود، ولا تشهّد، ولا سلام.
ويكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الاُولى: «أشهَدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمّداً رَسُولُ الله»، وبعد الثانية: «اللّهُم صَلِّ على مُحَمّد وآلِ مُحَمّد»، وبعد الثالثة: «اللّهُمّ اغفِر لِلمؤمِنين والمُؤمِنات»، وبعد الرابعة: «اللّهمَّ اغفِر لِهذا المَيِّتِ»، ثمّ يقول: «أللهُ أكبَرُ» وينصرف.

والأولى أن يقول بعد التكبيرة الاُولى: «أشهَدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهاً واحِداً أحَداً صَمَداً فَرداً حيّاً قيُّوماً دائِماً أبَداً، لَم يَتَّخِذ صاحِبَةً وَلا وَلداً، وَأشهَدُ أنَّ مُحَمّداً عبدُهُ وَرسُولُهُ، أرسَلَهُ بالهُدى ودينِ الحَقِّ; لِيُظهرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ ولَو كَرِهَ المُشركُونَ».

وبعد الثانية: «اللّهمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ محمّد، وبارِك عَلى مُحمّد وآلِ محمّد، وارحَم مُحمّداً وآلَ مُحمّد; أفضلَ ما صلَّيتَ وباركتَ وتَرحَّمتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وَصَلِّ على جَميعِ الأنبياءِ والمُرسلينَ».

وبعد الثالثة: «اللّهمَّ اغفر للمُؤمنينَ والمؤمناتِ والمُسلمينَ والمُسلماتِ الأحياءِ منهُم و الأمواتِ، تابعِ اللّهُمَّ بيننا وبينهُم بالخيراتِ، إنّك على كُلِّ شيء
قديرٌ».

وبعد الرابعة: «اللّهُمَّ إنَّ هذا المُسجّى قُدّامَنا عبدُك وابنُ عبدِكَ وابنُ أمَتِكَ، نزلَ بِكَ وأنتَ خيرُ منزُول بهِ، اللّهمَّ إنّك قبضتَ رُوحهُ إليكَ، وقد احتاجَ إلى رحمتِكَ، وأنتَ غنيٌّ عن عذابهِ، اللّهمَّ إنّا لا نعلمُ منهُ إلاّ خيراً وأنتَ أعلمُ بهِ مِنَّا، اللّهُمَّ إن كانَ محسِناً فزِد في إحسانهِ، وإن كان مُسيئاً فتجاوَز عن سيِّئاتهِ، واغفِر لنا وَلَهُ، اللّهمَّ احشُرهُ معَ مَن يتولاّهُ ويُحبُّه، وأبعدهُ مِمَّن يتبرّاُ منهُ ويبغِضُهُ، اللّهُمَّ ألحِقهُ بنبيِّكَ وعَرِّف بينَهُ وبينَهُ، وارحَمنَا إذا توفَّيتنَا يا إله العالمينَ، اللّهُمَّ اكتُبهُ عندكَ في أعلى عِلِّيِّينَ، واخلُف على عقبِهِ في الغابِرينَ، واجعَلهُ مِن رُفقاء مُحمّد وآلهِ الطاهرِينَ، وارحَمهُ وإيّانا برحمَتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمِينَ، اللّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ».
وإن كان الميّت امرأة يقول ـ بدل قوله: «هذا المسجّى...» إلى آخره: ـ «هذه المسجّاة قدّامنا أمتك وابنةُ عبدِك وابنةُ أمتِك»، وأتى بالضمائر المؤنّثة.
وإن كان الميّت طفلاً دعا في الرابعة لأبويه، بأن يقول: «اللّهمّ اجعَلهُ لأبَوَيهِ ولنَا سَلفاً وفرَطاً وأجراً».

(مسألة 1): في كلّ من الرجل والمرأة يجوز تذكير الضمائر باعتبار أنّه ميت أو شخص، وتأنيثها باعتبار أنّه جنازة، فيسهل الأمر فيما إذا لم يعلم أنّ الميّت رجل أو امرأة، ولا يحتاج إلى تكرار الدعاء أو الضمائر.

(مسألة 2): لو شكّ في التكبيرات بين الأقلّ والأكثر، فالأحوط([170]) الإتيان بوظيفة الأقلّ والأكثر ـ رجاءً ـ في الأدعية، فإذا شكّ بين الاثنين والثلاث مثلاً بنى على الأقلّ، فأتى بالصلاة على النبيّ وآله عليهم الصلاة والسلام، ودعا للمؤمنين والمؤمنات، وكبّر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ودعا للميّت، وكبّر ودعا له رجاءً، وكبّر.

القول في شرائط صلاة الميّت
تجب فيها نيّة القربة، وتعيين الميّت على وجه يرفع الإبهام، ولو بأن يقصد الميّت الحاضر أو من عيّنه الإمام، واستقبال القبلة، والقيام، وأن يوضع الميّت أمامه مستلقياً على قفاه محاذياً له إذا كان إماماً أو منفرداً، بخلاف ما إذا كان مأموماً في صفٍّ اتّصل بمن يحاذيه. وأن يكون رأسه إلى يمين المصلّي ورجله إلى يساره، وأن لا يكون بينه وبين المصلّي حائل، كستر أو جدار ممّا لا يصدق معه اسم الصلاة عليه، بخلاف الميّت في النعش ونحوه ممّا هو بين يدي المصلّي. وأن لا يكون بينهما بُعدٌ مُفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه، إلاّ في المأموم مع اتّصال الصفوف. وأن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر عُلوّاً مُفرطاً. وأن تكون الصلاة بعد التغسيل والتكفين والحنوط، إلاّ فيمن سقط عنه ذلك كالشهيد، أو تعذّر عليه، فيصلّى عليه بدون ذلك. وأن يكون مستور العورة. ومن لم يكن له كفن أصلاً فإن أمكن ستر عورته بشيء قبل وضعه في القبر، سترها وصلّى عليه، وإلاّ فليُحفر قبره، ويوضع في لَحده مستلقياً على قفاه، ويُوارى عورته بلَبِن أو أحجار أو تراب فيُصلّى عليه، ثمّ بعد الصلاة عليه يضطجع على الهيئة المعهودة، فيُوارى في قبره.

(مسألة 1): لا يعتبر فيها الطهارة من الحدث والخبث، ولا سائر شروط الصلاة ذات الركوع والسجود، ولا ترك موانعها إلاّ مثل القهقهة والتكلّم، فإنّ الاحتياط فيه لا يترك، بل الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر فيها.

(مسألة 2): لو لم يمكن الاستقبال أصلاً سقط. وإن اشتبهت القبلة، ولم يتمكّن من تحصيل العلم بها، وفُقِدت الأمارات التي يُرجع إليها عند فَقد العلم، يعمل بالظنّ مع إمكانه، وإلاّ فليصلِّ إلى أربع جهات([171]).

(مسألة 3): لو لم يقدر على القيام، ولم يوجد من يقدر على الصلاة قائماً، تعيّن عليه الصلاة جالساً، ومع وجوده يجب عيناً على المتمكّن، ولا يجزي عنه صلاة العاجز على الأظهر، لكن إذا عصى ولم يقم بوظيفته يجب على العاجز القيام بوظيفته، ولو فُقِد المتمكّن وصلّى العاجز جالساً، ثمّ وجد قبل أن يدفن، فالأحوط إعادة المتمكّن، وإن كان الإجزاء لا يخلو من وجه. نعم الأقوى عدمه فيما إذا اعتقد عدم وجوده، ثمّ تبيّن خلافه، وظهر كونه موجوداً من الأوّل.

(مسألة 4): من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه، وتابعه في التكبير، وجعل أوّل صلاته أوّل تكبيراته، فيأتي بوظيفته من الشهادتين، فإذا كبّر الإمام الثالثة مثلاً كبّر معه وكانت له الثانية، فيأتي بالصلاة على النبي وآله ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ فإذا فرغ الإمام أتمّ ما عليه من التكبيرات مع الأدعية، إن تمكّن منها ولو مخفّفة، وإن لم يُمهلوه اقتصر على التكبير ولاءً من غير دعاء في موقفه.

(مسألة 5): لا تسقط صلاة الميّت عن المكلّفين ما لم يأتِ بها بعضهم على وجه صحيح، فإذا شكّ في أصل الإتيان بنى على العدم، وإن علم به وشكّ في صحّة ما أتى به حمل على الصحّة، وإن علم بفساده وجب عليه الإتيان وإن كان المصلّي قاطعاً بالصحّة. نعم لو تخالف المصلّي مع غيره بحسب التقليد أو الاجتهاد، بأن كانت صحيحة بحسب تقليد المصلّي أو اجتهاده، فاسدة عند غيره بحسبهما، ففي الاجتزاء بها وجه لا يخلو عن إشكال، فلا يترك الاحتياط([172]).

(مسألة 6): يجب أن يكون الصلاة قبل الدفن لابعده. نعم لو دُفن قبل الصلاة نسياناً أو لعذر آخر، أو تبيّن فسادها، لا يجوز نبشه لأجل الصلاة، بل يُصلّى على قبره مراعياً للشرائط من الاستقبال وغيره، ما لم يمضِ مدّة تلاشى فيها بحيث خرج عن صدق اسم الميّت، بل من لم يدرك الصلاة على من صُلّي عليه قبل الدفن، يجوز له أن يصلّي عليه بعده إلى يوم وليلة، وإذا مضى أزيد من ذلك فالأحوط الترك.

(مسألة 7): يجوز تكرار الصلاة على الميّت على كراهية، إلاّ إذا كان الميّت ذا شرف ومنقبة وفضيلة.

(مسألة 8): لو حضرت جنازة في وقت الفريضة، فإن لم تزاحم الصلاةُ عليها الفريضةَ من جهة سعة وقتها، ولم يُخشَ من الفساد على الميّت لو اُخّرت صلاته، تُخيِّر بينهما، والأفضل تقديم صلاته. ولو زاحمت وقتَ الفضيلة ففي الترجيح إشكال وتأمّل([173]). ويجب تقديمها على الفريضة في سعة وقتها لو خيف على الميّت من الفساد إن اُخِّرت صلاته. كما أنّه يجب تقديم الفريضة مع ضيق وقتها وعدم الخوف على الميّت. وأمّا مع الخوف عليه وضيق وقت الفريضة، فإن أمكن صونه عن الفساد بوجه، ولو بالدفن وإتيان الصلاة في وقتها ثمّ الصلاة عليه مدفوناً، تعيّن ذلك، وإن لم يمكن ذلك، بل زاحم وقتُ الفريضة الدفنَ الذي يصونه من الفساد([174])، فالأقوى أيضاً تقديم الفريضة مقتصراً على أقلّ الواجب.

(مسألة 9): لو اجتمعت جنازات متعدّدة، فالأولى انفراد كلّ منها بصلاة إن لم يُخشَ على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها، ويجوز التشريك بينها في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدّام المصلّي مع رعاية المحاذاة، ويُراعى في الدعاء لهم بعد التكبير الرابع ما يناسبهم، من تثنية الضمير أو جمعه وتذكيره وتأنيثه.

(مسألة 10): لو حضرت جنازة اُخرى في أثناء الصلاة على الجنازة ـ كما بعد التكبيرة الاُولى ـ يجوز تشريك الثانية مع الاُولى في التكبيرات الباقية، فتكون ثانية الاُولى اُولى الثانية، وثالثة الاُولى ثانية الثانية وهكذا، فإذا تمّت تكبيرات الاُولى يأتي ببقيّة تكبيرات الثانية، فيأتي بعد كلّ تكبير مختصّ بما يخصّه من الدعاء، وبعد التكبير المشترك يجمع بين الدعاءين، فيأتي بعد التكبير الذي هو أوّل الثانية وثاني الاُولى بالشهادتين للثانية والصلاة على النبيّ وآله صلوات الله عليهم للاُولى وهكذا.

القول في آداب الصلاة على الميّت
وهي اُمور:

منها: أن يقال قبل الصلاة: «الصلاة» ثلاث مرّات، وهي بمنزلة الإقامة للصلاة، والأحوط الإتيان بها رجاءً.
ومنها: أن يكون المصلّي على طهارة من الحدث، من الوضوء أو الغسل أو التيمّم. ويجوز التيمّم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتّى مع وجدان الماء، إن خاف فوت الصلاة لو توضّأ أو اغتسل، بل مطلقاً.

ومنها: أن يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرجل، بل مطلق الذَّكر، وعند صدر المرأة، بل مطلق الاُنثى.

ومنها: نزع النعل، بل يُكره الصلاة بالحذاء، وهو النعل دون الخفّ والجورب، وإن كان الحفاء لا يخلو من رجحان، خصوصاً للإمام.

ومنها: رفع اليدين عند التكبيرات، ولاسيّما الاُولى.

ومنها: اختيار المواضع المعدّة للصلاة على الجنازة، وهو من الراجحات العقليّة، وأمّا رجحانه الشرعي فغير ثابت.

ومنها: أن لا توقع في المساجد عدا المسجد الحرام.

ومنها: إيقاعها جماعة.

القول في الدفن
يجب كفاية دفن الميّت المسلم ومن بحكمه، وهو مواراته في حفيرة من الأرض، فلا يجزي البناء عليه، بأن يوضع على سطح الأرض فيُبنى عليه حتّى يُوارى، ولا وضعه في تابوت ـ ولو من صخر أو حديد ـ مع القدرة على المواراة في الأرض. نعم لو تعذّر الحفر لصلابة الأرض مثلاً أجزأ البناء عليها ووضعه فيه ونحو ذلك من أقسام المواراة، ولو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميّت شيء وجب، والأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جُثّته من السباع، وتكتم رائحته عن الناس، وإن كان الأقوى كفاية مجرّد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين، ولو من جهة عدم وجود السباع، وعدم من يؤذيه رائحته من الناس، أو البناء على قبره بعد مواراته.

(مسألة 1): راكب البحر مع تعذّر إيصاله إلى البرّ ـ لخوف فساده أو لمانع آخر ـ أو تعسّره يُغسّل ويُكفّن ويُحنّط ويُصلّى عليه، ويوضع في خابية ونحوها ويُوكأ رأسها، أو يثقل بحجر أو نحوه في رجله، ويُلقى فيه. والأحوط اختيار الأوّل مع الإمكان. ولو خيف على ميّت من نبش العدوّ قبره والتمثيل به، اُلقي في البحر بالكيفيّة المزبورة.

(مسألة 2): يجب كون الدفن مستقبل القبلة، بأن يُضجعه على جنبه الأيمن،بحيث يكون رأسه إلى المغرب ورجلاه إلى المشرق مثلاً في البلاد الشمالية. وبعبارة اُخرى: يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة ورجلاه إلى يساره. وكذا في دفن الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل في الصدر وحده، إلاّ إذا كان الميّت كافرة حاملاً بولد مسلم، فإنّها تُدفن مستدبرة القبلة على جانبها الأيسر ; ليصير الولد في بطنها مستقبلاً.

(مسألة 3): مؤونة الدفن حتّى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه، من القير والساروج وغير ذلك، بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة، تخرج من أصل التركة، وكذا مؤونة الإلقاء في البحر من الحجر أو الحديد الذي يثقل به الميّت، أو الخابية التي يوضع فيها.

(مسألة 4): لو اشتبهت القبلة، فإن أمكن تحصيل العلم أو ما بحكمه، ولو بالتأخير على وجه لا يخاف على الميّت، ولا يضرّ بالمباشرين، وجب، وإلاّ فيعمل بالظنّ على الأحوط، ومع عدمه يسقط الاستقبال.

(مسألة 5): يجب دفن الأجزاء المبانة من الميّت، حتّى الشعر والسِّنّ والظفر، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ إلحاقها ببدن الميت([175]) والدفن معه ما لم يستلزم النبش، وإلاّ ففيه تأمّل([176]).

(مسألة 6): لو مات شخص في البئر، ولم يمكن إخراجه ولا استقباله، يخلّى على حاله، ويسدّ البئر ويجعل قبراً له مع عدم لزوم محذور، ككون البئر ملكاً للغير.

(مسألة 7): لو مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه، يجب التوسّل إلى إخراجه بكلّ حيلة، ملاحظاً للأرفق فالأرفق ولو بتقطيعه قطعةً قطعة، ويكون المباشر مع الإمكان زوجها، وإلاّ فالنساء، وإلاّ فالمحارم من الرجال، فإن تعذّر فالأجانب. ولو ماتت الحامل وكان الجنين حيّاً وجب إخراجه ولو بشقّ بطنها، والأحوط شقّ جنبها الأيسر مع عدم الفرق بينه وبين غيره من المواضع، وإلاّ فيشقّ الموضع الذي يكون الخروج معه أسلم، ويخرج الطفل، ثمّ يُخاط وتُدفن. ولا فرق في ذلك بين رجاء بقاء الطفل بعد الإخراج وعدمه على تأمّل. ولوخيف ـ مع حياتهما ـ على كلّ منهما يُنتظر حتّى يقضي.

(مسألة 8): لا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عيناً أو منفعة، ومنها الأراضي الموقوفة لغير الدفن، وما تعلّق بها حقّ الغير، كالمرهونة بغير إذن المرتهِن. والأحوط الأولى([177]) ترك دفنه في قبر ميّت آخر قبل صيرورته رميماً، نعم لا يجوز النبش لذلك. وفي جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين وعدم مزاحمته المصلّين كلام، والأحوط بل الأقوى عدم الجواز.

(مسألة 9): لا يجوز أن يدفن الكفّار وأولادهم في مقبرة المسلمين، بل لو دُفنوا نُبشوا، سيّما إذا كانت مُسبَّلة للمسلمين. وكذا لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار، ولو دُفن عصياناً أو نسياناً فالأقوى جواز نبشه، خصوصاً إذا كان البقاء هتكاً له، فيجب النبش والنقل.

القول في مستحبّات الدفن ومكروهاته
أمّا المستحبّات فهي اُمور:

منها: حفر القبر إلى التَّرقُوة أو بقدر القامة.

ومنها: اللَّحد في الأرض الصلبة، بأن يُحفر في حائط القبر ـ ممّا يلي القبلة ـ حفيرة بقدر ما تسع جثّته، فيوضع فيها، والشِّقّ في الأرض الرَّخوة، بأن يُحفر في قعر القبر حفيرة شبه النهر، فيوضع فيها الميّت، ويُسقّف عليه.

ومنها: وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر ممّا يلي الرجلين، وجنازة المرأة ممّا يلي القبلة أمام القبر.

ومنها: أن لا يفجأ به القبر، ولا يُنزله فيه بغتة، بل يضعه دون القبر بذراعين أو ثلاثة، ويصبر عليه هنيئة، ثمّ يُقدّمه قليلاً ويصبر عليه هنيئة، ثمّ يضعه على شفير القبر ليأخذ اُهبته للسؤال، فإنّ للقبر أهوالاً عظيمة نستجير بالله منها، ثمّ يسلّه من نعشه سلاّ فيدخله برفق، سابقاً برأسه إن كان رجلاً، وعرضاً إن كان امرأة.

ومنها: أن يُحلّ جميعُ عُقَد الكفن بعد وضعه في القبر.

ومنها: أن يُكشف عن وجهه، ويُجعل خدُّه على الأرض، ويُعمل له وسادة من تراب، ويُسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلاّ يستلقي على قفاه.

ومنها: أن يُسدّ اللحد باللبن أو الأحجار لئلاّ يصل إليه التراب، وإذا أحكمها بالطين كان أحسن.

ومنها: أن يكون من ينزله في القبر متطهّراً، مكشوف الرأس، حالاًّ أزراره، نازعاً عمامته ورداءه ونعليه.

ومنها: أن يكون المباشر لإنزال المرأة وحلّ أكفانها زوجها أو محارمها، ومع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء، ثمّ الأجانب. والزوج أولى من الجميع.

ومنها: أن يُهيل عليه التراب غيرُ أرحامه بظهر الأكُفّ.

ومنها: أن يُقرأ بالأدعية المأثورة ـ المذكورة في الكتب المبسوطة ـ في مواضع مخصوصة: عند سلّه من النعش، وعند معاينة القبر، وعند إنزاله فيه، وبعد وضعه فيه، وبعد وضعه في لحده، وحال اشتغاله بسدّ اللحد، وعند الخروج من القبر، وعند إهالة التراب عليه.

ومنها: تلقينه العقائد الحقّة ـ من اُصول دينه ومذهبه ـ بالمأثور، بعد وضعه في اللحد قبل أن يسدّه.

ومنها: رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مُفرَّجة([178]).

ومنها: تربيع القبر، بمعنى تسطيحه وجعله ذا أربع زوايا قائمة. ويكره تسنيمه، بل الأحوط تركه.

ومنها: أن يرشّ الماء على قبره. والأولى في كيفيّته: أن يستقبل القبلة، ويبتدئ بالرشّ من عند الرأس إلى الرجل، ثمّ يدور به على القبر حتّى ينتهي إلى الرأس، ثمّ يرشّ على وسط القبر ما يفضل من الماء.

ومنها: وضع اليد على القبر مُفرّجة الأصابع، مع غمزها بحيث يبقى أثرها، وقراءة (إنَّا أنزَلنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدرِ) سبع مرّات، والاستغفار والدعاء له بنحو:

«اللّهُمَّ جافِ الأرضَ عن جنبَيهِ، واصعِد إليكَ روحَهُ، ولقِّهِ منكَ رِضواناً، وأسكِن قبرَهُ من رحمَتِكَ ما تُغنيهِ بهِ عن رَحمةِ مَن سِواكَ»، ونحو «اللّهُمَّ ارحَم غُربَتَهُ، وصِل وحدَتَهُ، وآنِس وحشَتهُ، وَآمِن روعَتَهُ، وأفض عليهِ من رحمتِكَ، وأسكِن إليهِ من بردِ عفوِكَ وسِعَةِ غُفرانِك ورحمَتِكَ ما يستغني بها عن رحمةِ مَن سِواكَ، واحشُرهُ مع مَن كانَ يتَولاّهُ».

ولا يختصّ استحباب الاُمور المزبورة بهذه الحالة، بل تستحبّ عند زيارة كلّ ميّت مؤمن في كلّ زمان وعلى كلّ حال، كما أنّ لها آداباً خاصّة وأدعية مخصوصة مذكورة في الكتب المبسوطة.

ومنها: أن يُلقّنه الوليّ أو من يأمره ـ بعد تمام الدفن ورجوع المشيّعين وانصرافهم ـ اُصول دينه ومذهبه بأرفع صوته، من الإقرار بالتوحيد، ورسالة سيّد المرسلين، وإمامة الأئمة المعصومين، والإقرار بما جاء به النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والجنّة والنار، وبذلك التلقين يُدفع سؤال منكر ونكير إن شاء الله تعالى.

ومنها: أن يُكتب اسم الميّت([179]) على القبر، أو على لوح أو حجر، ويُنصب عند رأسه.

ومنها: دفن الأقارب متقاربين.

ومنها: إحكام القبر.

وأمّا المكروهات فهي أيضاً اُمور:

منها: دفن ميّتين في قبر واحد كجمعهما في جنازة واحدة.

ومنها: فرش القبر بالساج إلاّ إذا كانت الأرض نديّة. وأمّا كراهة فرشه بغير الساج ـ كالحجر والآجر ـ فمحلّ تأمّل، وإن كان استحباب وضع الميّت على التراب لا يخلو من وجه.

ومنها: نزول الوالد في قبر ولده خوفاً من جزعه وفوات أجره.

ومنها: أن يُهيل ذو الرحم على رحمه التراب.

ومنها: سدّ القبر وتطيينه بغير ترابه.

ومنها: تجديد القبر بعد اندراسه، إلاّ قبور الأنبياء(عليهم السلام) والأوصياء والصلحاء والعلماء.

ومنها: الجلوس على القبر.

ومنها: الحدث في المقابر.

ومنها: الضحك فيها.

ومنها: الاتّكاء على القبر.

ومنها: المشي عليه من غير ضرورة.

ومنها: رفعه عن الأرض أزيد من أربع أصابع مُفرّجات.

خاتمة تشتمل على مسائل
(مسألة 1): يجوز نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر قبل دفنه، على كراهية إلاّ إلى المشاهد المشرّفة والأماكن المقدّسة، فلا كراهة في النقل إليها، بل فيه فضل ورجحان. وإنّما يجوز النقل مع الكراهة إلى غير المشاهد ـ وبدونها إليها ـ لو لم يستلزم من جهة بُعد المسافة وتأخير الدفن أو غير ذلك، تغيّر الميّت وفساده وهتكه، وأمّا مع استلزامه ذلك فلا يجوز في غير المشاهد قطعاً، والأحوط الترك فيها مع استلزامه ذلك وإيذاء الأحياء([180]). وأمّا بعد الدفن فلو فرض إخراج الميّت عن قبره، أو خروجه بسبب من الأسباب، يكون بحكم غير المدفون. وأمّا نبشه للنقل فلا يجوز في غير المشاهد، وأمّا فيها ففيـه تأمّل وإشكال([181])، وما يعمله بعض من توديع الميّت ـ وعدم دفنه بالوجه المعروف ; لينقل فيما بعد إلى المشاهد، بتوهّم التخلّص عن محذور النبش ـ غير جائز، والأقوى وجوب دفنه بالمواراة تحت الأرض.

(مسألة 2): يجوز البكاء على الميّت، بل قد يستحبّ عند اشتداد الحزن، ولكن لا يقول ما يُسخط الربّ، وكذا يجوز النوح عليه بالنظم والنثر ; لو لم يشتمل على الباطل من الكذب وغيره من المحرّمات، بل والويل والثبور على الأحوط([182]). ولا يجوز اللطم والخدش وجزّ الشعر ونتفه والصراخ الخارج عن حدّ الاعتدال على الأحوط. ولا يجوز شقّ الثوب على غير الأب والأخ([183]). بل في بعض الاُمور المزبورة تجب الكفّارة، ففي جزّ المرأة شعرها في المصيبة كفّارة شهر رمضان، وفي نتفه كفّارة اليمين، وكذا تجب كفّارة اليمين في خدش المرأة وجهها إذا أدمت، بل مطلقاً على الأحوط، وفي شقّ الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده. وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

(مسألة 3): يحرم نَبش قبر المسلم ومن بحكمه، إلاّ مع العلم باندراسه وصيرورته رميماً وتراباً. نعم لا يجوز نبش قبور الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) وإن طالت المدّة، بل وكذا قبور أولاد الأئمّة والصلحاء والشهداء ممّا اتُّخذ مزاراً أو ملاذاً ([184]). والمراد بالنبش: كشف جسد الميت المدفون بعد ما كان مستوراً بالدفن، فلو حفر القبر وأخرج ترابه من دون أن يظهر جسد الميت، لم يكن من النبش المحرّم، وكذا إذا كان الميّت موضوعاً على وجه الأرض وبُني عليه بناء، أو كان في تابوت من صخرة ونحوها فأخرج.

ويجوز النبش في موارد:
منها: فيما إذا دفن في مكان مغصوب ـ عيناً أو منفعة ـ عدواناً أو جهلاً أو نسياناً، ولا يجب على المالك الرضا ببقائه مجّاناً أو بالعوض، وإن كان الأولى بل الأحوط إبقاؤه ولو بالعوض، خصوصاً فيما إذا كان وارثاً أو رحماً أو دُفن فيه اشتباهاً. ولو أذن المالك في دفن ميّت في ملكه وأباحه له، ليس له أن يرجع عن إذنه وإباحته بعد الدفن. نعم لو خرج الميّت بسبب من الأسباب، لا يجب عليه الرضا والإذن بدفنه ثانياً في ذلك المكان، بل له الرجوع عن إذنه. والدفن مع الكفن المغصوب أو مال آخر مغصوب كالدفن في المكان المغصوب، فيجوز النبش لأخذه. ولو كان شيء من أمواله ـ من خاتم ونحوه ـ فدفن معه، ففي جواز نبش الورثة إيّاه لأخذه تأمّل وإشكال([185])، خصوصاً فيما إذا لم يُجحف بهم.

ومنها: لتدارك الغسل أو الكفن أو الحَنُوط فيما إذا دفن بدونها مع التمكّن، كلّ ذلك مع عدم فساد البدن وعدم الهتك على الميّت. ولو دُفن بدونها لعذر، كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور، ثمّ وجد بعد الدفن، ففي جواز النبش لتدارك الفائت إشكال وتأمّل، ولاسيّما إذا لم يوجد الماء فيُمّم بدلاً عن الغسل ودُفن ثمّ وُجد، بل عدم جوازه لتدارك الغسل حينئذ هو الأقوى. وأمّا إذا دفن بلا صلاة فلا ينبش لأجل تداركها قطعاً، بل يُصلّى على قبره كما تقدّم.

ومنها: إذا توقّف إثبات حقّ من الحقوق على مشاهدة جسده.

ومنها: فيما إذا دُفن في مكان يوجب هتكه، كما إذا دفن في بالوعة أو مزبلة، وكذا إذا دُفن في مقبرة الكفّار.

ومنها: لنقله إلى المشاهد المشرّفة مع إيصاء الميّت بنقله إليها بعد دفنه أو قبله، فخولف عصياناً أو نسياناً أو جهلاً، فدفن في مكان آخر، أو بلا وصية منه أصلاً، فالأقوى جوازه في الصورة الثانية، وأمّا الاُولى والثالثة ففيهما إشكال وتأمّل([186])، وإنّما يجوز في الثانية لو لم يتغيّر البدن ولا يتغيّر إلى وقت الدفن بما يوجب الهتك والإيذاء.

ومنها: لو خيف عليه من سبع أو سيل أو عدوّ ونحو ذلك.

(مسألة 4): يجوز محو آثار القبور التي عُلم اندراس ميّتها إذا لم يكن فيه محذور، ككون الآثار ملكاً للباني، أو الأرض مباحة حازها وليّ الميّت لقبره ونحو ذلك. وأولى بالجواز ما إذا كانت في المقبرة المُسبَّلة للمسلمين مع حاجتهم، عدا ما تقدّم من قبور الشهداء والصلحاء والعلماء وأولاد الأئمّة(عليهم السلام)، ممّا جعلت مزاراً.

(مسألة 5): لو اُخرج الميّت عن قبره عصياناً أو بنحو جائز أو خرج بسبب من الأسباب، لا يجب دفنه ثانياً في ذلك المكان، بل يجوز أن يُدفن في مكان آخر.

ختام فيه أمران
أحدهما: من المستحبّات الأكيدة: التعزية لأهل المصيبة وتسليتهم وتخفيف حزنهم، بذكر ما يُناسب المقام وما له دَخل تامّ في هذا المرام، من ذكر مصائب الدنيا وسرعة زوالها، وأنّ كلّ نفس فانية، والآجال متقاربة، ونقل ما ورد فيما أعدّ الله تعالى للمصاب من الأجر، ولاسيّما مصاب الولد: من أنّه شافع مشفّع لأبويه، حتّى أنّ السقط يقف وقفة الغضبان على باب الجنّة، فيقول: لا أدخل حتّى يدخل أبواي، فيُدخِلهما الله الجنّة، إلى غير ذلك. وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده، وإن كان الأفضل كونها بعده، وأجرها عظيم، ولاسيّما تعزية الثكلى واليتيم، فمن عزّى مصاباً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيء، و «ما من مؤمن يعزّي أخاه بمصيبة إلاّ كساه الله من حُلَل الكرامة»، و «كان فيما ناجى به موسى(عليه السلام)ربّه أنّه قال: يا ربّ ما لمن عزّى الثكلى؟ قال: اُظِلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي»، و «أنّ من سكّت يتيماً عن البكاء وجبت له الجنّة»، و «ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم، إلاّ ويكتب الله عزّوجلّ له بعدد كلّ شعرة مرّت عليها يده حسنة» إلى غير ذلك ممّا ورد في الأخبار.
ويكفي في تحقّقها مجرّد الحضور عند المصاب لأجلها بحيث يراه، فإنّ له دخلاً في تسلية الخاطر وتسكين لوعة الحزن. ويجوز جلوس أهل الميّت للتعزية، ولا كراهة فيه على الأقوى. نعم الأولى أن لا يزيد على ثلاثة أيّام، كما أنّه يستحبّ إرسال الطعام إليهم في تلك المدّة، بل إلى الثلاثة وإن كان مدّة جلوسهم أقلّ.

ثانيهما: يستحبّ ليلة الدفن صلاة الهديّة للميّت، وهي المشتهرة في الألسن بـ «صلاة الوحشة»، ففي الخبر النبوي: «لا يأتي على الميّت ساعة أشدّ من أوّل ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين».
وكيفيتها على ما في الخبر المزبور: أن يقرأ في الاُولى بفاتحة الكتاب مرّة، و(قُل هُوَ اللهُ أَحَد) مرّتين، وفي الثانية فاتحة الكتاب مرّة، و(أَلهَاكُمُ التَّكَاثُر)عشر مرّات، وبعد السلام يقول: «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحمّد وآلِ مُحمّد، وابعَث ثوابَها إلى قبرِ فلان بن فلان» فيبعث الله من ساعته ألف ملك إلى قبره، مع كلّ ملك ثوب وحُلّة، ويوسّع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويُعطى المصلّي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات، وتُرفع له أربعون درجة.
وعلى رواية اُخرى: يقرأ في الركعة الاُولى الحمد وآية الكرسي مرّة وفي الثانية الحمد مرّة، و(اِنَّا أَنزَلنَاهُ) عشر مرّات، ويقول بعد الصلاة: أللّهمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ محمّد وابعَث ثوابَها إلى قبر فلان.
وإن أتى بالكيفيّتين كان أولى، وتكفي صلاة واحدة عن شخص واحد، وما تعارف من عدد الأربعين أو الواحد والأربعين غيرُ وارد. نعم لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في الشرع. والأحوط قراءة آية الكرسي إلى (هُم فِيهَا خَالِدُونَ). والأقوى جواز الاستئجار وأخذ الأجرة على هذه الصلاة، والأحوط البذل بنحو العطيّة والإحسان، وتبرّع المصلّي بالصلاة، والظاهر أنّ وقتها تمام الليل وإن كان الأولى إيقاعها في أوّله.

القول في الأغسال المندوبة
وهي أقسام: زمانيّة ومكانيّة وفعليّة.

أمّا الزمانيّة فكثيرة:
منها: غسل الجمعة، وهو من المستحبّات المؤكّدة، حتّى قال بعض بوجوبه، ولكنّ الأقوى استحبابه. ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال، وبعده إلى غروب الجمعة، ومن أوّل يوم السبت إلى آخره قضاء، ولكن الأحوط فيما بعد الزوال إلى غروب الجمعة، أن ينوي القُربة من غير تعرّض للأداء والقضاء. وأمّا في ليلة السبت ففي مشروعيّة إتيانه تأمّل، لا يُترك الاحتياط بإتيانه فيه رجاءً ([187]).
ويجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة، ثمّ إن تمكّن منه يومها قبل الزوال ـ لا بعده ـ يستحبّ إعادته، وإن تركه حينئذ يُستحبّ قضاؤه بعد الزوال منها ويوم السبت([188])، ولو دار الأمر بين التقديم والقضاء فالأوّل أولى، وفي إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس تأمّل([189])، فالأحوط إتيانه رجاءً، كما أنّ في إلحاق مطلق الأعذار بإعواز الماء يوم الخميس وجهاً، لكنّ الأحوط([190]) تقديمه حينئذ رجاءً.

ومنها: أغسال ليالي شهر رمضان، وهي ليالي الأفراد: الاُولى والثالثة والخامسة وهكذا، وتمام ليالي العشر الأخيرة، والآكد منها ليالي القدر، وليلة النصف، وليلة سبع عشرة والخمس والعشرين والسبع والعشرين والتسع والعشرين. ويُستحبّ في ليلة الثالث والعشرين غسل ثان آخر الليل.
ووقت الغسل تمام الليل، والأولى إتيانه قبيل الغروب، إلاّ في ليالي العشر الأخيرة، فإنّه لا يبعد رجحانه فيها بين العشاءين.

ومنها: غسل يومي العيدين: الفطر والأضحى، والغسل في هذين اليومين من السنن الأكيدة، ووقته بعد الفجر إلى الزوال، ويحتمل امتداده إلى الغروب([191])، والأحوط([192]) إتيانه بعد الزوال رجاءً.

ومنها: غسل يوم التروية.

ومنها: غسل يوم عرفة، والأولى إيقاعه عند الزوال.

ومنها: غسل أيّام من رجب، أوّله ووسطه وآخره.

ومنها: غسل يوم الغدير، والأولى إتيانه صدر النهار.

ومنها: يوم المباهلة، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة.

ومنها: يوم دحو الأرض، وهو الخامس والعشرون من ذي القِعدة، يُؤتى به رجاءً لابقصد الورود([193]).

ومنها: يوم المبعث، وهو السابع والعشرون من رجب.

ومنها: ليلة النصف من شعبان([194]).

ومنها: يوم المولود، وهو السابع عشر من ربيع الأوّل، يؤتى به رجاءً.

ومنها: يوم النيروز.

ومنها: يوم التاسع من الربيع الأوّل، يُؤتى به رجاءً.
ولا تُقضى هذه الأغسال بفوات وقتها، كما أنّها لا تتقدّم على أوقاتها مع خوف فوتها فيها.
وأمّا المكانيّة: فهي ما استُحِبّ للدخول في بعض الأمكنة الخاصّة، مثل: حرم مكّة وبلدها ومسجدها([195]) والكعبة، وحرم المدينة وبلدتها ومسجدها. وأمّا للدخول في سائر المشاهد المشرّفة فيأتي به رجاءً.

وأمّا الفعلية: فهي قسمان:
أحدهما: ما يكون لأجل الفعل الذي يريد إيقاعه، والأمر الذي يريد وقوعه، كغسل الإحرام والطواف والزيارة والوقوف بعرفات. وأمّا للوقوف بالمشعر فيُؤتى به رجاءً. والغسل للذبح والنحر والحلق، ولرؤية أحد الأئمة(عليهم السلام) في المنام، كما روي عن الكاظم(عليه السلام): «إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويُناجيهم، فيراهم في المنام»، ولصلاة الحاجة، وللاستخارة، ولعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُمّ داود، ولأخذ التربة الشريفة من محلّها، ولإرادة السفر، خصوصاً لزيارة أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)، ولصلاة الاستسقاء، وللتوبة من الكفر، بل من كلّ معصية، وللتظلّم والاشتكاء إلى الله تعالى مِن ظلم مَن ظلمه، فإنّه يغتسل ويصلّي ركعتين في موضع لا يحجبه عن السماء، ثمّ يقول: «اللّهُمّ إنّ فُلانَ بنَ فُلان ظَلَمَني، وليسَ لي أحدٌ أصُولُ بهِ عَلَيهِ غيرُكَ فاستَوفِ لي ظُلامتي السّاعة السّاعة بالاسمِ الَّذي إذا سألَكَ بهِ المُضطَرُّ أجبتَهُ فكشَفتَ ما بهِ من ضُرّ ومَكَّنتَ لَهُ في الأرضِ وجعلتَهُ خليفتَكَ على خَلقِكَ، فأسألُكَ أن تُصلِّيَ على مُحمّد وآلِ مُحمّد، وأن تستوفِيَ ظُلامتي السَّاعَةَ السَّاعَةَ»، فيرى ما يحبّ.
وللخوف من الظالم، فإنّه يغتسل ويصلّي، ثمّ يكشف رُكبتيه ويجعلهما قريباً من مصلاّه، ويقول مائة مرّة:
«يا حيُّ يا قيُّومُ يا لا إلهَ إلاّ أنتَ بِرحمتِكَ أستَغيثُ فصلِّ على مُحمّد وآلِ محمّد، وأن تلطُفَ لي، وأن تَغلِبَ لي، وأن تَمكُرَ لي، وأن تَخدَعَ لي، وأن تكِيدَ لي، وأن تكفيني مؤُونَةَ فُلان بنِ فُلان بلا مؤُونَة».

ثانيهما: ما يكون لأجل الفعل الذي فعله، وهي أغسال: منها: لقتل الوزغ. ومنها: لرؤية المصلوب مع السعي إلى رؤيته متعمّداً. ومنها: للتفريط في أداء صلاة الكسوفين مع احتراق القُرص، فإنّه يُستحبّ أن يغسل عند قضائها، بل لا ينبغي ترك الاحتياط فيه. ومنها: لمسّ الميّت بعد تغسيله.

(مسألة 1): وقت إيقاع الأغسال المكانيّة قبل الدخول في تلك الأمكنة، بحيث يقع الدخول فيها بعده من دون فصل كثير، ويكفي الغسل في أوّل النهار أو الليل والدخول فيها في آخرهما، بل كفاية غسل النهار للّيل وبالعكس لا تخلو من قوّة، ولا يبعد استحبابها بعد الدخول للكون فيها إذا ترك قبله، خصوصاً مع عدم التمكّن قبله.
والقسم الأوّل من الأغسال الفعليّة ممّا استُحبّ لإيجاد عمل بعد الغسل ـ كالإحرام والزيارة ونحوهما ـ فوقته قبل ذلك الفعل، ولا يضرّ الفصل بينهما بالمقدار المزبور أيضاً.

وأمّا القسم الثاني منها فوقتها عند تحقّق السبب، ويمتدّ إلى آخر العمر، وإن استُحبّ المبادرة إليها.

(مسألة 2): في بقاء الأغسال الزمانيّة والقسم الثاني من الفعليّة ـ وعدم انتقاضها بشيء من الأحداث ـ تأمّل، لكن لا يشرع الإتيان بها بعد الحدث.
وأمّا المكانيّة والقسم الأوّل من الفعليّة فالظاهر انتقاضها بالحدث الأصغر، فضلاً عن الأكبر، فإذا أحدث بينها وبين الدخول في تلك الأمكنة، أو بينها وبين تلك الأفعال، أعاد الغسل.

(مسألة 3): لو كان عليه أغسال متعدّدة ـ زمانيّة أو مكانيّة أو مختلفة ـ يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها.

(مسألة 4): في قيام التيمّم ـ عند التعذّر ـ مقام تلك الأغسال تأمّل وإشكال، فالأحوط الإتيان به عنده بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبيّة.

فصل في التيمّم
والكلام في مسوّغاته، وفيما يصحّ التيمّم به، وفي كيفيّته، وفيما يعتبر فيه، وفي أحكامه.

القول في مسوّغاته
(مسألة 1): مسوّغات التيمّم اُمور:

منها: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لطهارته، غسلاً كانت أو وضوءً، ويجب الفحص عنه إلى اليأس، وفي البرّية يكفي الطلب ـ غَلوة سهم في الحَزنة، وغَلوة سهمين في السهلة ـ في الجوانب الأربعة مع احتمال وجوده في الجميع، ويسقط عن الجانب الذي يعلم بعدمه فيه، كما أنّه يسقط في الجميع إذا قطع بعدمه فيه، وإن احتمل وجوده فوق المقدار. نعم لو علم بوجوده فوقه وجب تحصيله إذا بقي الوقت ولم يتعسّر.

(مسألة 2): الظاهر عدم وجوب المباشرة، بل يكفي استنابة شخص أو أشخاص يحصل من قولهم الاطمئنان، كما أنّ الظاهر كفاية شخص واحد عن جماعة مع حصول الاطمئنان من قوله. وأمّا كفاية مطلق الأمين والثقة فمحلّ إشكال([196]).

(مسألة 3): لو كانت الأرض في بعض الجوانب حَزنة وفي بعضها سهلة، يكون لكلّ جانب حكمه من الغَلوة والغَلوتين.

(مسألة 4): المناط في السهم والقوس والهواء والرامي([197]) هو المتعارف المعتدل. وأمّا المناط في الرمي فغاية ما يقدر الرامي عليه([198]).

(مسألة 5): لو ترك الطلب حتّى ضاق الوقت تيمّم وصلّى، وصحّت صلاته وإن أثم بالترك([199])، والأحوط القضاء([200])، خصوصاً فيما لو طلب الماء لعثر عليه. وأمّا مع السعة فتبطل صلاته وتيمّمه فيما لو طلب لعثر عليه، وإلاّ فلا يبعد الصحّة لو حصلت نيّة القربة منه.

(مسألة 6): لو طلب بالمقدار اللازم فتيمّم وصلّى، ثمّ ظفر بالماء في محلّ الطلب أو في رحله أو قافلته، صحّت صلاته، ولا يجب القضاء أو الإعادة.

(مسألة 7): يسقط وجوب الطلب مع الخوف ـ على نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به ـ من سَبُع أو لُصّ أو غير ذلك، وكذلك مع ضيق الوقت عن الطلب. ولو اعتقد الضيق فتركه وتيمّم وصلّى، ثمّ تبيّن السعة([201])، فإن كان في مكان صلّى فيه فليجدّد الطلب مع سعة الوقت، فإن لم يجد الماء تجزي صلاته، وإن وجده أعادها. ومع عدم السعة فالأحوط تجديد التيمّم([202]) وإعادة الصلاة، وكذا في الفروع الآتية التي حكمنا فيها بالإعادة مع عدم إمكان المائيّة. وإن انتقل إلى مكان آخر، فإن علم بأنّه لو طلبه لوجده، يُعيد الصلاة([203]) وإن كان في هذا الحال غير قادر على الطلب وكان تكليفه التيمّم. وإن علم بأنّه لو طلب ما ظفر به صحّت صلاته ولا يعيدها. ومع اشتباه الحال ففيه إشكال، فلا يُترك الاحتياط بالإعادة أو القضاء.

(مسألة 8): الظاهر عدم اعتبار كون الطلب في وقت الصلاة، فلو طلب قبل الوقت ولم يجد الماء لا يحتاج إلى تجديده بعده، وكذا إذا طلب في الوقت لصلاة فلم يجد يكفي لغيرها من الصلوات. نعم لو احتمل تجديد الماء بعد ذلك الطلب، مع وجود أمارة ظنّية عليه ـ بل مطلقاً على الأحوط ـ يجب تجديده.

(مسألة 9): إذا لم يكن عنده إلاّ ماء واحد يكفي الطهارة، لا يجوز إراقته بعد دخول الوقت، ولو كان على وضوء ولم يكن عنده ماء لا يجوز إبطاله([204])، ولو عصى فأراق أو أبطل صحّ تيمّمه وصلاته، وإن كان الأحوط قضاؤها، بل عدم جواز الإراقة والإبطال قبل الوقت ـ مع فقد الماء حتّى في الوقت ـ لا يخلو من قوّة([205]).

(مسألة 10): لو تمكّن من حفر البئر بلا حرج وجب على الأحوط([206]).

ومنها: الخوف من الوصول إليه من اللُّص أو السَّبُع أو الضياع أو نحو ذلك، ممّا يحصل معه خوف الضرر على النفس أو العِرض أو المال المعتدّ به، بشرط أن يكون الخوف من منشأ يعتني به العقلاء.

ومنها: خوف الضرر من استعماله ; لمرض أو رمد أو ورم أو جرح أو قرح، أو نحو ذلك ممّا يتضرّر معه باستعمال الماء، على وجه لا يُلحق بالجبيرة وما في حكمها، ولا فرق بين الخوف من حصوله أو الخوف من زيادته وبُطء بُرئه، وبين شدّة الألم باستعماله على وجه لا يتحمّل للبرد أو غيره.

ومنها: الخوف باستعماله من العطش على الحيوان المحترم.

ومنها: الحرج والمشقّة الشديدة التي لا تتحمّل عادة في تحصيل الماء أو استعماله وإن لم يكن ضرر ولا خوفه، ومن ذلك حصول المنّة التي لا تتحمّل عادة باستيهابه، والذلّ والهوان بالاكتساب لشرائه.

ومنها: توقّف حصوله على دفع جميع ما عنده، أو دفع ما يضرّ بحاله، بخلاف غير المضرّ، فإنّه يجب وإن كان أضعاف ثمن المثل.

ومنها: ضيق الوقت عن تحصيله أو عن استعماله.

ومنها: وجوب استعمال الموجود من الماء في غسل نجاسة ونحوه، ممّا لا يقوم غير الماء مقامه، فإنّه يتعيّن التيمّم حينئذ، لكن الأحوط صرف الماء في الغسل أوّلاً، ثمّ التيمّم.

(مسألة 11): لا فرق في العطش الذي يسوغ معه التيمّم بين المؤدّي إلى الهلاك، أو المرض، أو المشقّة الشديدة التي لا تتحمّل وإن أمن من ضرره. كما لا فرق فيما يؤدّي إلى الهلاك بين ما يخاف على نفسه أو على غيره ; آدميّاً كان أو غيره، مملوكاً كان أو غيره ممّا يجب حفظـه عن الهلاك، بل لا يبعد التعدّي إلى من لا يجوز قتله وإن لا يجب حفظه([207]) كالذمّي. نعم الظاهر عدم التعدّي إلى ما يجوز قتله بأيّ حيلة، كالمؤذيات من الحيوانات، ومن يكون مهدور الدم من الآدمي، كالحربي والمرتدّ عن فطرة([208]) ونحوهما، ولو أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله كالخمر والنجس، وعنده ماء طاهر، يجب حفظه لعطشه، ويتيمّم لصلاته ; لأنّ وجود المحرّم كالعدم.

(مسألة 12): لو كان متمكّناً من الصلاة مع الطهارة المائيّة، فأخّر حتّى ضاق الوقت عن الوضوء والغسل، تيمّم وصلّى، وصحّت صلاته وإن أثم بالتأخير، والأحوط ـ احتياطاً شديداً ـ قضاؤها أيضاً.

(مسألة 13): لو شكّ في مقدار ما بقي من الوقت، فتردّد بين ضيقه حتّى يتيمّم، أو سعته حتّى يتوضّأ أو يغتسل، يجب عليه التيمّم، وكذا لو علم مقدار ما بقي ولو تقريباً، وشكّ في كفايته للطهارة المائيّة، يتيمّم ويصلّي.

(مسألة 14): لو دار الأمر بين إيقاع تمام الصلاة في الوقت مع التيمّم، وإيقاع ركعة منها مع الوضوء، قدّم الأوّل على الأقوى، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالقضاء مع المائيّة.

(مسألة 15): التيمّم لأجل ضيق الوقت مع وجدان الماء، لا يستباح به إلاّ الصلاة التي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة اُخرى ولو صار فاقد الماء حينها. نعم لو فقد في أثناء الصلاة الاُولى([209]) لا يبعد كفايته لصلاة اُخرى، والأحوط ترك سائر الغايات ـ غير تلك الصلاة ـ حتّى إذا أتى بها حال الصلاة، فلا يجوز مسّ كتابة القرآن على الأحوط.

(مسألة 16): لا فرق بين عدم الماء رأساً، ووجود ما لا يكفي لتمام الأعضاء ـ وكان كافياً لبعضها ـ في الانتقال إلى التيمّم، ولو تمكّن من مزج الماء ـ الذي لا يكفيه لطهارته ـ بما لا يخرجه عن الإطلاق، ويحصل به الكفاية، فالأحوط وجوبه([210]).

(مسألة 17): لو خالف من كان فرضه التيمّم فتوضّأ أو اغتسل، فطهارته باطلة على الأحوط([211])، وإن كان فيه تفصيل، ولو أتى بها في مقام ضيق الوقت بعنوان الكون على الطهارة ـ أو لغايات اُخر ـ صحّت، كما تصحّ أيضاً لو خالف ودفع ثمناً عن الماء مضرّاً بحاله، أو تحمّل المنَّة والهوان أو المخاطرة في تحصيله ونحو ذلك، ممّا كان الممنوع منه مقدّمات الطهارة لانفسها، وأمّا لو كانت بنفسها ضرريّة أو حرجيّة فالظاهر بطلانها. نعم لو كان الضرر أو الحرج على الغير فخالف وتطهّر، فلا يبعد الصحّة.

(مسألة 18): يجوز التيمّم لصلاة الجنازة والنوم مع التمكّن من الماء، إلاّ أنّه ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الحدث الأصغر، ولا بأس بإتيانه رجاءً للأكبر أيضاً. كما أنّ الأولى فيه الاقتصار على صورة التذكّر ـ لعدم الوضوء ـ بعد الدخول في فراشه، وفي غيرها يأتي به رجاءً، كما أنّ الأولى في الأوّل قصد الرجاء في غير صورة خوف فوت الصلاة.

القول فيما يتيمّم به
(مسألة 1): يعتبر فيما يتيمّم به أن يكون صعيداً، وهو مطلق وجه الأرض، من غير فرق بين التراب، والرمل، والحجر، والمدر، وأرض الجِصّ والنورة قبل الاحتراق([212])، وتراب القبر، والمستعمل في التيمّم، وذي اللّون، وغيرها ممّا يندرج تحت اسمها، وإن لم يعلق منه شيء باليد، لكن الأحوط التراب، بخلاف ما لا يندرج تحته وإن كان منها، كالنبات والذهب والفضّة وغيرهما من المعادن الخارجة عن اسمها، وكذا الرماد([213]) وإن كان منها.

(مسألة 2): لو شكّ في كون شيء تراباً أو غيره ممّا لا يتيمّم به، فإن علم بكونه تراباً في السابق، وشكّ في استحالته إلى غيره، يجوز التيمّم به. وإن لم يعلم حالته السابقة، فمع انحصار المرتبة السابقة به، يجمع بين التيمّم به وبالمرتبة اللاحقة من الغبار والطين لو وجدت، وإلاّ يحتاط بالجمع بين التيمّم به والصلاة في الوقت والقضاء خارجه.

(مسألة 3): الأحوط عدم جواز التيمّم([214]) بالجِصّ والنورة بعد احتراقهما مع التمكّن من التراب ونحوه، ومع عدمه الأحوط الجمع بين التيمّم بواحد منهما وبالغبار أو الطين، اللذين هما مرتبة متأخّرة، ومع فرض الانحصار الأحوط الجمع بينه وبين الإعادة أو القضاء. وأمّا الخزف والآجر ونحوهما من الطين المطبوخ فالظاهر جواز التيمّم بها.

(مسألة 4): لا يصحّ التيمّم بالصعيد النجس وإن كان جاهلاً بنجاسته أو ناسياً ([215])، ولا بالمغصوب([216]) إلاّ إذا اُكره على المكث فيه كالمحبوس، أو كان جاهلاً بالموضوع، ولابالممتزج بغيره بما يخرجه عن إطلاق اسم التراب عليه، فلا بأس بالمستهلك والخليط المتميّز الذي لا يمنع عن صدق التيمّم على الأرض. وحكم المشتبه بالمغصوب والممتزج هنا حكم الماء بالنسبة إلى الوضوء والغسل، بخلاف المشتبه بالنجس مع الانحصار، فإنّه يتيمّم بهما، ولو كان عنده ماء وتراب وعلم بنجاسة أحدهما يجب عليه مع الانحصار الجمع بين التيمّم والوضوء أو الغسل مقدّماً للتيمّم عليهما. واعتبار إباحة التراب ومكان التيمّم كاعتبارها في الوضوء، وقد مرّ ما هو الأقوى.

(مسألة 5): المحبوس في مكان مغصوب، يجوز أن يتيمّم فيه بلا إشكال إن كان محلّ الضرب خارج المغصوب. وأمّا التيمّم فيه مع دخول محلّ الضرب أو به، فالأقوى جوازه وإن لا يخلو من إشكال. وأمّا التوضّؤ فيه، فإن كان بماء مباح فهو كالتيمّم فيه لا بأس به، خصوصاً إذا تحفّظ من وقوع قطرات الوضوء على أرض المحبس. وأمّا بالماء الذي في المحبس، فإن كان مغصوباً لا يجوز التوضّؤ به، ما لم يحرز رضا صاحبه كخارج المحبس، ومع عدم إحرازه يكون كفاقد الماء يتعيّن عليه التيمّم.

(مسألة 6): لو فقد الصعيد تيمّم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابّته، ممّا يكون على ظاهره غبار الأرض ضارباً على ذي الغبار، ولا يكفي الضرب على ما في باطنه الغبار ـ دون ظاهره ـ وإن ثار منه بالضرب عليه. هذا إذا لم يتمكّن من نفضه وجمعه ثمّ التيمّم به، وإلاّ وجب، ومع فقد ذلك تيمّم بالوحل، ولو تمكّن من تجفيفه ثمّ التيمّم به وجب، وليس منه الأرض النديّة والتراب النديّ، فإنّهما من المرتبة الاُولى، وإذا تيمّم بالوحل لا يجب إزالته على الأصحّ، لكن ينبغي أن يفركه كنفض التراب. وأمّا إزالته بالغسل فلا شبهة في عدم جوازها.

(مسألة 7): لا يصحّ التيمّم بالثلج. فمن لم يجد غيره ممّا ذكر، ولم يتمكّن من حصول مسمّى الغسل به أو كان حرجيّاً، يكون فاقد الطهورين، والأقوى سقوط الأداء([217])، والأحوط ثبوت القضاء. والأحوط منه ثبوت الأداء أيضاً، بل الأحوط هنا التمسّح بالثلج على أعضاء الوضوء، والتيمّم به، وفعل الصلاة في الوقت، ثمّ القضاء بعده إذا تمكّن.

(مسألة 8): يكره التيمّم بالرمل، وكذا بالسبخة، بل لا يجوز في بعض أفرادها الخارج عن اسم الأرض. ويستحبّ له نفض اليدين بعد الضرب، وأن يكون ما يتيمّم به من رُبى الأرض وعواليها، بل يُكره ـ أيضاً ـ أن يكون من مهابطها.

القول في كيفيّة التيمّم
(مسألة 1): كيفيّة التيمّم مع الاختيار: ضرب باطن الكفّين بالأرض معاً دفعة، ثمّ مسح الجبهة والجبينين بهما معاً مستوعباً لهما من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى وإلى الحاجبين، والأحوط المسح عليهما، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى ـ من الزند إلى أطراف الأصابع ـ بباطن الكفّ اليُسرى، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليُسرى بباطن الكفّ اليُمنى. وليس ما بين الأصابع من الظاهر، إذ المراد ما يمسّه ظاهر بشرة الماسح، بل لا يعتبر التدقيق والتعمّق فيه. ولا يجزي الوضع دون مسمّى الضرب على الأحوط، وإن كانت الكفاية لا تخلو من قوّة، ولا الضرب بإحداهما ولابهما على التعاقب، ولابظاهرهما، ولاببعض الباطن بحيث لا يصدق عليه الضرب بتمام الكفّ عرفاً، ولا المسح بإحداهما أو بهما على التعاقب. ويكفي في مسح الوجه مسحُ مجموع الممسوح بمجموع الماسح في الجبهة والجبينين على النحو المتعارف، أي الشِّقّ الأيمن باليد اليُمنى والأيسر باليُسرى، وفي الكفّين وضعُ طول باطن كلّ منهما على عرض ظاهر الاُخرى والمسح إلى رؤوس الأصابع.

(مسألة 2): لو تعذّر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر. هذا إذا كان التعذّر مطلقاً. وأمّا مع تعذّر بعض أو بلا حائل، فالأحوط الجمع بين الضرب والمسح ببعض الباطن، أو الباطن مع الحائل وبينهما بالظاهر، والانتقال إلى الذراع مكان الظاهر في الدوران بينهما لا يخلو من وجه، والأحوط الجمع بينهما، ولا ينتقل من الباطن لو كان متنجّساً بغير المتعدّي وتعذّرت الإزالة([218])، بل يضرب بهما ويمسح، ولو كانت النجاسة حائلة مستوعبة، ولم يمكن التطهير والإزالة، فالأحوط الجمع بين الضرب بالباطن والضرب بالظاهر، بل لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في الصورة المتقدّمة أيضاً.
ولو تعدّت النجاسة إلى الصعيد ولم يمكن التجفيف، ينتقل إلى الذراع أو الظاهر حينئذ، ولو كانت النجاسة على الأعضاء الممسوحة وتعذّر التطهير والإزالة مسح عليها.

القول فيما يعتبر في التيمّم
(مسألة 1): يعتبر النيّة في التيمّم على نحو ما مرّ في الوضوء ; قاصداً به البدليّة عمّا عليه، من الوضوء أو الغسل، مقارناً بها الضرب الذي هو أوّل أفعاله. ويعتبر فيه المباشرة، والترتيب حسب ما عرفته، والموالاة، بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته وصورته، والمسح من الأعلى إلى الأسفل في الجبهة واليدين، بحيث يصدق ذلك عليه عرفاً، ورفع الحاجب عن الماسح والممسوح حتّى مثل الخاتم، والطهارة فيهما([219]). وليس الشعر النابت على المحلّ من الحاجب، فيمسح عليه. نعم يكون منه الشعر المتدلّي من الرأس إلى الجبهة إذا كان خارجاً عن المتعارف، ويُعدّ حائلاً عرفاً ـ لا مثل الشعرة والشعرتين ـ فيجب رفعه. هذا كلّه مع الاختيار. أمّا مع الاضطرار فيسقط المعسور، ولكن لا يسقط به الميسور.

(مسألة 2): يكفي ضربة واحدة للوجه واليدين في بدل الوضوء والغسل، وإن كان الأفضل ضربتين مخيّراً بين إيقاعهما متعاقبتين قبل مسح الوجه، أو موزّعتين على الوجه واليدين، وأفضل من ذلك ثلاث ضربات: اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه، وواحدة قبل مسح اليدين. ومع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالضربتين، خصوصاً فيما هو بدل عن الغسل، بإيقاع واحدة للوجه واُخرى لليدين، والأولى الأحوط أن يضرب ضربة ويمسح بها وجهه وكفّيه، ويضرب اُخرى ويمسح بها كفّيه.

(مسألة 3): العاجز يُيمّمه غيره، لكن يضرب الأرض بيدي العاجز ثمّ يمسح بهما، ومع فرض العجز عن ذلك([220]) يضرب المتولّي بيديه ويمسح بهما، ولو توقّف وجوده على اُجرة وجب بذلها، وإن كانت أضعاف اُجرة المثل على الأحوط ما لم يضرّ بحاله.

(مسألة 4): من قُطعت إحدى يديه ضرب الأرض بالموجودة، ومسح بها جبهته، ثمّ مسح ظهرها بالأرض، والأحوط الجمع بينه وبين تولية الغير إن أمكن، بأن يضرب يده على الأرض، ويمسح بها ظهر كفّ الأقطع. ومن قُطعت يداه يمسح بجبهته على الأرض، والأحوط تولية الغير أيضاً إن أمكن، بأن يضرب يديه على الأرض ويمسح بهما جبهته. هذا كلّه فيمن ليس له ذراع، وإلاّ تيمّم بها وبالموجودة([221]). والأحوط مسح تمام الجبهة والجبينين بالموجودة، بعد المسح بها، وبالذراع على النحو المتعارف، هذا في الصورة الاُولى. وكذا الكلام في الثانية، فمقطوع اليدين لو كان له الذراع تيمّم بها، وهو مقدّم على مسح الجبهة على الأرض وعلى الاستنابة، بل الأحوط تنزيل الذراع منزلة الكفّين في المسح على ظهرهما في مقطوع اليدين، وعلى ظهر المقطوع في الآخر.

(مسألة 5): في مسح الجبهة واليدين يجب إمرار الماسح على الممسوح، فلا يكفي جرّ الممسوح تحت الماسح، نعم لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحاً.

القول في أحكام التيمّم
(مسألة 1): لا يصحّ التيمّم على الأحوط للفريضة قبل دخول وقتها، وإن علم بعدم التمكّن منه في الوقت على إشكال، والأحوط ـ احتياطاً لا يترك ـ لمن يعلم بعدم التمكّن منه في الوقت، إيجاده قبله لشيء من غاياته، وعدم نقضه إلى وقت الصلاة مقدّمة لإدراكها مع الطهور في وقتها، بل وجوبه لا يخلو من قُوّة.
وأمّا بعد دخول الوقت فيصحّ وإن لم يتضيّق مع رجاء ارتفاع العذر في آخره وعدمه، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مع رجاء ارتفاعه، ومع العلم بالارتفاع يجب الانتظار، والأحوط مراعاة الضيق مطلقاً، ولا يعيد ما صلاّه بتيمّمه الصحيح بعد ارتفاع العذر، من غير فرق بين الوقت وخارجه.

(مسألة 2): لو تيمّم لصلاة قد حضر وقتها، ولم ينتقض ولم يرتفع العذر حتّى دخل وقت صلاة اُخرى، جاز الإتيان بها في أوّل وقتها، إلاّ مع العلم بارتفاع العذر في آخره، فيجب تأخيرها، ومع رجاء ارتفاعه لا ينبغي ترك الاحتياط، بل يستبيح بالتيمّم لغاية ـ كالصلاة ـ غيرها من الغايات ـ كالمتطهّر ـ ما لم ينتقض وبقي العذر، فله أن يأتي بكلّ ما يشترط فيه الطهارة، كمسّ كتابة القرآن المجيد، ودخول المساجد وغير ذلك. وهل يقوم الصعيد مقام الماء في كلّ ما يكون الوضوء أو الغسل مطلوباً فيه وإن لم يكن طهارة، فيجوز التيمّم بدلاً عن الأغسال المندوبة والوضوء التجديدي والصوري ؟ فيه تأمّل وإشكال، فالأحوط الإتيان به رجاء المطلوبيّة.

(مسألة 3): المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمّم تيمّمين([222]): أحدهما عن الغسل، والآخر عن الوضوء، ولو وجد ما لا يمكن صرفه إلاّ في أحدهما خاصّة، صرفه فيه وتيمّم عن الآخر، ولو وجد ما يكفي أحدهما وأمكن صرفه في كلّ منهما، قدّم الغسل على الأحوط، بل لا يخلو من وجه، وتيمّم عن الوضوء، ويكفي في الجنابة تيمّم واحد.

(مسألة 4): لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر، ففي كفاية تيمّم واحد عن الجميع إشكال، فالأحوط التيمّم([223]) لكلّ واحد منها، فلو كان عليه غسل الجنابة وغسل مسّ الميّت مثلاً أتى بتيمّمين.

(مسألة 5): ينتقض التيمّم عن الوضوء بالحدث الأصغر والأكبر، كما أنّه ينتقض ما يكون بدلاً عن الغسل بما يوجب الغسل. وهل ينتقض ما يكون بدلاً عن الغسل بما ينقض الوضوء، فيعود إلى ما كان، فالمُجنب المتيمّم إذا أحدث بالأصغر يعيد تيمّمه، والحائض مثلاً إذا أحدثت انتقض تيمّماها، أو لا، بل لا يوجب الحدث الأصغر إلاّ الوضوء، أو التيمّم بدلاً عنه إلى أن يجد الماء، أو يتمكّن من استعماله في الغسل، فحينئذ ينتقض ما كان بدلاً عنه ؟ قولان أشهرهما الأوّل، وأقواهما الثاني، خصوصاً في غير الجُنُب، فالمجنب لو أحدث بعد تيمّمه يكون كالمغتسل المحدث بعد غسله، لا يحتاج إلاّ إلى الوضوء أو التيمّم بدلاً عنه، والحائض لو أحدثت بعد تيمّمها، تكون كما أحدثت بعد أن توضّأت واغتسلت، لا ينتقض إلاّ تيمّمها الوضوئي. والأحوط لمن تمكّن من الوضوء الجمع بينه وبين التيمّم بدلاً عن الغسل، ولمن لم يتمكّن منه الإتيان بتيمّم واحد بقصد ما في الذمّة، المردّد بين كونه بدلاً عن الغسل أو الوضوء إذا كان مجنباً، وأمّا غيره فيأتي بتيمّمين: أحدهما بدلاً عن الوضوء، والآخر عن الغسل احتياطاً.

(مسألة 6): لو وجد الماء وتمكّن من استعماله ـ شرعاً وعقلاً ـ أو زال عذره قبل الصلاة، انتقض تيمّمه، ولا يصحّ أن يصلّي به وإن تجدّد فقدان الماء أو عاد العذر، فيجب أن يتيمّم ثانياً. نعم لو لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل، لا يبعد عدم انتقاضه، وإن كان الأحوط تجديده مطلقاً، وكذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت، لا ينتقض تيمّمه، ويكتفي به للصلاة التي ضاق وقتها.

(مسألة 7): المجنب المتيمّم إذا وجد ماءً بقدر كفاية وضوئه لا يبطل تيمّمه، وأمّا غيره ممّن تيمّم تيمّمين لو وجد بقدر الوضوء، بطل خصوص تيمّمه الذي هو بدل عنه، ولو وجد ما يكفي للغسل فقط، ولا يمكن صرفه في الوضوء، صرفه فيه ويتيمّم للوضوء، ولو أمكن صرفه في كلّ منهما ـ لا كليهما ـ فالأحوط صرفه في الغسل، والتيمّم بدل الوضوء، وإن كان بقاء التيمّم لا يخلو من وجه.

(مسألة 8): لو وجد الماء بعد الصلاة لا تجب إعادتها، بل تمّت وصحّت، وكذا لو وجده في أثنائها بعد الركوع من الركعة الاُولى. وأمّا لو كان قبله ففي بطلان تيمّمه وصلاته إشكال([224])، لا يبعد عدم البطلان مع استحباب الرجوع واستئناف الصلاة مع الطهارة المائيّة، والاحتياط بالإتمام والإعادة مع سعة الوقت لا ينبغي تركه.

(مسألة 9): لو شكّ في بعض أجزاء التيمّم بعد الفراغ منه، لا يعتني وبنى على الصحّة، وكذا لو شكّ في أجزائه في أثنائه، من غير فرق بين ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل على الأقوى، والأحوط الاعتناء بالشكّ.

فصل في النجاسات
والكلام فيها، وفي أحكامها، وكيفيّة التنجّس بها، وما يُعفى عنه منها:

القول في النجاسات
(مسألة 1): النجاسات إحدى عشر:

الأوّل والثاني: البول والخُرء من الحيوان ذي النفس السائلة غير مأكول اللحم ولو بالعارض، كالجلاّل وموطوء الإنسان. أمّا ما كان من المأكول فإنّهما طاهران. وكذا غير ذي النفس ممّا ليس له لحم، كالذباب والبقّ وأشباههما. وأمّا ما له لحم منه فمحلّ إشكال، وإن كانت الطهارة لا تخلو من وجه([225])، خصوصاً في الخُرء. كما أنّ الأقوى نجاسة الخُرء والبول من الطير غير المأكول([226]).

(مسألة 2): لو شكّ في خُرء حيوان أنّه من مأكول اللحم أو محرّمه، إمّا من جهة الشكّ في ذلك الحيوان الذي هذا خرؤه، وإمّا من جهة الشكّ في أنّ هذا الخُرء من الحيوان الفلاني الذي يكون خرؤه نجساً، أو من الذي يكون طاهراً، كما إذا رأى شيئاً لا يدري أنّه بعرة فأر أو خنفساء فيحكم بالطهارة، وكذا لو شكّ في خُرء حيوان أنّه ممّا له نفس سائلة، أو من غيره ممّا ليس له لحم، كالمثال المتقدّم، وأمّا لو شكّ في أنّه ممّا له نفس أو من غيره ممّا له لحم، بعد إحراز عدم المأكوليّة، ففيه إشكال كما تقدّم، وإن كانت الطهارة لا تخلو من وجه([227]).

الثالث: المنيّ من كلّ حيوان ذي نفس حلّ أكله أو حرم، دون غير ذي النفس، فإنّه منه طاهر.

الرابع: ميتة ذي النفس([228]) من الحيوان ممّا تحلّه الحياة، وما يُقطع من جسده حيّاً ممّا تحلّه الحياة، عدا ما ينفصل من بدنه من الأجزاء الصغار، كالبثور والثؤلول وما يعلو الشفة والقروح وغيرها عند البُرء وقشور الجرب ونحوه، وما لا تحلّه الحياة، كالعظم والقرن والسنّ والمنقار والظفر والحافر والشعر والصوف والوبر والريش، طاهر. وكذا البيض من الميتة الذي اكتسى القشر الأعلى من مأكول اللحم، بل وغيره. ويُلحق بما ذُكر الإنفحّة ـ وهي الشيء الأصفر الذي يُجبن به، ويكون منجمداً في جوف كرش الحمل والجدي قبل الأكل ـ وكذا اللبن في الضرع، ولا ينجسان بمحلّهما، والأحوط ـ الذي لا يُترك ـ اختصاص الحكم بلبن مأكول اللحم.

(مسألة 3): فأرة المِسك إن اُحرز أنّها ممّا تحلّه الحياة نجسة على الأقوى ; لو انفصلت من الحيّ أو الميّت قبل بلوغها واستقلالها وزوال الحياة عنها حال حياة الظبي، ومع بلوغها حدّاً لابدّ من لفظها فالأقوى طهارتها، سواء كانت مُبانة من الحيّ أو الميّت، ومع الشكّ في كونها ممّا تحلّه الحياة محكومة بالطهارة، ومع العلم به والشكّ في بلوغها ذلك الحدّ محكومة بالنجاسة. وأمّا مسكها فلا إشكال في طهارته في جميع الصور، إلاّ فيما سرت إليه رطوبة ممّا هو محكوم بالنجاسة، فإنّ طهارته حينئذ لا تخلو من إشكال، ومع الجهل بالحال محكوم بالطهارة.

(مسألة 4): ما يُؤخذ من يد المسلم وسوق المسلمين ـ من اللحم أو الشحم أو الجلد ـ إذا لم يُعلم كونه مسبوقاً بيد الكافر، محكوم بالطهارة وإن لم يُعلم تذكيته، وكذا ما يوجد مطروحاً في أرض المسلمين. وأمّا إذا عُلم بكونه مسبوقاً بيد الكافر، فإن احتمل أنّ المسلم الذي أخذه من الكافر قد تفحّص عن حاله، وأحرز تذكيته، بل وعمل المسلم معه معاملة المذكّى على الأحوط، فهو أيضاً محكوم بالطهارة، وأمّا لو علم أن المسلم أخذه من الكافر من غير فحص فالأحوط ـ بل الأقوى([229]) ـ وجوب الاجتناب عنه.

(مسألة 5): لو أخذ لحماً أو شحماً أو جلداً من الكافر([230]) أو من سوق الكفّار، ولم يعلم أنّه من ذي النفس أو غيره كالسمك ونحوه، فهو محكوم بالطهارة وإن لم يحرز تذكيته، ولكن لا يجوز الصلاة فيه.

(مسألة 6): لو اُخذ شيء من الكفّار أو من سوقهم، ولم يعلم أنّه من أجزاء الحيوان أو غيره، فهو محكوم بالطهارة ما لم يعلم بملاقاته للنجاسة السارية، بل يصحّ الصلاة فيه أيضاً، ومن هذا القبيل اللاستيك والشمع المجلوبان من بلاد الكفر ـ في هذه الأزمنة ـ عند من لم يطّلع على حقيقتهما.

الخامس: دم ذي النفس السائلة، بخلاف دم غيره كالسمك والبقّ والقمّل والبراغيث، فإنّه طاهر، والمشكوك في أنّه من أيّهما محكوم بالطهارة. والأحوط([231]) الاجتناب عن العلقة المستحيلة من المنيّ، حتّى العلقة في البيضة وإن كانت الطهارة في البيضة لا تخلو من رجحان([232]). والأقوى طهارة الدم الذي يوجد فيها، وإن كان الأحوط الاجتناب عنه، بل عن جميع ما فيها، إلاّ أن يكون الدم في عِرق، أو تحت جلدة حائلة بينه وبين غيره.

(مسألة 7): الدم المتخلّف في الذبيحة إن كان من الحيوان غير المأكول، فالأحوط الاجتناب عنه، وإلاّ فهو طاهر، بعد قذف ما يُعتاد قذفه من الدم بالذبح أو النحر، من غير فرق بين المتخلّف في بطنها، أو في لحمها، أو عروقها، أو قلبها، أو كبدها، إذا لم يتنجّس بنجاسة كآلة التذكية وغيرها، وكذا المتخلّف في الأجزاء غير المأكولة وإن كان الأحوط الاجتناب عنه، وليس من الدم المتخلّف الطاهر ما يرجع من دم المذبح إلى الجوف; لردّ النَّفَس أو لكون رأس الذبيحة في علوّ. والدم الطاهر من المتخلّف حرام أكله، إلاّ ما كان مستهلكاً في الأمراق ونحوها، أو كان في اللحم بحيث يعدّ جزءً منها.

(مسألة 8): ما شُكّ في أنّه دم أو غيره طاهر، مثل ما إذا خرج من الجرح شيء أصفر قد شكّ في أنّه دم أو لا، أو شُكّ ـ من جهة الظلمة أو العمى أو غير ذلك ـ في أنّ ما خرج منه دم أو قيح، ولا يجب عليه الاستعلام. وكذا ما شكّ في أنّه ممّا له نفس سائلة أو لا، إمّا من جهة عدم العلم بحال الحيوان كالحيّة مثلاً، أو من جهة الشكّ في الدم وأنّه من الشاة مثلاً أو من السمك، فلو رأى في ثوبه دماً، ولا يدري أنّه منه أو من البقّ أو البرغوث، يحكم بطهارته.

(مسألة 9): الدم الخارج من بين الأسنان نجس وحرام لا يجوز بلعه، ولو استهلك في الريق يطهر ويجوز بلعه، ولا يجب تطهير الفم بالمضمضة ونحوها.

(مسألة 10): الدم المنجمد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرضّ، نجس إذا ظهر بانخراق الجلد ونحوه إلاّ إذا علم استحالته، فلو انخرق الجلد ووصل إليه الماء تنجّس، ويشكل معه الوضوء أو الغسل، فيجب إخراجه إن لم يكن حرج، ومعه يجب أن يجعل عليه شيء كالجبيرة ويمسح عليه، أو يتوضّأ ويغتسل بالغمس في ماء معتصم كالكرّ والجاري، هذا إذا عُلم من أوّل الأمر أنّه دم منجمد، وإن احتمل أنّه لحم صار كالدم بسبب الرضّ فهو طاهر.

السادس والسابع: الكلب والخنزير البرّيّان عيناً ولعاباً، وجميع أجزائهما وإن كانت ممّا لا تحلّه الحياة، كالشعر والعظم ونحوهما. وأمّا كلب الماء وخنزيره فطاهران.
الثامن: المسكر المائع بالأصل، دون الجامد كذلك ـ كالحشيش ـ وإن غلى وصار مائعاً بالعارض. وأمّا العصير العنبي فالظاهر طهارته لو غلى بالنار ولم يذهب ثُلثاه، وإن كان حراماً بلا إشكال. والزبيبي أيضاً طاهر، والأقوى عدم حرمته، ولو غليا بنفسهما وصارا مسكرين ـ كما قيل ـ فهما نجسان أيضاً، وكذا التمري على هذا الفرض، ومع الشكّ فيه يحكم بالطهارة في الجميع.

(مسألة 11): لا بأس بأكل الزبيب والتمر إذا غليا في الدهن، أو جعلا في المحشي والطبيخ أو في الأمراق مطلقاً، سيّما إذا شكّ في غليان ما في جوفهما كما هو الغالب.

التاسع: الفقاع، وهو شراب مخصوص متّخذ من الشعير غالباً ([233]). أمّا المتّخذ من غيره ففي حرمته ونجاسته تأمّل وإن سُمّي فقاعاً، إلاّ إذا كان مسكراً.

العاشر: الكافر، وهو من انتحل([234]) غير الإسلام، أو انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، بحيث يرجع جحوده إلى إنكار الرسالة، أو تكذيب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، أو تنقيص شريعته المطهّرة، أو صدر منه ما يقتضي كفره من قول أو فعل، من غير فرق بين المرتدّ والكافر الأصلي الحربي والذمّي. وأمّا النواصب والخوارج ـ لعنهم الله تعالى ـ فهما نجسان من غير توقّف ذلك على جحودهما الراجع إلى إنكار الرسالة. وأمّا الغالي فإن كان غُلُوّه مستلزماً لإنكار الاُلوهيّة أو التوحيد أو النبوّة، فهو كافر، وإلاّ فلا.

(مسألة 12): غير الاثني عشريّة ـ من فِرَق الشيعة ـ إذا لم يظهر منهم نَصب ومعاداة وسبّ لسائر الأئمّة ـ الذين لا يعتقدون بإمامتهم ـ طاهرون، وأمّا مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب.

الحادي عشر: عرق الإبل الجلاّلة([235])، والأقوى طهارة عرق ما عداها من الحيوانات الجلاّلة، والأحوط الاجتناب عنه. كما أنّ الأقوى طهارة عرق الجُنُب من الحرام، والأحوط التجنّب عنه في الصلاة، وينبغي الاحتياط منه مطلقاً.

القول في أحكام النجاسات
(مسألة 1): يشترط في صحّة الصلاة والطواف ـ واجبهما ومندوبهما ـ طهارة البدن، حتّى الشعر والظفر وغيرهما ممّا هو من توابع الجسد واللباس الساتر منه وغيره، عدا ما استثني من النجاسات وما في حكمها من المتنجّس بها. وقليلها ـ ولو مثل رأس الإبرة ـ ككثيرها عدا ما استثني منها. ويشترط في صحّة الصلاة أيضاً طهارة موضع الجبهة في حال السجود، دون المواضع الاُخر، فلا بأس بنجاستها مادامت غير سارية إلى بدنه أو لباسه بنجاسة غير معفوّ عنها.
ويجب إزالة النجاسة عن المساجد بجميع أجزائها، من أرضها وبنائها حتّى الطرف الخارج من جدرانها على الأحوط([236])، كما أنّه يحرم تنجيسها. ويلحق بها المشاهد المشرّفة والضرائح المقدّسة، وكلّ ما علم من الشرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التنجيس، كالتربة الحسينيّة، بل وتربة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر الأئمّة(عليهم السلام)، والمصحف الكريم حتّى جلده وغلافه، بل وكتب الأحاديث عن المعصومين(عليهم السلام)على الأحوط، بل الأقوى لو لزم الهتك، بل مطلقاً في بعضها. ووجوب تطهير ما ذكر كفائيّ لا يختصّ بمن نجّسها([237])، كما أنّه يجب المبادرة مع القدرة على تطهيرها، ولو توقّف ذلك على صرف مال وجب، وهل يرجع به على من نجّسها لا يخلو من وجه. ولو توقّف تطهير المسجد مثلاً على حفر أرضه أو تخريب شيء منه جاز، بل وجب. وفي ضمان من نجّسه لخسارة التعمير وجه قويّ. ولو رأى نجاسة في المسجد مثلاً وقد حضر وقت الصلاة تجب المبادرة إلى إزالتها مقدّماً على الصلاة مع سعة وقتها، فلو تركها مع القدرة واشتغل بالصلاة عصى، لكن الأقوى صحّتها، ومع ضيق الوقت قدّمها على الإزالة.

(مسألة 2): حصير المسجد وفرشه كنفس المسجد ـ على الأحوط ـ في حرمة تلويثه ووجوب إزالته عنه ولو بقطع الموضع النجس.

(مسألة 3): لا فرق في المسجد بين المعمور والمخروب والمهجور، بل الأحوط جريان الحكم فيما إذا تغيّر عنوانه([238])، كما إذا غُصب وجُعل داراً أو خاناً أو دكّاناً.

(مسألة 4): لو علم إخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عنه لا يلحقه الحكم، ومع الشكّ فيه لا يلحق به مع عدم أمارة على المسجديّة.

(مسألة 5): كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النجس، ولو كتب جهلاً أو عمداً يجب محوه فيما ينمحي، وفي غيره كمداد الطبع يجب تطهيره.

(مسألة 6): من صلّى في النجاسة متعمّداً بطلت صلاته، ووجبت إعادتها من غير فرق بين الوقت وخارجه. والناسي كالعامد([239]). والجاهل بها حتّى فرغ من صلاته لا يعيد في الوقت ولا خارجه، وإن كان الأحوط الإعادة، وأمّا لو علم بها في أثنائها، فإن لم يعلم بسبقها، وأمكنه إزالتها ـ بنزع أو غيره ـ على وجه لا ينافي الصلاة مع بقاء الستر فعل ومضى في صلاته، وإن لم يمكنه استأنفها لو كان الوقت واسعاً، وإلاّ فإن أمكن طرح الثوب والصلاة عرياناً يصلّي كذلك على الأقوى، وإن لم يمكن صلّى بها، وكذا لو عرضت له في الأثناء، ولو علم بسبقها وجب الاستئناف مع سعة الوقت مطلقاً.

(مسألة 7): لو انحصر الساتر في النجس فإن لم يقدر على نزعه ـ لبرد ونحوه ـ صلّى فيه إن ضاق الوقت، أو لم يحتمل احتمالاً عقلائياً زوال العذر، ولا إعادة عليه، وإن تمكّن من نزعه فالأقوى إتيان الصلاة عارياً ([240]) مع ضيق الوقت، بل ومع سعته لو لم يحتمل زوال العذر، ولا قضاء عليه.

(مسألة 8): لو اشتبه الثوب الطاهر بالنجس، يكرّر الصلاة فيهما مع الانحصار بهما، ولو لم يسع الوقت فالأحوط([241]) أن يصلّي عارياً مع الإمكان، ويقضي خارج الوقت([242]) في ثوب طاهر، ومع عدم الإمكان يصلّي في أحدهما، ويقضي في ثوب طاهر على الأحوط، وفي هذه الصورة لو كان أطراف الشبهة ثلاثة أو أكثر، يكرّر الصلاة على نحو يعلم بوقوعها في ثوب طاهر.

القول في كيفيّة التنجّس بها
(مسألة 1): لا ينجس الملاقي لها مع اليبوسة، ولا مع النداوة التي لم ينتقل منها أجزاء بالملاقاة. نعم ينجس الملاقي مع بلّة في أحدهما على وجه تصل منه إلى الآخر، فلا يكفي مجرّد الميعان كالزيبق، بل والذهب والفضّة الذائبين ما لم تكن رطوبة سارية من الخارج، فالذهب الذائب في البوتقة النجسة، لا يتنجّس ما لم تكن رطوبة سارية فيها أو فيه، ولو كانت لا تنجس إلاّ ظاهره كالجامد.

(مسألة 2): مع الشكّ في الرطوبة أو السراية يحكم بعدم التنجيس، فإذا وقع الذباب على النجس ثمّ على الثوب لا يحكم به، لاحتمال عدم تبلّل رجله ببلّة تسري إلى ملاقيه.

(مسألة 3): لا يحكم بنجاسة شيء ولابطهارة ما ثبتت نجاسته، إلاّ باليقين، أو بإخبار ذي اليد، أو بشهادة عدلين. وفي الاكتفاء بعدل واحد إشكال([243])، فلا يترك مراعاة الاحتياط في الصورتين. ولا يثبت الحكم في المقامين بالظنّ وإن كان قويّاً ([244])، ولا بالشكّ إلاّ في الخارج قبل الاستبراء، كما عرفته سابقاً.

(مسألة 4): العلم الإجمالي كالتفصيلي، فإذا علم بنجاسة أحد الشيئين يجب الاجتناب عنهما، إلاّ إذا لم يكن أحدهما قبل حصول العلم محلاّ لابتلائه، فلا يجب الاجتناب عمّا هو محلّ ابتلائه، وفي المسألة إشكال وإن كان الأرجح بالنظر ذلك. وفي حكم العلم الإجمالي الشهادةُ بالإجمال إذا وقعت على موضوع واحد، وأمّا إذا لم ترد الشهادة عليه ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط فيه([245]) وفيما إذا كانت الشهادة بنحو الإجمال حتّى لدى الشاهدين.

(مسألة 5): لو شهد الشاهدان بالنجاسة السابقة وشكّ في زوالها يجب الاجتناب.

(مسألة 6): المراد بذي اليد كلّ من كان مستولياً عليه، سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة، بل أو غصب، فإذا أخبرت الزوجة أو الخادمة أو المملوكة بنجاسة ما في يدها ـ من ثياب الزوج أو المولى أو ظروف البيت ـ كفى في الحكم بالنجاسة، بل وكذا إذا أخبرت المربّية للطفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه. نعم يُستثنى من الكلّيّة المتقدّمة قول المولى بالنسبة إلى عبده، فإنّ في اعتبار قوله بالنسبة إلى نجاسة بدن عبده أو جاريته ولباسهما الذي تحت يديهما إشكالاً، بل عدم اعتباره لا يخلو من قوّة، خصوصاً إذا أخبرا بالطهارة، فإنّ الأقوى اعتبار قولهما لا قوله.

(مسألة 7): لو كان شيء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كلّ منهما في نجاسته، ولو أخبر أحدهما بنجاسته والآخر بطهارته تساقطا. كما أنّ البيّنة تسقط عند التعارض، وتقدّم على قول ذي اليد عند التعارض. هذا كلّه لو لم يكن إخبار أحد الشريكين أو إحدى البيّنتين مستنداً إلى الأصل والآخر إلى الوجدان، وإلاّ فيقدّم ما هو مستند إلى الوجدان، فلو أخبر أحد الشريكين بالطهارة أو النجاسة مستنداً إلى أصل، والآخر أخبر بخلافه مستنداً إلى الوجدان، يقدّم الثاني، وكذا الحال في البيّنة، وكذا لا تقدّم البيّنة([246]) المستندة إلى الأصل على قول ذي اليد.

(مسألة 8): لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلاً أو فاسقاً. وفي اعتبار قول الكافر إشكال، وإن كان الأقوى اعتباره. ولا يبعد اعتبار قول الصبيّ إذا كان مراهقاً، بل يُراعى الاحتياط في المميّز([247]) غير المراهق أيضاً ([248]).

(مسألة 9): المتنجّس منجّس مع قلّة الواسطة كالاثنتين والثلاث، وفيما زادت على الأحوط، وإن كان الأقرب مع كثرتها عدم التنجيس([249]).

والأحوط([250]) إجراء أحكام النجس على ما تنجّس به، فيغسل الملاقي لملاقي البول مرّتين، ويعمل مع الإناء الملاقي للإناء الذي ولغ فيه الكلب ـ في التطهير ـ مثل ذلك الإناء، خصوصاً إذا صُبّ([251]) ماء الولوغ فيه، فيجب تعفيره على الأحوط.

(مسألة 10): ملاقاة ما في الباطن بالنجاسة التي في الباطن لا ينجّسه، فالنخامة إذا لاقت الدم في الباطن وخرجت غير متلطّخة به طاهرة. نعم لو اُدخل شيء من الخارج ولاقى النجاسة في الباطن، فالأحوط الاجتناب عنه، وإن كان الأقوى عدم لزومه.

القول فيما يُعفى عنه في الصلاة
(مسألة 1): ما يُعفى عنه من النجاسات في الصلاة اُمور:
الأوّل: دم الجروح والقروح في البدن واللباس حتّى تبرأ، والأحوط إزالته أو تبديل ثوبه إذا لم يكن مشقّة في ذلك على النوع، إلاّ أن يكون حرجاً عليه، فلايجب بمقدار الخروج عنه. فالميزان في العفو أحد الأمرين: إمّا أن يكون في التطهير والتبديل مشقّة على النوع، فلا يجب مطلقاً، أو يكون ذلك حرجيّاً عليه مع عدم المشقّة النوعيّة، فلا يجب بمقدار التخلّص عنه، وكون دم البواسير منها وإن لم يكن قرحة في الخارج، وكذا كلّ قرح أو جرح باطنيّ خرج دمه إلى الخارج، لا يخلو من قُوّة.
الثاني: الدم في البدن واللباس إن كانت سعته أقلّ من الدرهم البغلّي ولم يكن من الدماء الثلاثة ـ الحيض والنفاس والاستحاضة ـ ونجس العين والميتة، على الأحوط([252]) في الاستحاضة وما بعدها، وإن كان العفو عمّا بعدها لا يخلو من وجه، بل الأولى الاجتناب عمّا كان من غير مأكول اللحم، ولمّا كانت سعة الدرهم البغلّي غير معلومة يقتصر على القدر المتيقّن، وهو سعة عقد السبّابة.

(مسألة 2): لو كان الدم متفرّقاً في الثياب والبدن لوحظ التقدير على فرض اجتماعه([253])، فيدور العفو مداره، ولكن الأقوى العفو عن شبه النَّضح مطلقاً. ولو تفشّى الدم من أحد جانبي الثوب إلى الآخر فهو دم واحد، وإن كان الاحتياط في الثوب الغليظ لا ينبغي تركه. وأمّا مثل الظهارة والبطانة والملفوف من طيّات عديدة ونحو ذلك فهو متعدّد.

(مسألة 3): لو شكّ في الدم الذي يكون أقلّ من الدرهم، أنّه من المستثنيات كالدماء الثلاثة أو لا، حكم بالعفو عنه حتّى يُعلم أنّه منها، ولو بان بعد ذلك أنّه منها فهو من الجاهل بالنجاسة على إشكال وإن لا يخلو من وجه، ولو علم أنّه من غيرها، وشكّ في أنّه أقلّ من الدرهم أم لا، فالأقوى العفو عنه، إلاّ إذا كان مسبوقاً بكونه أكثر من مقدار العفو وشكّ في صيرورته بمقداره.

(مسألة 4): المتنجّس بالدم ليس كالدم في العفو عنه([254]) إذا كان أقلّ من الدرهم، ولكن الدم الأقلّ([255]) إذا اُزيل عينه يبقى حكمه.

الثالث: كلّ ما لا تتمّ فيه الصلاة منفرداً، كالتكّة والجورب ونحوهما، فإنّه معفوّ عنه لو كان متنجّساً ولو بنجاسة من غير مأكول اللحم. نعم لا يُعفى عمّا كان متّخذاً من النجس، كجزء ميتة أو شعر كلب أو خنزير أو كافر.

الرابع: ما صار من البواطن والتوابع، كالميتة التي أكلها، والخمر التي شربها، والدم النجس الذي أدخله تحت جلده، والخيط النجس الذي خاط به جلده، فإنّ ذلك معفوّ عنه في الصلاة. وأمّا حمل النجس فيها فالأحوط الاجتناب عنه خصوصاً الميتة، وكذا المحمول المتنجّس الذي تتمّ فيه الصلاة([256]). وأمّا ما لا تتمّ فيه الصلاة مثل السكّين والدراهم، فالأقوى جواز الصلاة معه.

الخامس: ثوب المربّية للطفل ـ اُمّاً كانت أو غيرها ـ فإنّه معفوّ عنه إن تنجّس ببوله، والأحوط([257]) أن تغسل كلّ يوم لأوّل صلاة ابتلت بنجاسة الثوب، فتصلّي معه الصلاة بطهر، ثمّ تصلّي فيه بقيّة الصلوات من غير لزوم التطهير، بل هو لا يخلو من وجه. ولا يُتعدّى من البول([258]) إلى غيره، ولا من الثوب إلى البدن، ولا من المربّية إلى المربّي، ولا من ذات الثوب الواحد إلى ذات الثياب المتعدّدة، مع عدم الحاجة إلى لبسهنّ جميعاً، وإلاّ كانت كذات الثوب الواحد.

فصل في المطهّرات
وهي أحد عشر:

أوّلها: الماء، ويطهَّر به كلّ متنجّس حتّى الماء، كما تقدّم في فصل المياه، وقد مرّ كيفيّة تطهيره به. وأمّا كيفيّة تطهير غيره به: فيكفي في المطر استيلاؤه على المتنجّس بعد زوال العين([259])، وبعد التعفير في الولوغ.
وكذا في الكرّ والجاري، إلاّ أنّ الأحوط([260]) فيما يقبل العصر اعتباره، أو اعتبار ما يقوم مقامه من الفرك والغمز ونحوهما، حتّى مثل الحركة العنيفة في الماء حتّى تخرج الماء الداخل.
ولا فرق بين أنواع النجاسات وأصناف المتنجّسات، سوى الإناء المتنجّس([261]) بالولوغ أو بشرب الخنزير وموت الجرذ، فإنّ الأحوط تطهيره بهما كتطهيره بالقليل([262])، بل الأحوط الأولى تطهير مطلق الإناء المتنجّس كالتطهير بالقليل، وإن كان الأرجح كفاية المرّة فيه.
وأمّا غيره فيطهر ما لا ينفذ فيه الماء والنجاسة بمجرّد غمسه في الكرّ أو الجاري، بعد زوال عين النجاسة([263]) وإزالة المانع لو كان، والذي ينفذ فيه ولا يمكن عصره ـ كالكوز والخشب والصابون ونحو ذلك ـ يطهر ظاهره بمجرّد غمسه فيهما، وباطنه بنفوذ الماء المطلق فيه بحيث يصدق أنّه غُسل به، ولا يكفي نفوذ الرطوبة، وتحقّق ذلك في غاية الإشكال، بل الظاهر عدم تحقّقه إلاّ نادراً، ومع الشكّ في تحقّقه ـ بأن يشكّ في النفوذ أو في حصول الغسل به ـ يحكم ببقاء النجاسة، نعم مع القطع بهما والشكّ في بقاء إطلاق الماء يحكم بالطهارة. هذا بعض الكلام في كيفيّة التطهير بالكرّ والجاري، وسنذكر بعض ما يتعلّق به في طيّ المسائل الآتية.
وأمّا التطهير بالقليل فالمتنجّس بالبول غير الآنية يعتبر فيه التعدّد مرّتين([264])، والأحوط كونهما غير غسلة الإزالة([265])، والمتنجّس بغير البول إن لم يكن آنية يجزي فيه المرّة بعد الإزالة، ولا يُكتفى بما حصل به الإزالة([266])، نعم يكفي استمرار إجراء الماء بعدها. ويعتبر في التطهير به انفصال الغُسالة، ففي مثل الثياب ـ ممّا ينفذ فيه الماء ويقبل العصر ـ لابدّ منه أو ما يقوم مقامه، وفيما لا ينفذ فيه الماء وإن نفذت الرطوبة ـ كالصابون والحبوب ـ ولا يقبل العصر يطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، ولا يضرّ به بقاء نجاسة الباطن، ولا يطهر الباطن تبعاً للظاهر.
وأمّا الآنية فإن تنجّست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره ـ ممّا يتحقّق معه اسم الولوغ ـ غُسلت ثلاثاً; اُولاهنّ بالتراب ـ أي التعفير به ـ والأحوط اعتبار الطهارة فيه، ولا يقوم غيره مقامه ولو عند الاضطرار. والأحوط في الغسل بالتراب([267]) مسحه بالتراب الخالص أوّلاً، ثمّ غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه عن اسم التراب. ولا يترك الاحتياط([268]) بإلحاق مطلق مباشرته بالفم، كاللَّطع ونحوه والشرب بلا ولوغ ومباشرة لعابه بلا ولوغ به، ولا يُلحق به مباشرته بسائر أعضائه على الأقوى، والاحتياط حسن.

(مسألة 1): لو كانت الآنية المتنجّسة بالولوغ ممّا يتعذّر تعفيرها بالتراب بالنحو المتعارف ـ لضيق رأسه أو غير ذلك ـ فلا يسقط التعفير بما يمكن، ولو بوضع خِرقة على رأس عود وإدخالها فيها وتحريكها تحريكاً عنيفاً ليحصل الغسل بالتراب والتعفير. وفي حصوله بإدخال التراب فيها وتحريكها تحريكاً عنيفاً تأمّل، ولو شُكّ في حصوله يحكم ببقاء النجاسة، كما لو فرض التعذّر أصلاً بقيت على النجاسة. ولا يسقط التعفير بالغسل بالماء الكثير والجاري والمطر. ولا يترك الاحتياط بالتعدّد أيضاً في غير المطر، وأمّا فيه فلا يُحتاج إليه.

(مسألة 2): يجب غسل الإناء سبعاً لموت الجرذ ولشرب الخنزير، ولا يجب التعفير. نعم هو أحوط في الثاني قبل السبع. وينبغي غسله سبعاً أيضاً لموت الفأرة ولشرب النبيذ، بل مطلق المسكر فيه، ولمباشرة الكلب وإن لم يجب ذلك، وإنّما الواجب غسله بالقليل ثلاثاً كسائر النجاسات.

(مسألة 3): تطهير الأواني ـ الصغيرة والكبيرة، ضيّقة الرأس وواسعته ـ بالكثير والجاري واضح، بأن توضع فيه حتّى يستولي عليها الماء، ولا ينبغي ترك الاحتياط بالتثليث كذلك. وأمّا بالقليل فبصبّ الماء فيها وإدارته حتّى يستوعب جميع أجزائها بالإجراء الذي يتحقّق به الغسل، ثمّ يراق منها، يفعل بها ثلاثاً. والأحوط الفوريّة في الإدارة عقيب الصبّ فيها، والإفراغ عقيب الإدارة على جميع أجزائها. هذا في الأواني الصغار والكبار التي يمكن فيها الإدارة والإفراغ عقيبها. وأمّا الأواني الكبار المثبتة والحياض ونحوها، فتطهيرها بإجراء الماء عليها حتّى يستوعب جميع أجزائها، ثمّ يخرج حينئذ ماء الغُسالة المجتمع في وسطها مثلاً بنزح وغيره، من غير اعتبار الفوريّة المزبورة. والأحوط اعتبار تطهير([269]) آلة النزح إذا اُريد عودها إليه. ولا بأس بما يتقاطر فيه حال النزح وإن كان الأحوط خلافه.

(مسألة 4): لو تنجّس التنّور يطهر بصبّ الماء على الموضع النجس من فوق إلى تحت، ولا يحتاج إلى التثليث، فيصبّ عليه مرّتين في التنجّس بالبول، ويكفي مرّة في غيره.

(مسألة 5): لو تنجّس ظاهر الأرز والماش ونحوهما، يجعلها في شيء ويغمس في الكرّ أو الجاري فيطهر، وكذا يطهر بإجراء الماء القليل عليها. وإن نفذ فيها الرطوبة النجسة فتطهيرها بالقليل غير ميسور، وكذا في الكرّ والجاري. نعم لا يبعد إمكان تطهير الكوز الذي صنع من الطين النجس، بوضعه في الكثير أو الجاري إلى أن ينفذ الماء في أعماقه، ولا يحتاج إلى التجفيف. ولو شكّ في وصول الماء بنحو يصدق عليه الغسل في أعماقه يحكم ببقاء نجاسته.

(مسألة 6): اللحم المطبوخ بالماء النجس يمكن تطهيره ـ بالكثير والقليل ـ لو صبّ عليه الماء، ونفذ فيه إلى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس مع بقاء إطلاقه وإخراج الغسالة، ولو شكّ في نفوذ الماء النجس إلى باطنه يكفي تطهير ظاهره.

(مسألة 7): لو غسل ثوبه المتنجّس، ثمّ رأى فيه شيئاً من الاُشنان ونحوه، فإن علم بعدم منعه عن وصول الماء إلى الثوب فلا إشكال، وفي الاكتفاء بالاحتمال إشكال([270])، بل في الحكم بطهارة الاُشنان لابدّ من العلم بانغساله، ولا يكفي الاحتمال على الأحوط([271]).

(مسألة 8): لو أكل طعاماً نجساً، فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته، ويطهر بالمضمضة، مع مراعاة شرائط التطهير.
وأمّا لو كان الطعام طاهراً وخرج الدم من بين أسنانه، فإن لم يلاقه الدم وإن لاقاه الريق الملاقي له، فهو طاهر، وإن لاقاه فالأحوط الحكم بنجاسته([272]).

ثانيها: الأرض، فإنّها تطهِّر ما يماسّها من القدم([273]) بالمشي عليها أو بالمسح بها، بنحو يزول معه عين النجاسة إن كانت، وكذا ما يُوقى به القدم كالنعل، ولو فرض زوالها قبل ذلك كفى في التطهير حينئذ المماسّة على إشكال، والأحوط أقلّ مسمّى المسح أو المشي حينئذ، كما أنّ الأحوط([274]) قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من المشي على الأرض النجسة. ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر أصليّاً كان أو مفروشاً عليها. ويلحق بها المفروشة بالآجر والجِصّ على الأقوى، بخلاف المطليّة بالقير والمفروشة بالخشب. ويعتبر جفاف الأرض([275]) وطهارتها على الأقوى.

ثالثها: الشمس، فإنّها تطهّر الأرض وكلّ ما لا ينقل من الأبنية وما اتّصل بها، من الأخشاب والأبواب والأعتاب والأوتاد المحتاج إليها في البناء المستدخلة فيه ـ لا مطلق ما في الجدار على الأحوط([276]) ـ والأشجار والنبات والثمار والخضراوات وإن حان قطفها، وغير ذلك حتّى الأواني المثبتة، وكذا السفينة. ولكن لا تخلو الأشجار وما بعدها من الإشكال([277]) وإن لا تخلو من قُوّة، ولا يترك الاحتياط([278]) في الطرّادة، وكذا العربة ونحوها. والأقوى([279]) تطهيرها للحُصُر والبواري. ويعتبر في طهارة المذكورات ونحوها بالشمس ـ بعد زوال عين النجاسة عنها ـ أن تكون رطبة رطوبة تعلق باليد، ثمّ تجفّفها الشمس تجفيفاً يستند إلى إشراقها بدون واسطة، بل لا يبعد اعتبار اليبس على النحو المزبور.
ويطهر باطن الشيء الواحد إذا أشرقت على ظاهره وجفّ باطنه بسبب إشراقها على الظاهر، ويكون باطنه المتنجّس متّصلاً بظاهره المتنجّس على الأحوط([280])، فلو كان الباطن فقط نجساً، أو كان بين الظاهر والباطن فصلا بالجزء الطاهر، بقي الباطن على نجاسته على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة.
وأمّا الأشياء المتعدّدة المتلاصقة، فلا تطهر إذا أشرقت على بعضها وجفّت البقيّة به، وإنّما يطهر ما أشرقت عليه بلا وسط.

(مسألة 9): لو كانت الأرض أو نحوها جافّة واُريد تطهيرها بالشمس، يُصبّ عليها الماء الطاهر أو النجس ممّا يورث الرطوبة فيها حتّى تجفّفها وتطهر.

(مسألة 10): الحصى والتراب والطين والأحجار، مادامت واقعة على الأرض، وتعدّ جزءً منها عرفاً، تكون بحكمها، وإن اُخذت منها أو خرجت عن الجزئية اُلحقت بالمنقولات.
وكذا الآلات الداخلة في البناء كالأخشاب والأوتاد يلحقها حكمها، وإذا قُلعت زال الحكم، ولو اُعيدت عاد، وهكذا كلّ ما يشبه ذلك.
رابعها: الاستحالة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً أو بخاراً، سواء كان نجساً أو متنجّساً، وكذا المستحيل بغيرها بخاراً أو دخاناً أو رماداً. أمّا ما أحالته فحماً أو خزفاً أو آجُراً أو جِصّاً أو نورةً، فهو باق على النجاسة([281]). ويطهر كلّ حيوان تكون من نجس أو متنجّس كدود الميتة والعَذَرة. ويطهر الخمر بانقلابها خلاّ بنفسها أو بعلاج كطرح جسم فيها، سواء استُهلك الجسم أم لا، نعم لو لاقت الخمر نجاسة خارجيّة ثمّ انقلبت خلاّ، لم تطهر على الأحوط([282]).

خامسها: ذهاب الثلثين في العصير بالنار أو بالشمس إذا غلى بأحدهما، فإنّه مطهّر للثلث الباقي بناءً على النجاسة، وقد مرّ أنّ الأقوى طهارته، فلا يؤثر التثليث إلاّ في حلّيّته، وأمّا إذا غلى بنفسه، فإن اُحرز أنّه يصير مسكراً بذلك، فهو نجس، ولا يطهر بالتثليث، بل لابدّ من انقلابه خلاّ، ومع الشكّ محكوم بالطهارة.

سادسها: الانتقال، فإنّه موجب لطهارة المنتقل إذا اُضيف إلى المنتقل إليه وعدّ جزءً منه، كانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس، وكذا لو كان المنتقل غير الدم والمنتقل إليه غير الحيوان من النبات وغيره. ولو علم عدم الإضافة أو شُكّ فيها من حيث عدم الاستقرار في بطن الحيوان مثلاً على وجه يستند إليه، كالدم الذي يمصّه العَلَق بقي على النجاسة.

سابعها: الإسلام، فإنّه مطهّر للكافر([283]) بجميع أقسامه، حتّى الرجل المرتدّ عن فطرة إذا تاب، فضلاً عن المرأة. ويتبع الكافرَ فضلاتُه المتّصلة به، من شعره وظفره وبصاقه ونخامته وقيحه ونحو ذلك.

ثامنها: التبعيّة، فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده([284]) في الطهارة، أباً كان أو جدّاً أو اُمّاً. وأمّا تبعيّة الطفل للسابي المسلم إن لم يكن معه أحد آبائه فمحلّ إشكال، بل عدمها لا يخلو من قوّة. ويتبع الميّت بعد طهارته آلات تغسيله، من الخِرقة الموضوعة عليه، وثيابه التي غُسّل فيها، ويد المغسّل، والخرقة الملفوفة بها حين تغسيله. وفي باقي بدنه وثيابه إشكال، أحوطه العدم، بل الأولى الاحتياط فيما عدا يد المغسّل.

تاسعها: زوال عين النجاسة([285]) بالنسبة إلى الصامت([286]) من الحيوان وبواطن الإنسان، فيطهر منقار الدجاجة الملوّثة بالعذرة بمجرّد زوال عينها وجفاف رطوبتها، وكذا بدن الدابّة المجروح، وفم الهرّة الملوّث بالدم ونحوه، وولد الحيوان المتلطّخ به عند الولادة بمجرّد زواله عنه، وكذا يطهر فم الإنسان إذا أكل أو شرب نجساً أو متنجّساً بمجرّد بلعه.

عاشرها: الغيبة، فإنّها مطهّرة للإنسان وثيابه وفرشه وأوانيه وغيرها من توابعه، فيعامل معه معاملة الطهارة، إلاّ مع العلم ببقاء النجاسة، ولا يبعد عدم اعتبار شيء فيه، فيجري الحكم([287]) سواء كان عالماً بالنجاسة أم لا، معتقداً نجاسة ما أصابه أم لا، كان متسامحاً في دينه أم لا. والاحتياط حسن.

حادي عشرها: استبراء الجلاّل من الحيوان بما يخرجه عن اسم الجلل، فإنّه مطهِّر لبوله وخرئه. ولا يُترك الاحتياط مع زوال اسمه في استبراء الإبل أربعين يوماً، والبقر عشرين، والغنم عشرة أيّام، والبطّة خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام، بل لا يخلو كلّ ذلك من قوّة، وفي غيرها يكفي زوال الاسم.

القول في الأواني
(مسألة 1): أواني الكفّار([288]) ـ كأواني غيرهم ـ محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة السارية، وكذا كلّ ما في أيديهم من اللباس والفرش وغير ذلك. نعم ما كان في أيديهم([289]) من الجلود محكومة بالنجاسة ; لو علم كونها من الحيوان الذي له نفس سائلة، ولم يعلم تذكيته([290])، ولم يعلم سبق يد مسلم عليها، وكذا الكلام في اللحوم والشحوم التي في أيديهم، بل في سوقهم، فإنّها محكومة بالنجاسة مع الشروط المزبورة.

(مسألة 2): يحرم استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل والشرب وسائر الاستعمالات ; نحو التطهير من الحدث والخبث وغيرها، والمحرّم هو الأكل والشرب فيها أو منها، لا تناول المأكول والمشروب منها، ولا نفس المأكول والمشروب، فلو أكل منها طعاماً مباحاً في نهار رمضان لا يكون مفطراً بالحرام، وإن ارتكب الحرام من جهة الشرب منها. هذا في الأكل والشرب. وأمّا في غيرهما فالمحرّم استعمالها، فإذا اغترف منها للوضوء يكون الاغتراف محرّماً دون الوضوء. وهل التناول الذي هو مقدّمة للأكل والشرب ـ أيضاً ـ محرّم من باب حرمة مطلق الاستعمال، حتّى يكون في الأكل والشرب محرّمان: هما والاستعمال بالتناول ؟ فيه تأمّل وإشكال، وإن كان عدم حرمة الثاني لا يخلو من قُوّة([291]).
ويدخل في استعمالها المحرّم ـ على الأحوط ـ وضعها على الرفوف للتزيين، وإن كان عدم الحرمة لا يخلو من قرب. والأحوط([292]) الأولى ترك تزيين المساجد والمشاهد بها أيضاً، والأقوى عدم حرمة اقتنائها من غير استعمال. والأحوط حرمة استعمال الملبّس بأحدهما إن كان على وجه لو انفصل كان إناءً مستقلاّ، دون ما إذا لم يكن كذلك، ودون المفضّض والمموّه بأحدهما، والممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما([293])، بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما ; لو لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما.

(مسألة 3): الظاهر أنّ المراد([294]) بالأواني ما يُستعمل في الأكل والشرب والطبخ والغسل والعجن، مثل الكأس، والكوز، والقصاع، والقدور، والجفان، والأقداح، والطَّست، والسماور، والقوري، والفنجان، بل وكوز القليان والنعلبكي، بل والملعقة على الأحوط، فلا يشمل مثل رأس القليان، ورأس الشطب، وغلاف السيف والخنجر والسكّين والصندوق، وما يصنع بيتاً للتعويذ، وقاب الساعة، والقنديل، والخلخال وإن كان مجوّفاً، وفي شمولها للهاون والمجامر والمباخر وظروف الغالية والمعجون والترياك ونحو ذلك، تردّد وإشكال، فلا يُترك الاحتياط([295]).

(مسألة 4): كما يحرم الأكل والشرب من آنية الذهب والفضّة، بوضعهما على فمه وأخذ اللّقمة منها مثلاً كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل والشرب. نعم لو كان التفريغ في إناء آخر بقصد التخلّص من الحرام لا بأس به، بل ولا يحرم الأكل والشرب من ذلك الإناء بعد ذلك، بل لا يبعد أن يكون المحرّم في الصورة الاُولى أيضاً نفس التفريغ في الآخر بذلك القصد، دون الأكل والشرب منه، فلو كان الصابّ منها في إناء آخر بقصد أكل الآخر أو شربه، كان الصابّ مرتكباً للحرام بصبّه، دون الآكل والشارب. نعم لو كان الصبّ بأمره واستدعائه لا يبعد أن يكون كلاهما مرتكباً للحرام: المأمور باستعمال الآنية، والآمر بالأمر بالمنكر، بناءً على حرمته، كما لا تبعد([296]).

(مسألة 5): الظاهر أنّ الوضوء من آنية الذهب والفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة، يبطل([297]) إن كان بنحو الرمس، وكذا بنحو الاغتراف مع الانحصار([298])، ويصحّ مع عدمه كما تقدّم.
___________________________________
[28] ـ على الأحوط فيه، وإن كان عدم الانفعال في أمثاله من الكثرة لا يخلو من وجه.
[29] ـ هو المناط ; لعدم السراية، وعليه فلا ينجس السافل بنجاسة العالي إذا كان الدفع بقوّة كالفوّارة.
[30] ـ بل يتنجّس.
[31] ـ على الأحوط، وإن كان الأقوى كفاية الزوال مطلقاً ولو بنفسه، من دون ورود الماء المعتصم عليه، فضلاً عن امتزاجه به ; قضاءً لأصالة الطهارة وعدم جريان الاستصحاب، للاختلاف في الموضوع، كما لا يخفى.
[32] ـ بل وبنفسه أيضاً، فإنّ استصحاب النجاسة مع الزوال غيرجار، لتغيّر الموضوع، وعدم بقائه عرفاً.
[33] ـ وتحقّق الغلبة والسلطة على النجس اللازم في التطهير عرفاً.
[34] ـ الأقوائية ممنوعة، لكنّه لا يخلو من وجه.
[35] ـ مع السلطة والغلبة اللازمة في التطهير.
[36] ـ مع الشرط المذكور، فإنّه معتبر في ذلك وفيما بعده من الفرع.
[37] ـ إذا كان قليلا وأ مّا إذا كان كرّاً فقد مرّ حكمه في المسألة الثالثة عشر.
[38] ـ ويرفع الخبث لكن لا يجوز استعماله في رفع الحدث على الأحوط، بل لا يخلو من وجه، كما أنّ الأحوط عدم استعماله في الوضوء والغسل المندوبين.
[39] ـ مع عدم الانتشار والاستهلاك، وإلاّ فلا بأس به.
[40] ـ بل المتعيّن، هذا فيما إذا لم يمكن التصوير والنظر إليه كما في مثل التلفزيون، وإلاّ فهو متعيّن بلا إشكال، كما لا يخفى.
[41] ـ بل وفي الاستبراء أيضاً.
[42] ـ ابتداءً لا استمراراً.
[43] ـ بل وفي المرأة أيضاً.
[44] ـ وأ مّا في الخروج من غير الطبيعي فالأحوط مرّتان، وإن كانت كفاية المرّة لا تخلو عن وجه.
[45] ـ على الأحوط.
[46] ـ تعيّنها محلّ إشكال بل منع ; لأنّ الطهارة تحصل بالإزالة وانتفاء القذارة مطلقاً وإن كانت بغير الماء، كما يأتي وجهه في المسألة التالية، وأخبار الاستنجاء بالأحجار ومثلها مطلقة وليس فيها من القيدين أثر، وإنّما اعتبروهما لعدم صدق الاستنجاء مع التعدّي أو مع وجود النجاسة الخارجية، وللإجماع على الاعتبار في الأوّل. وهما كما ترى بعد ما عُلم من أنّ الغرض من الاستنجاء الطهارة، فلا خصوصية ولا موضوعية لها حتّى يعتبر صدقها بما هي هي، هذا مع ما في اختلافهم في تفسير التعدّي.
[47] ـ الأقوى.
[48] ـ على الأحوط، وإن كانت كفاية فصل مقدار من الأفعال، كالوضوء والقيام للصلاة والإتيان ببعض ركعاتها غير خالية عن الوجه.
[49] ـ لا حاجة إلى ذلك ; لأنّ الظاهر كون مجموع الغمس في الماء والإخراج منه غسلاً عرفاً، فالماء الباقي على اليد في الوضوء الارتماسي ليس بماء خارجي، بل يكون ذلك الماء والبلّة ماء الوضوء، هذا مع ما في تحقّق الغسل بالإخراج من الإشكال.
[50] ـ على وجوب غسل الجبيرة فيها، وإلاّ يكفي غسل البقية.
[51] ـ على الأحوط فيه.
[52] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الأقوى هو المسح بباطن الكفّ.
[53] ـ غير وجيه.
[54] ـ وإن كان الأقوى كفاية كونه برطوبة الوضوء، وإن كانت من سائر الأعضاء.
[55] ـ على ما مرّ.
[56] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الأقوى هو المسح بالباطن اختياراً، كما مرّ في مسح الرأس.
[57] ـ يأتي الكلام فيه في المسألة الثامنة.
[58] ـ على الأحوط في المرض دون غيره، وإن كانت الصحّة مطلقاً لا تخلو من وجه.
[59] ـ كون الإطلاق كالإباحة شرطاً علمياً لا يخلو من وجه.
[60] ـ الظاهر عدم الاختصاص بها، فإنّ السيرة جارية في الصغار أيضاً.
[61] ـ لكنّ الصحّة لا تخلو من قوّة مطلقاً، سواء كان بالغمس أو بالاغتراف، مع الانحصار أو عدمه ; لجواز اجتماع الأمر والنهي وصحّة التقرّب بالحرام، مع اختلاف الجهة ولعدم استلزام الحرام حرمة مقدّمته حتّى يكون الوضوء من حيث التصرّف حراماً أوّلا، وكون حرمته غيريّاً ثانياً.
[62] ـ مرّ الكلام في المسألة الثامنة.
[63] ـ لكنّ الصحّة لا تخلو من قوّة ; لجريان قاعدة الفراغ، قضاءً لإطلاق أخبارها، وما في موثّقة بكير بن أعين من قوله(عليه السلام): «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشكّ»(أ) محمول على الحكمة.
أ ـ وسائل الشيعة 1: 471، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 42، الحديث 7.
[64] ـ لا يجب على الأظهر.
[65] ـ أو غيرها من أعضاء الوضوء.
[66] ـ غير تامّ، والأقوى جواز مسحهما معاً، نعم الأحوط عدم تقدّم اليسرى على اليمنى.
[67] ـ بل بطل ; لأنّ الجفاف إنّما جعل أمارة وكاشفاً عن عدم التتابع العرفي، فلا خصوصية له حتّى يحكم بالصحّة مع العلم بعدم التتابع.
[68] ـ المناط في مانعية الجفاف ما كان منه مضرّاً بالتتابع العرفي، من دون فرق بين مسترسل اللحية أو الأطراف الخارجة عن الحدّ وغيرهما، ممّا لا يكون غسله واجباً في الوضوء.
[69] ـ لا محصّل لاستقلال الداعيين، بل الظاهر عدم معقوليته ; لأ نّه جمع بين الضدّين في الداعي.
[70] ـ بل وكلّما يوجب الغسل كالحيض والنفاس ومسّ الميّت، فإنّ جميع ما يوجب الغسل يكون ناقضاً وموجباً للوضوء أيضاً، وإن كان الغسل مطلقاً كاف عن الوضوء «وأيّ وضوء انقى من الغسل» ولا اختصاص لكفاية الغسل عن الوضوء بالجنابة.
[71] ـ الاكتفاء بالوضوء السابق وعدم لزوم التوضؤ في الأثناء لا يخلو من قوّة.
[72] ـ وإن كان الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات عديدة لا يخلو من قوّة.
[73] ـ بل الأقوى، نعم ما لم يكن جزءً من أحدهما وأتى به مستقلاًّ لا يجب الوضوء له، إلاّ أ نّه شرط في صحّة صلاته.
[74] ـ في غير المنقوش منهما على مثل النقد الرائج أو الرائج من غيره، فعدم شرطيّة جواز المسّ فيهما بالوضوء والطهارة لا يخلو عن قوّة، لكن الأحوط الإلحاق.
[75] ـ الأولى.
[76] ـ الأقوائيّة ممنوعة ; قضاءً لاستصحاب بقاء الوضوء وعدم جريان استصحاب الحدث حينئذ حتّى يعارضه، لعدم اتّصال الشكّ باليقين به، لكونه مثبتاً.
[77] ـ على الأحوط.
[78] ـ وإن كان المسح عليها كافياً في هذه الصورة وأشباهها من الصور الآتية.
[79] ـ تعيّنه محلّ تأ مّل، بل لا يبعد الإلحاق بالجبيرة في الأحكام، ولا يترك الاحتياط بالجمع، كما مرّ في السابقة.
[80] ـ لا يبعد إلحاق الضرر للمرض بالقرح والجرح ; لكون المناط الأذيّة، كما يدلّ عليه صحيحة الحلبي(أ)، ولإلغاء الخصوصيّة، بل ولما دلّت عليه رواية عبدالأعلى(ب)، من كون الباب باب الحرج، نعم فيما لم يجرِ حكم الجبائر مثل عمدة الأعضاء أو كلّها فالحكم التيمّم، ولا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم، وأحوط من ذلك وضع خرقة عليه والمسح عليه ثمّ التيمّم.
أ ـ وسائل الشيعة 1: 463، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 39، الحديث 2.
ب ـ وسائل الشيعة 1: 464، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب 39، الحديث 5.
[81] ـ الأولى، وإن كان الأقوى عدم تعيّنه.
[82] ـ إذا كانت جنابته بالإنزال.
[83] ـ كفاية اجتماع الثلاثة فضلاً عن الاثنين فيها محلّ إشكال بل منع، فجنابتها مختصّة بالعلم والاطمئنان بخروج المني دون هذه الظّنون والأمارات، نعم لا ينبغي ترك الاحتياط بما في المتن.
[84] ـ للرجل مع الإنزال، وإن كان ما في المتن من العموم هو الأحوط.
[85] ـ القوّة ممنوعة، بل المعيار مقدار الحشفة، نعم لا يترك الاحتياط في مسمّى الدخول.
[86] ـ وإن كان الأقوى عدم البطلان فيه أيضاً.
[87] ـ على ما مرّ في الوضوء من الفرق بين مثل النقود الرائجة وغيرها.
[88] ـ بل هو الأحوط.
[89] ـ التيمّم لأخذ الماء من غير المسجدين بعد ما مرّ من جواز الأخذ لا وجه له، كما هو واضح، نعم هذا تامّ بالنسبة إلى المسجدين، وفي غيرهما مع استلزام الأخذ أو الاغتسال المكث فيه.
[90] ـ لكنّ الأظهر عدم الإباحة.
[91] ـ بل ترتفع.
[92] ـ كراهته محلّ تأ مّل، لاحتمال الإرشاد إلى خروج الولد مجنوناً بل ظهوره فيه، ففي المروي في «مجالس الصدوق» و«الخصال»: «وكره أن يغشى الرجل امرأته وقد احتلم حتّى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فإن فعل وخرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلاّ نفسه»(أ)، هذا مع ما فيه من الضعف.
أ ـ وسائل الشيعة 15: 345، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 49، الحديث 17.
[93] ـ غير ثابت بل الظاهر المساواة.
[94] ـ تقدّمه على غسل الأيمن والأيسر ممّا لا إشكال ولا كلام فيه، وأ مّا تقدّم الأيمن على الأيسر فهو وإن كان أحوط، لكن عدم لزومه وكفاية غسل البدن كيف ما كان، لا يخلو عن قوّة.
[95] ـ قد انقدح ممّا قلنا في الترتيب عدم لزومه بين الأيمن والأيسر في هذا الفرع والفرع الآتي.
[96] ـ هذا على مبناه (رحمه الله)، وأ مّا على ما قلنا من عدم الترتيب بين الأيسر والأيمن، فلا محلّ له، كما لا يخفى.
[97] ـ بل على الأقوى.
[98] ـ إن كان متطهّراً وجداناً أو أصلا، وأ مّا إن كان محدثاً بالحدث الأصغر فالظاهر كفاية الوضوء، ولا فرق في ذلك بين ما حصل الأمرين قبل الغسل أو بعده.
[99] ـ وكفى عن الوضوء أيضاً، لكفاية الأغسال مطلقاً عن الوضوء، وأنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل»(أ).
أ ـ وسائل الشيعة 2: 247، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة، الباب 34، الحديث 4.
[100] ـ بل منع.
[101] ـ لكنّ الظاهر كون الاتّصاف بالصفات أمارة على الحيض والبلوغ وكفايته لهما.
[102] ـ بل لا يترك.
[103] ـ وفي «الكافي»(أ) بتقديم الفاء على القاف في صحيحة خلف بن حمّاد، عن أبي الحسن(عليه السلام)، وكيف كان فالمراد الإخراج مع الرفق.
أ ـ الكافي 3: 94.
[104] ـ بل ما بين طلوع الشمس إلى الغروب.
[105] ـ وإن كان ترجيح الوقت وتقديمه على العدد لا يخلو عن وجه.
[106] ـ الأقوائية ممنوعة، والأقوى التخيير بين جعل أوّلهما حيضاً أو ثانيهما ; قضاءً للسهولة وعدم الدليل المعتبر على تعيين الأوّل.
[107] ـ مع كونهما واجدين، وتجعل الواجد حيضاً وتحتاط في الآخر مع الاختلاف، وتحتاط فيهما مع كونهما فاقدين.
[108] ـ بل وجوباً.
[109] ـ بل الأقوى.
[110] ـ على ما مرّ في الوضوء من الفرق بين مثل النقود الرائجة وغيرها.
[111] ـ والصدّيقة الطاهرة(عليها السلام).
[112] ـ بل الأقوى اجتنابه، وكونه كالوطء في القبل في الحرمة.
[113] ـ وإن كان الأظهر عدم وجوبها وأ نّها مستحبّة.
[114] ـ في القبل دون الدبر.
[115] ـ على ما مرّ فيها من الترتيب بين الرأس والبدن دون الأيمن والأيسر، وما في أخبار المسألة من البدأة بالشقّ الأيمن ثمّ الأيسر، فالظاهر عدم التعبّد فيه وأ نّه بيان لأمر متعارف مطلوب.
[116] ـ بل يجزي عن الوضوء كالجنابة، ومن ذلك يظهر حكم التيمّم بدلاً عن الوضوء، وحكم الوضوء في فروع المسألة، وحكم المسألة الآتية.
[117] ـ عدم الوجوب فيها لا يخلو من قوّة.
[118] ـ في المنذورة، وأ مّا ركعتي الطواف فلابدّ من قضائهما قضاءً للنصّ الخاصّ فيهما.
[119] ـ على الأحوط، وإن كان عدم وجوب القضاء إذا لم تدرك الصلاة المتعارفة المشتملة على المستحبّات المتعارفة، لا يخلو عن وجه.
[120] ـ استحبابه في نفسه غير ثابت، لكن من حيث النظافة مطلوب.
[121] ـ الكلّية تامّة والإشكال غير وارد.
[122] ـ المعيار في القليلة تلوّث القطنة بالدم من غير غمس فيها، والمتوسّطة تلوّثها مع الغمس من دون السيلان إلى الخرقة.
[123] ـ بل لا يخلو عن قوّة.
[124] ـ غير الوضوء منه فإنّ الأغسال مطلقاً مجزئة عن الوضوء، وإنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل» ؟ وبذلك يظهر عدم وجوب الوضوء زائداً على الغسل في الثالثة أيضاً.
[125] ـ بل على الأقوى.
[126] ـ والمشقّة.
[127] ـ مرّ كفاية الغسل عن الوضوء.
[128] ـ بناءً على عدم كفاية مطلق الغسل عن الوضوء، وأ مّا على المختار من كفاية مطلق الغسل عنه وأنّ «أيّ وضوء أنقى من الغسل». فالغسل وحده كاف في الطواف الواجب كالصلاة، كما لا يخفى.
[129] ـ بل الأقوى.
[130] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الظاهر اشتراط الجواز لها بالاغتسال.
[131] ـ بل من حين خروج الدم المصاحب للولادة.
[132] ـ فيما إذا كان الماسّ أو الممسوس طويلاً بحيث لا يعدّ المسّ مسّ الميّت وجسده، وأ مّا في غيره فالوجوب لا يخلو عن وجه ; لصدق المسّ عرفاً. وبالجملة فالحكم دائر مدار الصدق، ومع الشكّ فالأصل البراءة وعدم تحقّق السبب والموجب للغسل.
[133] ـ إلاّ العظم، مع مضي مثل سنة أو غيرها ممّا يوجب عدم بقاء الموضوع أو الشكّ فيه، فالأظهر فيه عدم وجوب الغسل بمسّه.
[134] ـ في القوّة تأ مّل.
[135] ـ بناءً على عدم كفاية الغسل عن الوضوء، فأ مّا على الكفاية، كما هي المختار، فالوضوء معه غيرواجب، كما لا يخفى.
[136] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبها.
[137] ـ بل على الأقوى.
[138] ـ والظاهر كفاية التغسيل بالكيفية التي عندنا، بل لم أعرف وجهاً للاحتياط في المورد.
[139] ـ إن لم تستوِ خلقته، وإلاّ فوجوب الغسل أظهر.
[140] ـ بل بشرط أن لا يدركه المسلمون وفيه قوّة الحياة.
[141] ـ بالنسبة إلى اللفّ في الخرقة، وإلاّ فالدفن واجب.
[142] ـ مرّ عدم وجوب الغسل بمسّ العظم المجرّد المنفصل من الحيّ، كما أنّ الظاهر عدم وجوب غسل الميّت للعظم المجرّد المنفصل عن الحيّ.
[143] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
[144] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوب الاستئذان منهم وعدم الولاية لهم.
[145] ـ غير وجيه، فالأقوى الاستئذان عنهنّ كالرجال.
[146] ـ الأولوية ممنوعة وهما متساويان، وكذلك الأمر في المنتسب إليه بالأب على المنتسب إليه بالاُمّ.
[147] ـ وجيه.
[148] ـ وكذا الزوجة بالنسبة إلى الزوج، كما عن بعض وهو الأقوى، قضاءً لإلغاء الخصوصية العرفية، وأنّ المناط مناسبةً للحكم والموضوع الزوجية المشتركة بينهما، ففي الحديث: «الزوج أحقّ بامرأته حيث يضعها في قبرها»(أ) لا لما قيل من أنّ الزوج يطلق على الزوج والزوجة، لأنّ الإطلاق كذلك إنّما يكون فيما اختصّ الزوج بالذكر دون مثل الحديث ممّا تكون الزوجة مذكورة فيه.
أ ـ وسائل الشيعة 3: 116، كتاب الطهارة، أبواب صلاة الجنازة، الباب 24، الحديث 3.
[149] ـ لكن الظاهر التفصيل بين من قضت مدّتها قبل كلّ عمل مرتبط بتجهيز الميّت أو كانت المدّة قصيرة وبين من لم تكن كذلك، بكونها كالدائم في الثاني دون الأوّل.
[150] ـ وإن كان الأقوى عدم لزوم الاستئذان من الوليّ.
[151] ـ غير وارد في الأخيرة، فإنّ المطلّقة الرجعيّة زوجة، وأ مّا المنقطعة بعد الانقضاء فلا ينبغي الإشكال في عدم الإلحاق، وإنّما الإشكال بالنسبة إلى قبل الانقضاء، كما لا يخفى.
[152] ـ فيمن يكون منهم نجساً، كالكافر والمقصّر المعاند، دون من كان منهم طاهراً، كغير المسلم القاصر الذي هو الغالب فيهم.
[153] ـ على ما مرّ فيها من الترتيب بين الرأس والبدن، دون الأيمن والأيسر، وما في أخبار(أ) المسألة من البدأة بشقّه الأيمن ثمّ الأيسر، فالظاهر عدم التعبّد فيه، وأ نّه بيان لأمر متعارف مطلوب.
أ ـ وسائل الشيعة 2: 458، كتاب الطهارة، أبواب غسل الميّت، الباب 2، الحديث 11.
[154] ـ الأحوط في كيفية الاحتياط التيمّم أوّلا بدلا عن المجموع، ثمّ الإتيان بالثلاث على الترتيب بدلا عن كلّ واحد من الأغسال.
[155] ـ بل الأقوى.
[156] ـ الأقوائية ممنوعة بل صرفه في الغسل الأخير والتيمّم بدلا عن الأوّلين لا يخلو من وجه ; لكونهما المتعذّر، والأحوط إتيان الغسل بقصد ما في الذمّة والإتيان بتيمّمين بدلا عن الأوّلين قبله وبعده.
[157] ـ على الأحوط.
[158] ـ على الأحوط.
[159] ـ في القوّة منع، بل مشروعيته محلّ إشكال ; لما عن «المبسوط» و«الخلاف» إنّ عمل الطائفة على ترك ذلك، بل المحكي من ظاهر الأخير عدم المشروعية، فيكون ذلك سبباً لكون أخباره معروضاً عنها، بل في «الجواهر» إعراض المشهور نقلا وتحصيلا عنها، هذا مضافاً إلى موافقتها مع عامّة العامّة الذين يكون الرشد في خلافهم. وترك التشبّه بهم فيما تفرّدوا به مطلوب، فالأولى الأحوط تركه.
[160] ـ بل المتيّقن على الاستحباب قضاءً لما في صحيح حريز عن أبي عبدالله(عليه السلام): «الميّت يبدأ بفرجه ثمّ يوضأ وضوء الصلاة».
[161] ـ لا نصّ فيه لكنّه أحفظ لبدن الميّت من التلطّخ، فلا بأس به أدباً لا مستحبّاً.
[162] ـ مطلوب لبعض اُمور اعتبارية، لكنّها ليست مدركاً للحكم الشرعي، ولك أن تقول هذا أيضاً أدب لا مستحبّ.
[163] ـ وأن يلفّ الغاسل على يده اليسرى خرقة ويغسل فرجه على الأحوط، إن لم يكن الأقوى لزومه.
[164] ـ الأظهر فيه وفي القميص كفاية الصدق العرفي، نعم ما في المتن فيهما هو الأحوط.
[165] ـ وجلد الميتة.
[166] ـ الظاهر عدم الإشكال فيما كانت متّخذة للأهلية وكانت امرأته.
[167] ـ بل عدم الإجزاء غير بعيد.
[168] ـ حفظاً للستر والعفاف، وإلاّ فلا ترجيح لصلاتهم على الميّت على صلاتهنّ، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(أ).
أ ـ النحل (16): 97.
[169] ـ وإن كان الظاهر عدم لزوم الإذن ولا الاستئذان عليهما، لأنّ أولوية الوليّ ثابتة بالإضافة إلى الغير، لا بالنسبة إلى الميّت نفسه، ولا بالنسبة إلى وصيّته الصلاة مثلاً عليه لشخص معيّن، فإنّ أولوية الوليّ ناشئة من أولوية المولّى عليه على نفسه، فكيف تكون له الأولوية بالنسبة إليه نفسه ؟ فتدبّر جيّداً.
[170] ـ وإن كان الأقوى كفاية البناء على الأقلّ، وعليه لا يلزم الجمع بين الوظيفتين.
[171] ـ وإن كان التخيير في الصلاة إلى جهة واحدة لأ نّه متحيّر ; لا تخلو عن قوّة.
[172] ـ وإن كانت الاجتزاء بها لا يخلو عن قوّة.
[173] ـ وإن كان الترجيح غير بعيد.
[174] ـ مع كون الفساد جزئيّاً بمثل تغيّر الرائحة قليلاً، وإلاّ فالأقوى تقديم الدفن.
[175] ـ الأقوائية ممنوعة والواجب أصل الدفن، نعم الإلحاق أحوط.
[176] ـ بل منع.
[177] ـ بل المتعيّن فيما لم يندرس القبر بترك زيارته وطلب المغفرة له.
[178] ـ وإن كانت المفرّجة أفضل.
[179] ـ استحبابه محلّ تأ مّل، لكنّه إرشاد حسن، فبالكتابة يعرف القبر وصاحبه ويُزار.
[180] ـ أو إيذاء الأحياء.
[181] ـ وإن كان الأقوى الجواز، مع عدم إيجاب النقل محرماً، كإيذاء المسلمين.
[182] ـ وإن كان عدم الحرمة لا يخلو من وجه، نعم يكونان مكروهان.
[183] ـ والاُمّ والزوج والقريب غير الولد، وفي مصائب أهل البيت(عليهم السلام)لاسيّما سيّدنا الحسين(عليه السلام)، بل يكون الشقّ واللطم له مطلوباً.
[184] ـ بل وما لم يتّخذ كذلك على الأحوط.
[185] ـ بل منع فيما لم يكن زائداً على الثلث وكان مورداً للوصيّة.
[186] ـ لكن الأقوى الجواز، كما مرّ.
[187] ـ وإن كانت المشروعيّة فيها لا تخلو عن وجه.
[188] ـ بل ليله أيضاً.
[189] ـ وإن كان لا يخلو من وجه بل من قوّة.
[190] ـ الأولى.
[191] ـ وهو الظاهر.
[192] ـ الأولى.
[193] ـ وإن كان استحبابه فيه، وكذا في يوم المولود، وهو السابع عشر من ربيع الأوّل، وكذا التاسع منه لا يخلو عن وجه. وعلى هذا فإتيان تلك الأغسال الثلاثة بقصد الورود والاستحباب لا بأس به.
[194] ـ ويومه.
[195] ـ وكذا الدخول في سائر المشاهد المشرّفة وإن كان الأحوط الأولى فيها الإتيان رجاءً.
[196] ـ وإن كانت الكفاية غير بعيدة.
[197] ـ بل الرمي أيضاً.
[198] ـ على الأحوط الأولى.
[199] ـ على الأحوط.
[200] ـ بل لا يخلو من وجه.
[201] ـ فلا يبعد صحّة صلاته وإن كان الأحوط ما في المتن.
[202] ـ وإن كان الأقوى عدم لزومه، وكذا إعادة الصلاة.
[203] ـ على الأحوط، وإن كان الأقوى عدم وجوب الإعادة.
[204] ـ على الأحوط فيه وفي الفرع الذي بعده.
[205] ـ على الأحوط.
[206] ـ بل الأقوى.
[207] ـ بل يجب بمثل إعطائها الماء، وإن كان وجوب الحفظ بأنواع اُخر ومراتب اُخرى محلّ كلام وبحث، وتفصيله في محلّه.
[208] ـ في المثالين إشكال ; لأنّ احترام الأخير مربوط بالحكومة، وإلاّ فدمهم ونفسهم محترم بالنسبة إلى البقية، ولذا لا يجوز لغير الحكومة قتلهما. وأ مّا الأوّل فلا دليل على عدم احترامه من رأس. نعم، إذا كان في حال الحرب فلا احترام له، لكن عدم الاحترام فيه غير مختصّ بالحربي، بل شامل لكلّ محارب في جبهة الحرب، فالخوف عليهم مسوّغ للتيمّم، ويشهد بل يدلّ على ذلك عموم ما في صحيحة ابن سنان، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، أ نّه قال: «إن خاف عطشاً فلا يهريق منه قطرة، فليتيمّم بالصعيد، فإنّ الصعيد أحبّ إليّ»(أ)، بل ربما ظهر من إطلاق كثير من الأصحاب تقديم حال الرفيق المحترم النفس ولو ذمّياً أو معاهداً وإن لم يضرّ تلفه به ولعلّه لاحترام النفس، وأ نّه من ذوي الأكباد الحارّة وسهولة أمر التيمّم، بل قضية إطلاق بعضهم الرفيق تناوله للحربي والمرتدّ ونحوهما.
أ ـ وسائل الشيعة 3: 388، كتاب الطهارة، أبواب التيمّم، الباب 25، الحديث 1.
[209] ـ وبعدها بلا فصل، بحيث لم يسع الوقت للتوضّي أو الاغتسال به.
[210] ـ بل لا يخلو من قوّة.
[211] ـ بل على الأقوى.
[212] ـ بل وبعد الاحتراق أيضاً.
[213] ـ جواز التيمّم به إذا كان منها لا يخلو من وجه. نعم، لا يجوز التيمّم به فيما يخرج من مثل الشجر.
[214] ـ وإن كان الأقوى الجواز.
[215] ـ على الأحوط فيهما وإن كانت الصحّة لا تخلو من قوّة.
[216] ـ على الأحوط.
[217] ـ الأقوائية ممنوعة، والأحوط الأداء كالقضاء، فهما سيّان في الاحتياط.
[218] ـ بل وإن لم تتعذّر.
[219] ـ على الأحوط، وإن كان عدم الاشتراط لا يخلو من وجه، نعم يجب مراعاة عدم السراية إلى ما يتيمّم به.
[220] ـ وعن الوضع مطلقاً.
[221] ـ على الأحوط.
[222] ـ على الأحوط، وإن كان الاكتفاء بالتيمّم الواحد في غير الجنابة كالجنابة ممّا لا يخلو عن قوّة، لما مرّ من كفاية مطلق الغسل عن الوضوء، وبذلك يظهر حكم الفروع المذكورة في هذه المسألة والمسائل الآتية.
[223] ـ وإن كان الأقوى التداخل كالغسل والوضوء.
[224] ـ وإن كان البطلان هو الأقوى.
[225] ـ بل الأقوى طهارتهما.
[226] ـ مرّ الكلام في المسألة السابقة.
[227] ـ في الخرء فقط، وأ مّا البول فالأحوط كونه كبول غير المأكول من ذي النفس السائلة، بل لا يخلو من وجه.
[228] ـ والمراد بالميتة معناه العرفي، وهو ما مات حتف أنفه مطلقاً ولو بحبس نفسه في مقابل المذبوح، لا غير المذكّى في مقابل المذكّى، وذلك لعدم الدليل على نجاسة غير المذكّى بمعنى المذبوح من دون الشرائط الشرعية، ولا على مانعيّته في الصلاة، فإنّ الموضوع في أدلّة النجاسة والمانعية الميتة الظاهرة في معناها العرفي، وما استدلّ به للعمومية فيها من بعض الأخبار غير تامّ، كما يظهر لمن راجعه في محلّه في الكتب الفقهية المفصّلة، نعم حلّية الأكل منوطة بإحراز التذكية، أي الذبح بشرائطها الشرعية، فمع عدم الإحراز فضلاً عن إحراز العدم يحرم الأكل، قضاءً لشرطية التذكية في الأكل بالضرورة، وللأخبار الدالّة على لزوم الإحراز، ووجوب الاجتناب مع الشكّ فيها.
وعلى هذا فالمأخوذ من سوق المسلمين أو من يد المسلم محكوم بالتذكية مطلقاً، فيحلّ أكله فضلاً عن طهارته وعدم مانعيّته للصلاة، من دون فرق بين كون الشكّ من ناحية رعاية الشرائط أو من ناحية الذبح في مقابل الموت حتف أنفه، وذلك لكون السوق أو اليد حجّة عليها، وأ مّا المأخوذ من سوق الكفّار وما يكون حجّة على عدم التذكية، فإن كان الشكّ فيه من ناحية رعاية الشرائط الشرعية في المذبوح فمحكوم بعدم التذكية وحرمة الأكل فقط دون النجاسة والمانعيّة ; لما مرّ، وإن كان الشكّ فيه من ناحية الموت والذبح، فمحكوم بكونه ميتة محرّمة نجسة مانعة في الصلاة.
وممّا ذكرناه يظهر أنّ ما في المسألة الرابعة من الحكم بالنجاسة للمشكوك تذكيته الشامل للشكّ في رعاية الشرائط الشرعية في المذبوح إن لم يكن ظاهراً فيه غير تامّ، وإنّ الحكم بالنجاسة مختصّ بالميتة، وبالمشكوك أصل ذبحه، لا غير المذكّى المشكوك فيه رعاية الشرائط الشرعية المعتبرة في التذكية.
[229] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الحكم بالتذكية لا يخلو من وجه.
[230] ـ إن لم يكن في سوق المسلمين وبلادهم، وإلاّ فالحكم بالطهارة والتذكية لا يخلو من وجه، وإن كان الأحوط الاجتناب، لمظنّة الإجماع.
[231] ـ بل الأقوى.
[232] ـ الرجحان ممنوع.
[233] ـ أ مّا ماء الشعير الذي يستعمله الأطبّاء في معالجاتهم ليس من الفقّاع فهو طاهر حلال.
[234] ـ عن جحود وإنكار مع العناد الديني، ومثله الشاكّ الملتفت المقصّر في الفحص والتفتيش في تحصيل الاعتقاد بحقّانية الإسلام، وهذا هو المراد منه أيضاً في جميع أبواب النجاسات والمطهّرات، وبالجملة القاصرين من غير المسلمين وكذا المقصّرين من دون العناد الديني لا دليل على نجاستهم، بل الظاهر طهارتهم.
[235] ـ على الأقوى.
[236] ـ بل الأقوى مع الهتك، كما أنّ الأقوى عدمه مع عدمه.
[237] ـ إطلاقه محلّ تأ مّل، بل فيه تفصيل بيّناه في التعليقة على «العروة» في المسألة الثالثة من مسائل إزالة النجاسة عن البدن في الصلاة.
[238] ـ وإن كان عدم الجريان لا يخلو من قوّة، فإنّ دعوى الخروج عن المسجدية دعوى ممكنة بل صحيحة.
[239] ـ هذا في ناسي الموضوع، وأ مّا ناسي الحكم تكليفاً أو وضعاً فعدم وجوب الإعادة والقضاء عليه لا يخلو من قوّة.
[240] ـ في الفلاة، وأ مّا في غيرها فالأقوى وجوب الصلاة في الساتر النجس، لكنّ الاحتياط بالقضاء في ثوب طاهر بعد تيسّره ممّا لا ينبغي تركه.
[241] ـ الأقوى.
[242] ـ على الأحوط الذي لا ينبغي تركه.
[243] ـ وإن كان الاكتفاء بقول الثقة لا يخلو من قوّة فضلاً عن قول العادل.
[244] ـ ما لم يبلغ درجة الاطمئنان الذي هو العلم العادي المعتبر عند العقلاء.
[245] ـ وإن كانت النجاسة فيه وفيما بعده من الفرع لا تخلو من قوّة لوجود خبر الثقة بالإجمال، وخبر الثقة حجّة كالبيّنة والشهادة.
[246] ـ ومثله ما لوكان مستند أحدهما الأصل الحاكم على الأصل المستند للآخر.
[247] ـ حجّية قوله، فيما إذا كان عند العقلاء دخيلاً في الاُمور ومورداً للاعتناء، لا تخلو عن قوّة.
[248] ـ والأقوى في جميع ذلك اعتبار عدم كونه متّهماً بعدم المبالاة، وإلاّ ففي حجّية قوله إشكال بل منع.
[249] ـ بل الأقرب التنجّس معها وأ نّه لا فرق في منجّسية المتنجّس بين قلّة الوسائط وكثرتها، وأنّ الأقوى منجّسيته مطلقاً كالنجس ; لعدم الفرق في حصول القذارة والنجاسة بواسطة الملاقاة للقذر والسراية، بين ما كان الساري القذر قذراً بلا واسطة بينه وبين النجس والقذر أصلاً، أو بوسائط ولو كثيرة ; لأنّ النجس والطاهر في الكتاب والسنّة أمران عرفيان كبقية العناوين، وليس لهما حقيقة شرعية، ومن المعلوم ترادف النجس مع القذر، والطاهر مع النظيف عند العرف، والقذارة غير حاصلة عند العرف إلاّ بالسراية من القذر، كما أنّ الطهارة حاصلة بإزالة العين مطلقاً ولو بغير الماء غالباً، كما يأتي بيانه مفصّلاً، وليس للشارع فيهما إلاّ ترتيب أحكام خاصّة، كعدم جواز الصلاة مع النجس، أو حرمة أكله وشربه، أو لزوم التعفير في تطهير الولوغ، وإلحاق بعض المصاديق تعبّداً وادّعاءً، كالكافر المعاند مثلاً، أو إخراج بعضها كذلك، أي الإخراج الادّعائي من القذرات بحسب أحكامها المختصّة به، مثل ماء الأنف وفضولاته.
وعلى هذا، فنظرهم في حصول القذارة والنجاسة من القذر بالعرض (أي المتنجّس)، من دون الفرق بين قلّة الوسائط وكثرتها، معتبر، إلى أن يحصل الردع على خلافه، كما لا يخفى، ولم يحصل في المسألة ردع بعد.
[250] ـ وإن كان الأقوى عدم الإجراء ولو بناءً على منجّسية المتنجّس ; لأنّ غاية الأمر في أدلّة المنجّسية له كون الملاقي له نجساً، وأ نّه يطهر بما يحصل به طهارة النجس مطلقاً، وأ مّا كونه بحكمه بحيث يلزم التعدّد في مثل الملاقي لملاقي البول مرّتين فلا دليل عليه، ويكون دونه خرط القتاد.
[251] ـ إجراء أحكام الولوغ فيه بالخصوص مطابق للاحتياط اللازم رعايته.
[252] ـ الأقوى.
[253] ـ حتّى في شبه النضح، وما يذكره (رحمه الله) في المسألة من الأقوائية في شبه النضح ممنوعة ومخالف لما عن جميل مرسلا، عن أبي جعفر(عليه السلام)(أ).
أ ـ وسائل الشيعة 3: 430، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 20، الحديث 4.
[254] ـ وإن كان القول بالعفو عنه أيضاً بالطريق الأولى، كما هو ظاهر المقدّس الأردبيلى قدّس سرّه في «المجمع»(أ) بل صريحه، لا يخلو من قوّة.
أ ـ مجمع الفائدة والبرهان 1: 328.
[255] ـ الاستدراك مبني على القول ببقاء النجاسة مع زوال العين، وأ مّا على المختار من كون الزوال من المطهرات في الجملة فلم يبقَ للاستدراك وجه في موارد حصول الطهارة بالإزالة.
[256] ـ وإن كان الجواز فيه لا يخلو عن قوّة.
[257] ـ وإن كان التخيير لها لكلّ صلاة من الصلوات اليومية، وعدم تعيّن الأوّل لا يخلو عن وجه.
[258] ـ التعدّي إلى تلك الموارد وجيه، بل لا يخلو عن قوّة، حيث إنّ الظاهر من الرواية ومن الاستدلال زائداً عليها، بالعسر والحرج، كون العفو على وفق القاعدة، أي قاعدة نفي الحرج، وكون الدين سهلاً سمحاً، فلا خصوصية لما في الرواية من السؤال عن بول المولود، ولا عن كونها امرأة، ولا عن أ نّها ليس لها إلاّ قميص، فإنّ الظاهر كون النظر في السؤال إلى العسر والحرج، وعدم السهولة في تطهير الثوب خمس مرّات لاسيّما في تلك الأزمنة، لا كون النظر إلى وجود التعبّد في مورد السؤال بخصوصه، كما لا يخفى.
وبالجملة باب الإلغاء في الرواية مفتوح ولا رادع ولا مانع له، نعم على الخصوصية وكون السؤال والجواب عن التعبّد الخاصّ، لابدّ إلاّ من الاقتصار على مورد النصّ، لكن على هذا أيضاً عليه، لما كان المولود المورد للسؤال في النصّ أعمّ من الصبي والصبية، فلابدّ من عدم الاختصاص بالصبي، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ المراد من القميص ما لها ضرورة إليه، وباليوم جميع أوقات الصلوات، والله يعلم.
وفي «شرح الإرشاد»: «ولا ينبغي التعدّي إلى المربّي ولا إلى الغائط ولا إلى سائر النجاسات ولا البدن»(أ)، لمكان «لا ينبغي» ففيه إشعار بعدم الاختصاص تأييداً للمختار، فتدبّر جيّداً.
أ ـ مجمع الفائدة والبرهان 1: 339.
[259] ـ بناءً على المعروف المدّعى عليه الإجماع، من عدم كفاية زوال عين النجاسة في طهارة الجوامد النجسة التي لا تنفذ فيها النجاسة، ومن أنّ الجوامد كالمائعات، فالطهارة فيها محتاجة إلى المطهّر زائداً على زوال العين، وإلاّ فبناءً على الكفاية فالطهارة حاصلة بنفس الإزالة من دون احتياج معها إلى الماء أو المطر، إلاّ فيما قام الدليل على اعتبار خصوصية في تطهيره بما يكون ظاهراً في عدم كفاية الإزالة وحدها، مثل ممرّ البول، ففي صحيحة زرارة: «ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنّة من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأ مّا البول فإنّه لابدّ من غسله»(أ)، ومثل الآنية المتنجّسة بالولوغ المعتبر في طهارته التعفير زائداً على الغسل، أو بشرب الخنزير منه، أو بموت الجرذ فيه، ممّا اعتبر في طهارته السبع، بل ومطلق الأواني المتنجّسة، حيث اعتبر في طهارتها بالماء القليل الغسل ثلاثاً، ممّا يزيد على الإزالة قطعاً.
ثمّ إنّ مقتضى الصناعة الفقهية والقواعد والأدلّة كفاية الإزالة، وذلك لوجوه:
أ ـ وسائل الشيعة 1: 315، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، الباب 9، الحديث 1.
أحدها: إلغاء الخصوصية العرفية من موارد النصّ والفتوى على الاكتفاء بالإزالة فيها إلى غيرها من الجوامد المماثلة لتلك الموارد، مناسبة للحكم والموضوع وأخذاً بالقدر الجامع منها، لما في كثرتها الدلالة على عدم الخصوصية فيها، وأنّ الاعتبار بالجامع من طهارة باطن النعل والقدم بالمشي على الأرض، ومن طهارة الأرض مع الرطوبة بجفافها بالشمس، ومن طهارة بدن الحيوان بزوال النجاسة عنه، ومن غيرها ممّا مضى ذكره في التعليقة على المسألة التاسعة من مسائل (القول في كيفية التنجّس بها) من المتن.
ثانيها: ما دلّ على أنّ الله جعل الأرض مسجداً وطهوراً(ب)، أو أنّ الله جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً (ج)، فإنّها تدلّ على الكفاية أيضاً ; لأنّ الطهور أعمّ من الطهارة الحدثية والخبثية، ففي «الخلاف» في معنى الطهور عندنا: «إنّ الطهور هو المطهّر المزيل للحدث والنجاسة... إلى أن قال: والذي يتصوّر التزايد فيه أن يكون مع كونه طاهراً مطهّراً مزيلاً للحدث والنجاسة»(د).
وبما أنّ الطهارة في العرف عبارة عن نقائها عن القذارات، والأرض كالماء مؤثّرة في إزالتها وإرجاعها إلى حالتها الأصلية وزوال العلّة، فالطهارة
ب ـ وسائل الشيعة 3: 350، كتاب الطهارة، أبواب التيمّم، الباب 7، الحديث 1 ـ 4.
ج ـ وسائل الشيعة 3: 385، كتاب الطهارة، أبواب التيمّم، الباب 23، الحديث 1.
د ـ الخلاف 1: 49، المسألة 1.
حاصلة به. وبالجملة، هذه الطائفة تدلّ على عدم اختصاص الطهور بالماء، وفيها شهادة على ما عند العقلاء في ماهية الطهارة والقذارة.
ثالثها: ما دلّ على مطهّرية غير الماء لبعض النجاسات، كصحيحة زرارة قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجل وطأ على عذرة فساخت رجله فيها، أينقض ذلك وضوئه ؟ وهل يجب عليه غسلها ؟ فقال: «لا يغسلها إلاّ أن يقذرها، ولكنّه يمسحها حتّى يذهب أثرها ويصلّي»(ه…).
ولا يخفى قوّة دلالتها، فإنّ العذرة ظاهرة وضعاً أو انصرافاً فيما للإنسان أو الأعمّ منها، وممّا لغير المأكول من السباع كالكلب والسنّور، وحملها على عذرة مأكول اللحم خلاف الظاهر جدّاً، كما أنّ حمل المسح على المسح بالأرض خلاف ظاهرها، بل الظاهر منها أنّ كلّ ما أذهب أثرها كاف، والميزان فيه ذهاب الأثر بأيّ نحو كان، ولازمه عدم السراية حكماً مطلقاً.
بل يمكن دعوى حكومة هذه الرواية على الروايات الواردة في غسل ملاقي القذارات، بدعوى أنّ في قوله(عليه السلام): «لا يغسلها إلاّ أن يقذّرها» دلالة على أنّ الأمر بالغسل فيها لرفع القذارة العرفية بجميع مراتبها، وأنّ المعتبر لدى الشارع ليس إلاّ ذهاب الأثر كيف ما كان، فليست للماء خصوصية شرعية. وكغيرها مما جمعها الاُستاذ (رحمه الله) (من صفحة 12 إلى أواخر صفحة 15 من الجزء الرابع من كتاب «الطهارة»).
رابعها: الأخبار المتفرّقة الظاهرة في عدم السراية، وعليك بمراجعة كتاب
ه… ـ وسائل الشيعة 3: 458، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 32، الحديث 7.
«الطهارة» للاُستاذ الإمام الخميني (رحمه الله) (الجزء الرابع من صفحة 11 إلى صفحة 20) في تفصيل الوجهين الأخيرين، بل الأوّلين أيضاً، ولقد أفاد في أخبارها وبيانها، وبسط الكلام فيها بما لا مزيد عليه، حيث قال بعد نقل أخبار الوجه الثالث ما هذا لفظه: «ومن ضمّ تلك الروايات الكثيرة وغيرها ممّا لم نذكره يحصل الجزم، لو خليت الواقعة عن دليل تعبّدي. بأنّ التنظيف عند الشارع ليس إلاّ ما لدى العقلاء، وأنّ الأمر بالغسل بالماء فيما ورد إنّما هو لسهولة تحصيل الطهور به، ولوفوره، ولكونه مع مجانيّته أوقع وأسهل في تحصيله، ومعه لا يفهم من الأدلّة الآمرة بغسل الأشياء بالماء خصوصية تعبّدية، ولا يفهم العرف أنّ التطهير والتنظيف لدى الشارع غير ما لدى العقلاء، وأنّ الطهارة عنده ليست عبارة عن خلوّ الشيء عن القذارة العارضة، بل هي أمر آخر ليس للعقلاء إلى فهمه سبيل، فإنّ كلّ ذلك بعيد عن الأفهام، مخالف لتلك الروايات الكثيرة، يحتاج إثباته إلى دليل تعبّدى رادع للعقلاء عن ارتكازهم، ولا تصلح الروايات الآمرة بالغسل لذلك، لما عرفت»(و).
وأ مّا ما ذكره في التحقيق في المقام من قوله: «لكن الإنصاف عدم خلوّ كثير من تلك الأخبار من المناقشة، إمّا في السند، أو في الدلالة، أو الجهة لو حاولنا ذكرها تفصيلاً لطال بنا البحث، كما أنّ الإنصاف خلوّ بعضها منها، لكن مع ذلك كلّه لا يمكن الاتّكال في تلك المسألة التي عدّت من الضروريات على تلك
و ـ الطهارة، الإمام الخميني 4: 15.
الأخبار المعرض عنها، أو عن إطلاقها خلفاً عن سلف، وقد مرّ منّا مراراً أنّ دليل حجّية أخبار الثقة ليس إلاّ بناء العقلاء مع إمضاء الشارع، ومعلوم أنّ العقلاء لا يتّكلون على أخبار أعرض عنها نقلتها وغيرهم، بل ادّعى جمع من الأعاظم الإجماع على تنجيس المتنجّس فضلاً عن النجس»(ز).
ففيه: أوّلاً: أ نّه (رحمه الله) عدّ مسألة سراية النجاسة من الضروريات، وهو غير واقع في محلّه، مع أنّ المحكي عن الحلّي عدم منجّسية المتنجّس، ومع ما ذكره السيّد علم الهدى في «الناصريات» في مقام الاستدلال بجواز استعمال المائعات الطاهرة غير الماء في تطهير الثوب، بأنّ تطهيره ليس إلاّ إزالة النجاسة عنه(ح).
ومع ما حكي «المعتبر» عنه من جواز تطهير الأجسام الصيقلية بزوال العين، ففيه:
«مسألة: والصيقل لا يطهر بالمسح وإن أزال العين، وقال المرتضى: يطهر، قال الشيخ: ولست أعرف به أثراً لنا: أنّ حصول النجاسة به معلوم، وزوال حكمها يفتقر إلى مستند، ومع عدمه فالحكم باق، ولأنّ المسح يزيل عين النجاسة الظاهرة وتبقى أجزاء لاصقة لا يزيلها إلاّ الماء، ولأنّ النجاسة يتعدّى حكمها إلى الملاقي، فلا يزول بزوال عين النجاسة»(ط).
ز ـ الطهارة، الإمام الخميني 4: 20.
ح ـ الناصريات: 105.
ط ـ المعتبر 1: 450.
ومع ما يظهر من أدلّته من عدم كون الحكم مورداً للنصّ ولا الإجماع، فضلاً عن الضرورة، حيث استدلّ بأنّ النجاسة معلومة... إلى آخر ما ذكره. ممّا فيه الشهادة على عدم وضوح المسألة فضلاً عن الضرورة.
ومع ما في «المفاتيح» للمحدّث الكاشاني ففيه: «إنّما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة، وأ مّا ما لاقى الملاقي لها بعدما اُزيل عنه العين بالتمسّح ونحوه، بحيث لا يبقى فيه شيء منها، فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة، على أ نّا لا نحتاج إلى دليل في ذلك، فإنّ عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب، إذ لا تكليف إلاّبعد البيان، ولا حكم إلاّ بالبرهان»(ي).
وقال في موضع آخر بعد ذلك: «يشترط في الإزالة إطلاق الماء على المشهور، خلافاً للسيّد والمفيد، فجوّزا بالمضاف، بل جوّز السيّد تطهير الأجسام الصيقلة بالمسح بحيث تزول العين ; لزوال العلّة، ولا يخلو من قوّة، إذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب أعيان النجاسات، أ مّا وجوب غسلها بالماء عن كلّ جسم فلا،فكلّ ما علم زوال النجاسات عنه قطعاً حكم بتطهيره، إلاّ ما خرج بالدليل، حيث اقتضى فيه اشتراط الماء كالثوب والبدن»(ك).
وثانياً: إنّ ما ذكره من عدم خلوّ كثير من النصوص... إلى آخره، ففيه: مع أنّ ادّعاء عدم خلوّ الكثير من الأخبار من المناقشة سنداً أو دلالة أو جهة فعهدته
ي ـ مفاتيح الشرائع 1: 75، المفتاح 84.
ك ـ مفاتيح الشرائع 1: 77، المفتاح 87.
عليه، وإلاّ فكثير من المناقشات غير واردة، ونترك البحث عن ذلك خوفاً من التطويل، لأنّ في الاثنين أو الثلاث من الأخبار كفاية، فضلاً عن الكثير من تلك الأخبار الكثيرة التي تزيد على الاستفاضة وتقرب إلى المتواترة.

وثالثاً: إنّ إعراض الأصحاب عنها خلفاً عن سلف غير ثابت بل عدمه ثابت، كيف وليست المسألة أعني سراية المتنجّس وعدم حصول الطهارة بزوال عين القذر مورداً للتعرّض في كلماتهم، بل فضلاً عن كونه مورداً للسؤال والجواب في الأخبار، مع أ نّها مسألة فقهية ذات فروع كثيرة، وفضلاً عن الإعراض عن تلك الأخبار الواردة في أبواب مختلفة على عدم السراية المستدلّ بها، كيف ولم يدّع بنفسه رحمه الله الإجماع، ولم ينقله إلاّ من جمع من الأعاظم، وهم ليسوا بأزيد من مثل صاحب «المستند» و «الجواهر» والشيخ الأعظم في «الطهارة» والهمداني في «مصباح الفقيه».
وفي الأخير قال: «وكيف كان، فالذي يمكن أن يستدلّ به للسراية اُمور: الأوّل: إجماع العلماء عليها خلفاً عن سلف، كما يكشف عن ذلك إرسالهم إرسال المسلّمات التي لا يشوبها شائبة إنكار، مع تصريح جملة منهم بكونها إجماعية»(ل).
والإجماعات المنقولة من مثل ابن إدريس ومن بعده، بل من مثل المتأخّرين عن الشيخ والتابعين له غير حجّة، لأ نّه لم يكن عندهم إلاّ مثل ما عندنا، فكيف حال هؤلاء الأعاظم ؟ هذا مع ما في «المستند» من نقله الخلاف ففيه:
ل ـ مصباح الفقيه 1: 577.
«والمتنجّس كالنجس منجّس لما يلاقيه مع الرطوبة المذكورة بالإجماع، وخلاف بعض الطبقة الثالثة فيه غير قادح»(م).
ومع ما في إثبات ما في «الجواهر»(ن) من كون قول المحدّث الكاشاني مخالفاً لإجماع الفرقة الناجية، بل إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين، دونه خرط القتاد، لما مرّ من مخالفة مثل الحلّي والسيّد علم الهدى في «الناصريات» وفي غيره، ومع استدلاله في مطهرية المائعات بأنّ الطهارة تحصل بالإزالة.
ومع ما عن غيره ممّا بيّناه، ومن المحتمل خلط «الجواهر» مسألة عدم منجّسية المتنجّس بمسألة اعتبار الغسل في البول، حيث إنّه نقل تفرّد الكاشاني في ذيل تلك المسألة استطراداً، فتأ مّل.
هذا كلّه مع ما في «مصباح الفقيه» للعلاّمة الهمداني(ص) من ردّه الاستدلال بالإجماع بما لا مزيد عليه، فراجعه. وقد أفاد في كلامه هناك وجه حجّية الإجماع بما هو حقيق قابل للتحقيق.
هذا قليل من كثير في البحث عن المسألة، فمقتضى القواعد الفقهية فيها حصول الطهارة في الأجسام الجامدة بمحض زوال العين، بماء كان، أو بأرض، أو تراب، أوبقرطاس، أو ثوبه أو بغيرها من الأشياء المزيلة للعين.
م ـ مستند الشيعة 1: 241.
ن ـ جواهر الكلام 2: 15.
ص ـ مصباح الفقيه 1: 577.
وعليه فالملاقي الجامد للنجس لا يصير نجساً بمحض الملاقاة، إلاّ أن يسري إليه من عين النجس شيئاً، وهذا بخلاف ما كان الملاقي له مائعاً، فإنّه يصير نجساً ; قضاءً للأخبار الكثيرة، لصيرورته بذلك قذراً عند العرف والعقلاء، كما لا يخفى.
كما أنّ مقتضى الأخبار والأدلّة عدم حصول الطهارة بالإزالة في ممرّ البول ولا في الولوغ وغيره، ممّا دلّ الدليل على اعتبار خصوصية في تطهيره من التعفير أو الغسل ثلاثاً أو سبعاً، ففي اعتبار الخصوصية دلالة واضحة على عدم كفاية الإزالة، وإعمال الشارع التعبّد الخاصّ في الطهارة والمطهّرية في تلك الموارد.
[260] ـ الأقوى.
[261] ـ الظاهر عدم كفاية الإزالة في تحقّق الطهارة في الأواني التي تستعمل في الأكل والشرب، بل لابدّ فيها من الغسل متعدّداً، أو مرّة واحدة على اختلاف الموارد، وذلك قضاءً لموثّق عمّار الساباطي(أ)، بل لأنّ الطهارة العرفية في مثل تلك الأواني عندهم موقوفة على الغسل، فإنّ حصول النظافة مختلف في نظر العرف باختلاف الموارد، كما يظهر على مَن راجعهم وراجع سيرتهم في نظافة الأشياء وطهارتها.
هذا في أواني الأكل والشرب، وأ مّا غيرها من الأواني فالإزالة فيها كافية، اقتصاراً على موارد النصّ، فراجع الموثّق.
أ ـ وسائل الشيعة 3: 497، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 53، الحديث 1.
[262] ـ وإن كان مساواته في التطهير بهما مع غيره من المتنجّسات غير خال من الوجه بل من قوّة.
[263] ـ مرّ كفاية الزوال في الطهارة، وعليه فلا احتياج إلى تطهيره بالغسل بعد الزوال.
[264] ـ في الثوب والبدن ومرّة في غيرهما.
[265] ـ وإن كان عدّها منهما حيث لا يبقى بعدها شيء لا يخلو من وجه.
[266] ـ بل يكتفي به على الأقوى.
[267] ـ الذي لا ينبغي تركه، لكن الظاهر التخيير بينهما من المسح بالتراب الخالص والغسل بصبّ ماء عليه، بحيث لا يخرجه عن صدق التراب.
[268] ـ بل هو الأقوى، إلاّ في اللعاب بلا ولوغ، فالإلحاق فيه ممنوع، والاحتياط مرغوب.
[269] ـ وإن كان عدم اعتباره لا يخلو عن وجه.
[270] ـ بل منع، فيحكم معه بالنجاسة.
[271] ـ بل الأقوى.
[272] ـ وإن كان الظاهر عدمه.
[273] ـ لا خصوصية له كما لا خصوصية للنعل، بل تحصل الطهارة بالأرض بزوال عين النجاسة بها لكلّ نجس زالت نجاسته بالمسح أو المشي بها، وذلك لأنّ مطهرية الأرض ليست تعبّدية مختصّة بها حتّى تقتصر على مورد الروايات أو القدر المتيقن منها، بل تكون من جهة مطهّرية الإزالة، فإنّها من أسباب الطهارة، وبذلك يظهر عدم الإشكال في عدم لزوم المماسّة مع زوال النجاسة قبل المشي والمسح، وعدم لزوم الاحتياط بأقلّ مسمّى المشي والمسح، أو الاحتياط بالاقتصار على ما إذا حصلت النجاسة من المشي على الأرض النجسة، وتكون المبطلية بمثل القير والمفروشة بالخشب وأمثالهما ملحقاً بالأرض في المطهّرية.
[274] ـ الأولى، وإن كان عدم القصر لا يخلو من قوّة.
[275] ـ الأقوائية فيه ممنوعة، وإنّما المعتبر عدم الرطوبة المسرية الموجبة لزيادة النجاسة ومماسّة النجس بالنجس مع الرطوبة.
[276] ـ وإن كان إلحاق مطلقه غير بعيد، إلاّ فيما لم يكن له ثبات.
[277] ـ بل الأقرب تطهّر السفينة والطرّادة والعرّادة بها، فضلاً عن مثل الكاري والجلابية والقفّة، ممّا ليست الطهارة فيها مورداً للدقّة عرفاً، بخلاف مثل التفاح المأكول، فتدبّر جيّداً.
[278] ـ بل الأقرب حصول الطهارة فيهما.
[279] ـ في تطهّرهما بها لاسيّما الحصر إشكال.
[280] ـ بل على الظاهر.
[281] ـ من حيث الباطن، وإلاّ فظاهره صار طاهراً بالإزالة على المختار.
[282] ـ إلاّ مع العلم باستحالة ذلك النجس وتحوّله عن اسمه بصيرورته خلاً، هذا في وقوع عين النجس أو المتنجّس المستحيل كذلك. نعم، الإناء إذا صار نجساً بالنجس أو المتنجّس فطهارة الخمر محلّ إشكال، والأحوط الاجتناب.
[283] ـ المعاند.
[284] ـ مع عدم تمييزه أو عدم إظهاره الكفر عن عناد مع التمييز، مع كونه في كفالته، وإلاّ فالنجاسة مع التمييز والكفر لا يخلو من وجه.
[285] ـ أو المتنجّس.
[286] ـ بل بالنسبة إلى كلّ متنجّس، فإنّه الأصل إلاّ ما خرج بالدليل، كما مرّ تحقيقه في مطهّرية المطر، فراجع.
[287] ـ جريان الحكم مع الجهل أو عدم الاعتقاد أو التسامح موقوف على تحقّق زوال النجس.
[288] ـ أي المحكومين منهم بالنجاسة، وهم المعاندون منهم، لا مطلقهم كما مرّ.
[289] ـ أي الكفّار مطلقاً المساوق مع عدم الإسلام، لكونه بذلك المعنى العامّ موضوعاً لما ذكره من أحكام الجلود والشحوم، وهذا بخلاف مسألة نجاستهم، فإنّها مختصّة بالمعاند المقصّر منهم على المختار.
[290] ـ من حيث احتمال الموت بحتف أنفه، وإلاّ فمع كون الشكّ في رعاية شرائط التذكية بعد العلم بالذبح، وعدم كونه ميتة عرفية، فليس محكوماً بالنجاسة ; لعدم الدليل على نجاسة غير المذكّى بما هو غيرالمذكّى، وإنّما الدليل قائم على نجاسة الميتة العرفية فقط.
[291] ـ لأنّ المتفاهم العرفي من حرمة الأكل من آنية، حرمة مجموع ما هو دخيل فيه بحرمة واحدة.
[292] ـ الأظهر.
[293] ـ خالصاً وإلاّ فمع عدم الصدق مطلقاً بحيث صار حقيقة ثالثة، فالأحوط الاجتناب، وإن كان الجواز غير بعيد.
[294] ـ القدر المتيقّن هو ما يستعمل في الأكل والشرب، فالحكم في غيره البراءة.
[295] ـ وإن كان الجواز لا يخلو من قوّة.
[296] ـ بل على عدم تلك البناء أيضاً، لصدق الأكل من الآنية المحرّمة، فإنّه أعمّ من المباشرة والتسبيب في مقدّماته.
[297] ـ على الأحوط.
[298] ـ وإن كانت الصحّة مطلقاً لا تخلو من وجه.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org